بعد افتتاحه رسميا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها    426 مليون جنيه إجمالي مبيعات مبادرة "سند الخير" منذ انطلاقها    رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية: إسرائيل لن تلتزم بقرارات العدل الدولية    فتح: نخشى أن يكون الميناء الأمريكي على شاطئ غزة منفذا لتهجير الفلسطينيين    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    الخارجية الروسية: لا نخطط للتدخل في الانتخابات الأمريكية    كولر يعقد محاضرة فنية قبل مران اليوم استعدادا للترجي    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    إعدام 6 أطنان أسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    "القاهرة الإخبارية" تحتفي بعيد ميلاد عادل إمام: حارب الفكر المتطرف بالفن    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    وزيرة التخطيط تشارك بافتتاح النسخة الحادية عشر لقمة رايز أب    مصر تشارك بأكبر معرض في العالم متخصص بتكنولوجيا المياه والصرف الصحي بألمانيا "IFAT 2024" (صور)    تضامن الدقهلية تنظم ورشة عمل للتعريف بقانون حقوق كبار السن    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    سعر الدولار فى البنوك المصرية صباح الجمعة 17 مايو 2024    الجزار: انتهاء القرعة العلنية لحاجزي وحدات المرحلة التكميلية ب4 مدن جديدة    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    سيد عبد الحفيظ: مواجهة نهضة بركان ليست سهلة.. وأتمنى تتويج الزمالك بالكونفدرالية    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    17 مايو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    مصرع ربة منزل ونجليها في حادث دهس أسفل سيارة بعين شمس    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق بقطعة أرض فضاء في العمرانية    تجديد تكليف مي فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحى الشامل    الخشت يستعرض دور جامعة القاهرة في نشر فكر ريادة الأعمال    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت.. موعد ومكان الجنازة    طارق الشناوي ل «معكم منى الشاذلي»: جدي شيخ الأزهر الأسبق    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    مرور مفاجئ لفريق التفتيش الصيدلي على الوحدات الصحية ببني سويف    طريقة عمل الهريسة، مذاقها مميز وأحلى من الجاهزة    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    خبير سياسات دولية: نتنياهو يتصرف بجنون لجر المنطقة لعدم استقرار    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 17 مايو 2024 والقنوات الناقلة    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان ... الثورة الحقيقية والتغيير المنشود

لا يشك عاقل أننا نعيش نعمة وفضلاً من ربنا سبحانه وتعالى بهذه الثورة المباركة التي أعادت إلينا شيئاً من قيمتنا المضيعة ، وكرامتنا المهدرة ، وشرفنا المنتهك ،،،،،
ومن الآيات أن نرى جميعاً أولائك الظالمين أو بعضهم وهم يقفون خلف القضبان وينادى عليهم بأسمائهم مجردة عن كل أوصاف التمجيد والتعظيم والتبجيل والتفخيم ،،،
وليس هذا فحسب ؛ بل إن القاضي ينادي عليهم بوصف جديد ونعت فريد لطالما ألصقوه ظلماً وعدواناً وزوراً وبهتاناً بالأبرياء والصادقين ، ينادى على أكبرهم وأشقاهم وأظلمهم وأطغاهم فيقال : المتهم الأول فلان بن فلان ،،، فيرد قائلاً
أفندم موجود رافعاً ذراعه عالياً .
وصدق الله العظيم إذ يقول : " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
" ق" .
الآن ، والآن فقط ، نرى ونسمع ونشاهد عبر الشاشات ويشاهد معنا العالم أجمع بزعمائه ورؤسائه وقاداته وأمرائه وأباطرته وأكاسرته وأيضاً شعوب العالم كله تتابع وتشاهد وتسمع وتتابع بشغف ما بين مصدق ومكذب ومتعجب ومتريب ومستغرب ومستنكر ومستهجن ومستبشر وفرح ومفتخر ،،،،،
أوصاف ومشاعر كثيرة تتصارع وتتقافز لأعبر عنها بكلماتي عسى أن تبلغ مبلغ المحاكاة لهذه الصورة البليغة البديعة التي تعد من آيات الله في خلقه
كنت ولا زلت حين أقرأ في القرآن الكريم أو أسمع آياته من قارئ متمكن خاشع ، ويأتي ذكر قصة من قصص السابقين كقوم عاد وثمود فرعون والجنود
كما في سورة الفجر مثلاً : " وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) .
أو حينما أطوف في سورة القصص : " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) .
انظر كيف كان الحال ثم بيان المآل : " وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)
ثم يأتي بيان الإرادة على إثر ذكر الحكاية : " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6).
هي رسائل من الله عز وجل إلى الجميع إلى الحكام الذين شاهدوا هذه النهاية التي بدأت فصولها ولم تحسم بعد نهاية طاغية ظالم ، غشوم جهول ، نهاية نظام كامل من الوزراء والمتحكمين من علية القوم هكذا كانوا يطلقون على أنفسهم ويطلق عليهم الإعلام الفاسد الذي تقمص دور ساحر الملك الذي ورد ذكره في قصة الغلام والملك والساحر .
وهذه الآيات التي نعيشها الآن ليست من أساطير الأولين وليست من خيالات المؤلفين ولا إرهاصات الفنانين أو المفكرين ؛ بل هي من عند رب العالمين سبحانه وتعالى ؛ فما علينا تجاهها إلا أن نتوخى الحذر وأن نكون حريصين على أنفسنا أن تصيبنا قارعة مثلما أصاب قوم نوح أو قوم صالح ، فإن الله تعالى لما أهلك قوم لوط وذكر لنا قصتهم في القرآن قال : " فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) " هود .
أجل أيها الطيبون ، وما هي من الظالمين ببعيد ، فليحذر كل منا على نفسه وليحذر أخذ الملك سبحانه فإن أخذ الله شديد " كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ " القمر .
" وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) " هود .
أيها الإخوة المسلمون :
نحن الآن نعيش في بحبوحة من الحرية ومساحة من الانطلاق في مساجدنا التي لطالما حرمنا حقنا في التمتع بها واللقاء فيها
الآن نعيش مرحلة من الدعوة والحرة فلا يقال لك لا تتكلم في كذا أو تكلم في كذا ؛ فلتنطلق إذاً ولتبذل في سبيل الله عز وجل الوقت والجهد ولتحصل العلم الشرعي النافع مستحضراً قوله تعالى : " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) . يوسف .
الآن أقبل رمضان علينا ولكنه ليس كرمضان السابق ولا كأي رمضان سابق
وأخشى ألا يكون مثله رمضان القادم أعوذ بالله من التشاؤم
رمضان قد أقبل علينا ولكنه بدون اعتقالات وبدون استدعاءات أمنية وبدون تكميم أفواه ،،،،،،إلخ
فهل ياترى نعيش رمضان وهذه الأيام الفاضلة المباركة في ظلال تلكم النعمة العظيمة ، كما ينبغي أن نعيشها ؟
رمضان بنكهة الثورة ، وبطعم الحرية !!!
رمضان الذي لم يشهده كثير من آبائنا وأجدادنا !!!
رمضان الذي كان مجرد التفكير فيه بهذه الحالة التي نعيشها يعد جرماً ، فضلاً عن التفوه بمنطوق الحلم
أيها الأحبة الكرام :
هل استشعرنا قيمة رمضان بعد أن رجعت إلينا قيمته ، وعادت إلينا حريتنا ؟
هل اشتاقت قلوبنا إلى يوم من أيام رمضان بدون معصية له فيه ؟
هل اشتقنا إلى رمضان يمر علينا ونحن نعيش حالة إيمان صادقة ونفس صافية وقلوب مطمئنة ؟
هل الآن ينظر الناس إلى مظاهرنا ومساجدنا وشوارعنا ويبصر في منازلنا فيرون إسلاماً تعيشه الأمة ؟
كم أشتاق إلى مثل هذا الرمضان الذي لا زلت أحلم به وأتوسم في نفسي أن أعيش لأراه في نفسي ومن نفسي وفي إخواني وأخواتي ومنهم .
نتطلع إلى رمضان تمتلئ فيه قلوبنا إيماناً بالله ينطبع على أخلاقنا فلا إيذاء للجيران ، ولا مشاحنات ، ولا خصومات ، ولا جرائم
وتخلو فيه المساجد من محاولات فرض السيطرة وإعلاء كلمة الذات والانتصار للأهواء والعادات والعصبيات القبلية والعائلية والحزبية والمذهبية ؛ فوالله إن لمساجدنا لأنيناً لو أذن لها لأسمعتنا إياه يبكي له كل قلب !!
نتطلع إلى رمضان يأتي على الأمة برحمات وبركات ونفحات وهبات تنطبع وتمتد من المساجد والمنابر والمحطات الفضائية التي تعجُّ بالدعاة الكرام الأفاضل لتصل إلى الشوارع والمساكن والمصانع والمتاجر فلا نرى المقاهي ولا الملاهي الليلية .
نتطلع إلى رمضان تخلوا فيه شوارعنا من المجاهرين بالفطر فيه لاسيما بالسجائر والشيشة لئلا يقع هذا المجاهر بفطره وبمعصيته في نطاق قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما واللفظ لمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله ، فيقول : يا فلان ، عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه " .
نتطلع إلى رمضان بلا مسلسلات ، ولا أفلام ، ولا مسارح ، ولا سينمات ، ولا مجلات تنشر صور المتبرجات فتشيع الفاحشة في الذين آمنوا فيقعون تحت قول الله عز وجل : " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) النور .
نتطلع إلى رمضان بلا تبرج من النساء والبنات ، ولا اختلاط في الشوارع والطرقات المصالح والشركات ولا وسائل النقل والمواصلات ، ولا تكسر في رد النساء على الهواتف في الرسائل الآلية المسجلة حين تتصل بخدمة العملاء أو إحدى الشركات لطلب أية خدمة من الخدمات فتفاجأ بصوت أنثويّ متكسر خاضع لين لا أظنه ينعم به زوجها في بيته ليعم فينا الخير ويقل الشر والفواحش والمنكرات الموبقات عملاً بقول الله عز وجل : " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب .
واسمحوا لي أبدي تعجبي من مشهد لطالما أردت تناولها بشئ من النقد ، وهو مشهد النساء الفاضلات إذ تأي النساء إلى المساجد متبرجات مستعطرات ببهرجة ولفت للأنظار بشكل مستفز جداً !!!
وكأني الآن بهذا المشهد بالمقارنة بما في صحيح ابن خزيمة برقم 1682 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مرت بأبي هريرة امرأة وريحها تعصف ، فقال لها : إلى أين تريدين يا أمة الجبار ؟ قالت : إلى المسجد . قال : تطيبت ؟ قالت : نعم : قال : فارجعي فاغتسلي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يقبل الله من امرأة صلاة خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع فتغتسل " قال الأباني رحمه الله : حسن رجاله ثقات لكنه منقطع، ويتقوى بطريق آخر .
لعلي في هذا الخصوص وغيره من المسائل أعذر الناس لجهلهم بهذه المسائل ولكني لا أعذر الدعاة أبداً أن يسكتوا عن بيان مثل هذه المسائل
ولي رؤية خاصة بي في انتشار المعاصي وانحسار السنن وخلاصتها أن لها أحد سببن وقد يجتمعان :
أولا : سكوت العلماء والدعاة عن البيان .
ثانياً : عزوف الناس عن طلب العلم واتباع العلماء والسماع لهم .
نتطلع إلى رمضان بلا دفع رشاوى باطلة ولا كتابة شكاوى كاذبة ، تنفيذاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه التحذير الشديد والوعيد الأكيد والنهي السديد عن مثل تلك القاذورات وخبائث الأخلاق والصفات والسلوكيات ، التي هي من كبائر الذنوب ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لعنة الله على الراشي والمرتشي) رواه ابن ماجه (2313) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وما أشده من تهديد ووعيد ذلك الذي يطل علينا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينهى عن شهادة الزور والتي تدخل فيها التقارير الكاذبة والشكاوى الباطلة فضلاً عن الشهادة أمام المحاكم والنيابات ممن لم يشهدوا الواقعة التي يدلون بشهاداتهم الباطلة فيها أو يكتمون الحق وهم يعلمون أو يزورون ما هم به عالمون
اسمع لهذا الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر ، أو سئل عن الكبائر ، فقال : ( الشرك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ، فقال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قال : قول الزور ، أو قال : شهادة الزور . قال شعبة : وأكثر ظني أنه قال : شهادة الزور " .
ومن قبل هذا قوله تعالى : في ذكر أوصاف عباد الرحمن : " وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) الفرقان
نتطلع إلى رمضان تمتلئ فيه المساجد من بدايته وحتى نهايته بالمصلين في كل فريضة ، وتمتد بعد رمضان إلى بقية أوقات العام فلا تخلو ولا تشكو أهلها وهجرانهم ومقاطعتهم للمساجد وكأنهم كانوا يعبدون رمضان لا الرحيم الرحمن ؛ فيكون المسلمون بذلك هم عمار وزوار بيوت الرحمن فتتحقق فيهم الآية الكريمة : " إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18) التوبة
نتطلع إلى رمضان بلا ترك للصلاة ، التي هي من آخر وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لنا ، كما في الحديث الذي أورده في إرواء الغليل من حديث أم سلمة رضي الله عنها : " كان من آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل نبي الله صلى الله عليه وسلم يلجلجها في صدره وما يفيض بها لسانه " . قال الأباني رحمه الله : إسناده صحيح إن شاء الله تعالى .
نتطلع إلى رمضان يحفظ فيه المرء لسانه كما رواه الترمذي من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفيء الخطيئة ، كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل من جوف الليل ، قال : ثم تلا : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم – حتى بلغ – يعملون } ثم قال : ألا أخبركم برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه : قلت : بلى يا رسول الله قال : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد . ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ، قلت : بلى يا رسول الله ، قال : فأخذ بلسانه ، قال : كف عليك هذا . فقلت : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم " تحقيق الألباني :
صحيح ، ابن ماجة ( 3973 )
نتطلع إلى رمضان يصون فيه جيرانه ويكرم فيه ضيفانه ويطعم فيه الجائع ويواسي فيه المكلوم ويصل فيه المحروم ، ويحترم الكبير ويرحم الصغير ويتم عمله ويتقي الله في وظيفته .
نتطلع إلى رمضان يحترم فيه الطريق ويعطى فيه حقه كما في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إياكم والجلوس في الطرقات . فقالوا : ما لنا بد ، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها . قال : فإذا أبيتم إلا المجالس ، فأعطوا الطريق حقها . قالوا : وما حق الطريق ؟ قال : غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر " .
نتطلع إلى رمضان يبر الرجل فيه أباه وأمه ويكرم فيه امرأته ، ويحسن تربية ولده وابنته
يعلم أبناءه الصلوات ، كما في صحيح الجامع من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا ، و اضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا ، و فرقوا بينهم في المضاجع " .
نتطلع إلى رمضان الذي فيه النساء والبنات متعففات بالحجاب غير مبتذلات بالتبرج والتهتك والتكسر في المشية والكلام ، وإني لأسجل عجباً واستنكاراً أرى أنكم تشاركونني فيه ؛ إذ نرى رجلاً مهيباً تبدو عليه أمارات الفحولة وقد سار في الطريق مبتهجاً متأبطاً يد امرأته المتبرجة أو ابنته التي تفتن الناظرين بلباسها الذي لا يمت إلى الحجاب بصلة ولا إلى الحياء بسبب !!
وأعجب من هذا الرجل آخر من ذوي اللحية في نفس المشهد العجيب ، كذلك امرأة منتقبة تسير في الطريق ومعها ابنتها التي بلغت المحيض وبانت فاتنها تمشي في زيّ عجيب فتراها وقد لفتت انتباه الناس لا إلى محاسن البنت فقط بل إلى ذلك التناقض بين الأم ذات النقاب أو الحجاب وبين البنت ذات التبرج والبهراج في الثياب ، وكأنها توصل رسالة إلى الناس تقول فيها : " لئن كنت أنا ابتليت يهذا العفاف فإن ابنتي قد عوفيت منه " !
ولا زلت أتذكر يوم أن دخلت على أحد جيراني لأزوره فوجدت عنده زوجة ابنه وهي تمشط ابنتها التي بلغت العاشرة من عمرها فقلت لها : " يا أم فلان علميها وعوديها الحجاب من الآن ، فقالت لي مباشرة بدون تردد : مش كفاية أمها محجبة ؟ إي والله يا أحباب ، هكذا تنظر كثير من النساء إلى الأمر الشرعي الذي أمرها به الله عز وجل في قرآن يتلى وسنة تبقى إلى يوم القيامة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
نتطلع إلى رمضان بلا أحاديث ضعيفة أو موضوعة يروجها بعض الأئمة في مواعظهم وخطبهم ودروسهم عبر المساجد أو الفضائيات بلا وازع من دين ولا أثارة من علم ولا تورع عن كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكأننا الدعاة والناس عموماً لم نقرأ يوماً قول الله عز وجل : " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) الإسراء .
وحسب الدعاة والناس الذين يتساهلون في نقل الأخبار ونشر الأكاذيب عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم أو عن العلماء والفقهاء دون تثبت ذلك الوعيد الذي ذيلت به الآية الكريمة :" إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا" .
الله أكبر ؛ فإذا تيقن المرء أنه سوف يقف أمام الملك سبحانه وتعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، إذا علم المرء ذلك وكان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فإنه يقف ولا شك عند الحد ولا يتجاوز المدى ، بل يتمهل حتى يتثبت مما يقول وما ينقل .
وإذا ما تهاوى أمام شهوة الكلام ورغبة الحديث أو أدركته الخطبة دون تأهب واستعداد فأراد أن ينسب كلاماً إلى الله أو رسوله ليس متثبتاً منه تمام التثبت فإنه يكفيه آنذاك أن يذكر قوله تعالى وهو يبين لنا طبيعة وحقيقة إبليس اللعين : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169) البقرة .
وقوله تعالى في إطار تفصيل المحرمات والمنهيات : " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) الأعراف .
أو لم نسمع بما رواه البخاري في صحيحه من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ
إِنِّي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُحَدِّثُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " وروى نحوه من حديث أنس وغيره من الصحابة بلغ عددهم اثنين وسبعين صحابياً، وكذلك هو عند مسلم وغيره فالحديث متواتر لفظاً ومعنىً فتأمل !
هي أمنيات أرجو أن نعيشها ونراها واقعاً حياً في الأمة المرحومة التي وصفها الله عز وجل بأنها خير أمة أخرجت للناس
هي الصورة الحية التي رسمها القرآن وعاشها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى صارت ديندنه وخلقه وحياته
أيها الإخوة الكرام
أرجو أن تتبدل حياتنا وتتغير سلوكياتنا إلى الأفضل كما استطعنا بفضل الله تعالى وحده أن نثور على الظلم والاستبداد ونغير النظام الحاكم بالباطل والذي نشر في الأرض الفساد ؛ كذلك أرجو من الله عز وجل أن أستطيع أنا في نفسي وأنت أيها الأخ الحبيب الطيب الكريم ، وكذلك أنت أيتها الأخت الفاضلة العفيفة الأبية الشريفة
أرجو أن نكون عنواناً صحيحاً مشرفاً ومشرقاً يستدل بنا الناس على جمال الإسلام وعظمته وروعته وطهارته
ولن يكون ذلك بين يوم وليلة ، ولكن علينا أن نبدأ ومن الآن وأن تكون البداية من أنفسنا
إذا كنا قد تغلبنا على ظلم الحكام فإن هناك ظلماً أراه أعظم وأشد وأقسى منه ، ألا وهو ظلم الإنسان لنفسه
هذا لعمري هو الظلم الذي يجب على كل منا أن يعمل جاهداً على تغييره وتبديله والثورة عليه
فرمضان أيها الأحبة في الله بحق هو شهر الثورة على النفس والشهوة والشيطان والهوى
وأشكر لكم حسن متابعتكم
والسلام علكيم ورحمة الله وبركاته
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.