بعد أن عبر عدد من القوى والأحزاب السياسية عن انتقادها وتحفظاتها على تشكيلة حكومة الحبيب الصيد، تلوح في الأفق إمكانية عدم حصولها على ثقة نواب الشعب بالأغلبية المطلقة، أي ب109 من إجمالي 217 صوتا. فقد قرر كل من حزب "آفاق تونس" (ليبرالي) وحركة النهضة (إسلامي) والجبهة الشعبية (يساري) و"المؤتمر من أجل الجمهورية" (يساري) عدم منح الثقة لتشكيلة الصيد خلال الجلسة العامة المرتقبة لمجلس نواب الشعب المقررة غدا الثلاثاء. وأفضى اجتماع عقده حزب "آفاق تونس"، اليوم الإثنين، للنظر في مسألة دعم التشكيلة الحكومية من عدمها، إلى قرار الحزب "عدم منح الثقة لحكومة الصيد"، وذلك وفقا لتصريح الناطق الرسمي للحزب، وليد صفر، لاذاعة "مواييك" (الخاصة). إذ أعلنت حركة النهضة، ثاني كتلة برلمانية، في بيان أمس، عن عدم دعمها لتشكيلة الحكومة؛ "لأنها لا تعبر عن تنوع المشهد السياسي التونسي، وما تحقق فيه من مكاسب مهمة في السنوات الأخيرة"، على حد قولها. ورأت أن الحكومة "لا تستجيب لمتطلبات المرحلة وما تقتضيه من إصلاحات يتوقف عليها مستقبل البلاد وانتظارات التونسيين تحقيقا لاهداف الثورة " كما أعربت الجبهة الشعبية عن عدم دعمها لتشكيلة الصيد المقترحة، وذلك "لعدم استجابتها للحد الادنى من استحقاقات المرحلة"، بجانب وجود "تحفظات على بعض اعضاء الحكومة لارتباط بعضهم بالنظام السابق أو بسبب شبهات فساد"، بحسب ما صرح به زهير حمدي، الأمين العام للتيار الشعبي، لوكالة تونس أفريقيا للانباء. كذلك قرر حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، في بيان الأحد، عدم دعم تشكيلة الصيد، "محملا الحزب الفائز بالأغلبية (نداء تونس - علماني) المسؤولية الكاملة على فشل هذه الحكومة في الحصول على ثقة مجلس الشعب". من جهة أخرى تعرف حركة نداء تونس خلافات داخلها بشأن تركيبة الحكومة، فكتلة نداء تونس البرلمانية تعتبر أن الحكومة التي تم تشكيلها لا ترتقي إلى تطلعاتها ولا إلى طموحات أو تطلعات الشعب التونسي، وتحمل عددا من النقائص والإخلالات. ومع تباين المواقف بشأن تشكيلة حكومة الصيد، يبقى على حركة نداء تونس جمع 109 من أصوات نواب الشعب ال217 حتى تنال الثقة وتباشر مهامها، في ظل امتلاك الحركة 86 مقعدا، إضافة إلى أن الاتحاد الوطني الحر، الذي حصل على 3 حقائب وزارية، وهي السياحة وشؤون الشباب والرياضة والاستثمار والتنمية الاقتصادية، يمتلك 16 مقعدا. ويجب على نداء تونس ضم باقي أصوات المستقلين في مجلس نواب الشّعب، والبالغ عددهم 24 نائبا، حتى تحصل تشكيلة الحكومة على الأغلبية. وقال المحلل السياسي التونسي، نور الدّين المباركي، لوكالة الأناضول، إن "تونس اليوم أمام أزمة سياسية حقيقة، فقبل مدة كان هناك حديث عن ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، لنجد أنها تفتقر اليوم للدعم الحزبي والسياسي مع إمكانية تأجيل الجلسة الخاصة بمنحها الثقة". وأضاف المباركي أن "خلفية المواقف السياسية الرافضة لمنح الثقة لحكومة الصيد تتعلق بغياب التمثيل الحزبي الواسع لهذه الحكومة، وفي المقابل لم يكن هناك حديث عن برنامجها ولا عن خططها المتعلقة بكيفية التعاطي مع الملفات المستعجلة". وتابع أنه "بعد 3 أسابيع من المُشاورات حول هوية الحكومة وبرامجها لم تكن هناك أية خلافات، وإنما ظهرت مباشرة عندما تعلق الأمر بتوزيع الحقائب الوزارية، فحينها أصبح كل حزب يبحث عن وجوده في الحكم أكثر من بحثه في برنامج الحكومة وفي مدى قدرتها على حل المشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية". ومضى قائلا إنه "على هذه الأحزاب أن توضح مفهوم الوحدة الوطنية، وتضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، وعدم المشاركة في الحكم لا يعني تعطيل هذه الحكومة". وفيما يتعلق بمسألة نيل الثقة، رأى المباركي أن "حكومة الحبيب الصيد لا تبحث عن الحصول على الثقة ب109 أصوات فقط، وإنما ترغب في دعم حزبي وسياسي واسع، وهو ما يبقى مستحيلا أمامها". وينص الفصل 89 من الدّستور التونسي على أنه "عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية (الباجي قايد السبسي الزعيم السابق لحزب نداء تونس) في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر". وإذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة لتشكيلة الحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما". وكان رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد أعلن الجمعة الماضي عن تشكيلة حكومته التي تضم 24 وزيرا و15 كاتب دولة.