بالتزامن مع الغموض, الذي يكتنف المشهد السياسي المتأزم باليمن, كشف موقع "المونيتور" الإخباري الأمريكي أن الولاياتالمتحدة تنسق استخباراتيا مع جماعة الحوثي, التي تسيطر حاليا على مقاليد الأمور في هذا البلد العربي. ونقل الموقع في تقرير له في 25 يناير عن مايكل فيكرز مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشئون الاستخبارات قوله :" إن جماعة الحوثي تناصب تنظيم القاعدة العداء، وهو ما ساعدنا على مواصلة تنفيذ بعض عملياتنا الخاصة بمكافحة إرهاب ذلك التنظيم خلال الأشهر الماضية". وأضاف فيكرز - حسب الموقع - أنه غير متيقن من نوايا الحوثيين بعد استيلائهم على مؤسسات الدولة, ومحاولتهم حكم بلد ممزق كاليمن، قائلا :"لا أدري إن كان هدفهم الاستيلاء على الدولة وممارسة نفوذهم وإعادة صياغة البلد على النحو الذي يرون أنه يتوافق أكثر مع مصالحهم". كما نقل الموقع عن الخبير الأمريكي في شئون اليمن شارلس شميتز قوله :" إن دعم جماعة الحوثي الهجمات الأمريكية ضد تنظيم القاعدة في اليمن هو من قبيل تحالف المصالح"، مضيفا " الجزء الصعب الآن يكمن في التفاوض بحصافة مع السعوديين, وإقناعهم بالموافقة على أن يكون للحوثيين مزيد من النفوذ في الحكومة اليمنية، ربما لا تكون للسعوديين خيارات كثيرة". وبدورها, أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إلى أن استراتيجية الولاياتالمتحدة لمكافحة الإرهاب تواجه انتكاسة صارخة، وذلك في أعقاب استقالة حليفها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تحت ضغط من الحوثيين، وهم الجماعة المتمردة في اليمن, والموالية لإيران. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 25 يناير أن مسئولين أميركيين وصفوا الأوضاع الراهنة التي يمر بها اليمن بأنها تبعث على القلق، وأن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لم تبد أي إشارة إلى الطريقة التي يمكن من خلالها تعديل استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب في اليمن. وتابعت الصحيفة أنه لا يبدو أن هناك خططا أمريكية لسحب فوري لقوات العمليات الخاصة الأمريكية أو الطائرات بلا طيار التي تجوب أجواء اليمن بشكل روتيني. وأوضحت أن الولاياتالمتحدة تحتاج إلى فهم أوضح للأزمة التي تتفاقم في اليمن قبل اتخاذ أي قرارات جديدة، وقبل المضي قدما بأي شكل من الأشكال في مكافحة الإرهاب في البلاد. وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية إلى أن مطلعين على الأمن القومي الأمريكي يرون أن ما يشهده اليمن من سيطرة للحوثيين على البلاد يمثل "نصرا كبيرا" بالنسبة لإيران. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 25 يناير أن إدارة أوباما تواجه انتقادات لتساهلها في المحادثات النووية مع إيران، ولوجود تنسيق مشترك بين واشنطنوطهران ضد تنظيم الدولة في العراق. ونسبت الصحيفة إلى مصادر في الكونجرس الأمريكي قولها إنها تشتبه في أن فيلق القدس أو قوة النخبة في الحرس الثوري الإيراني يقوم بتهريب أسلحة وقذائف صاروخية وأسلحة أخرى إلى المتمردين الحوثيين الشيعة منذ عام 2012. وأضافت الصحيفة أن محللين يرون أن إيران تهدف إلى جعل الحوثيين في اليمن حليفا ووكيلا لها، تماما كما هو حال طهران مع حزب الله في لبنان. ومن جانبها, حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، من احتمال اندلاع حرب أهلية في اليمن, وسط اتساع دائرة الاضطرابات بعد تنحي الرئيس عبد ربه منصور هادي. وقالت الصحيفة في تقرير لها في 25 يناير إن قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته بالتنحي أنتج مزيدا من عدم اليقين حول مستقبل اليمن، الذي يوجد به فرع قوي لتنظيم القاعدة. ويشهد اليمن حالة فراغ سياسي بعد استقالة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ورئيس الحكومة خالد بحاح في 21 يناير, على خلفية ضغوط مسلحي جماعة الحوثيين. وعلى خلفية ذلك الفراغ المؤسساتي, شهدت العاصمة صنعاء وعدة مدن يمنية أخرى مظاهرات متواصلة, رفضا لسيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة ومؤيدة للرئيس المستقيل. وتعيش محافظات اليمن الجنوبية حالة تأهب واستنفار على المستويين الرسمي والشعبي ترقبا لما ستؤول إليه الأوضاع في صنعاء بعد استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وسط دعوات للانفصال عن الشمال استغلالا لما يراه الجنوبيون "لحظة تاريخية". وشهدت تلك المحافظات لقاءات للسلطات المحلية وقيادات حزبية ومجتمعية وأخرى في الحراك الجنوبي، تسعى جميعها لتجنيب الجنوب الفوضى، ومنع انتقال الصراع الجاري في صنعاء إليها، والإسهام في حفظ الأمن والاستقرار. وتصاعدت الأحداث في اليمن بشكل خطير بعد خطف أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس اليمني من قبل الحوثيين في 17 يناير، واندلعت اشتباكات دامية بصنعاء في 19 و 20 يناير, عندما نشر الحوثيون الكثير من مسلحي ما يسمونها "اللجان الشعبية" التابعة لهم , على طول شارع الستين المطل على دار الرئاسة ومنزل الرئيس عبد ربه منصور هادي, وسرعان ما أعلن مسئول عسكري يمني رفيع لوكالة الصحافة الفرنسية أن مسلحي جماعة الحوثي سيطروا عصر الثلاثاء الموافق 20 يناير على مجمع القصر الرئاسي في صنعاء، مشيرا إلى أنهم دخلوا المجمع الرئاسي, وقاموا بنهب الأسلحة من المستودعات, فيما قالت وزيرة الإعلام اليمنية نادية السقاف إن قصر الرئاسة في صنعاء تعرض لهجوم في الاشتباكات بين الجيش ومسلحين حوثيين في 20 يناير, في إطار ما وصفتها, بأنها "محاولة انقلاب".