صدر بيان رسمى من مجلس الوزراء المصرى يثمن فيه مبادرة طرح المبادئ الرئيسية لدستور مصر الثورة فى حوار وطني تمهيدا لإصدارها فى إعلان دستورى جديد وذكر البيان أن الإعلان الدستورى سيضمن أن يأت الدستور الجديد معبرا عن توافق الشعب على أن يحقق نظاما ديمقراطيا يضمن مدنية الدولة.......الخ. ولم ينس بيان مجلس الوزراء أن يعرب عن أسفه على ما حدث فى جمعة 29يوليو التى قادها التيار الاسلامى والتأكيد بعد ذلك على ما جاء فى قانون الأحزاب السياسية من حظر قيام الحزب على أساس ديني أو فئوي الخ. وهذا البيان قد جاء بعد قرابة أسبوعين من جمعة لم الشمل التى دعى إليها التيار الإسلامى وخرجت فيها جموع هائلة تعبر عن إرادتها وهويتها ولكن الأيدي العلمانية ظلت تطرق بمطارق من حديد على رأس السلطات الحاكمة حتى رضخت أخيرا لمطالبها نحو علمنة الدولة المصرية وفرض وصاية من التيار العلمانى على جموع الشعب المصرى الأمر الذى يؤدى إلى إقصاء عامة المصريين من الحياة السياسية وعودة استبداد النخبة مرة ثانية وبصورة أسوأ مما كانت عليه قبل ذلك. ونريد أن نذكر أن المبائ الحاكمة للدستور لم تعرف إلا فى الدول الاستبدادية والحكومات الدكتاتورية مثل الدول الشيوعية وتركيا الكمالية أما فى دول الديمقراطيات الغربية فلا يعرف ما يسمى بالمبادئ فوق الدستورية أو المبادئ الحاكمة للدستور ومن ثم فإن هذه المبادئ سوف تكرس للأستبداد وسيطرة العسكر على الحكم ومن ثم فإن الثورة لم يكن لها داع أصلا ولم تنتج شيئا إلا تغير الأسماء والأشخاص والعودة إليها بهذه الكيفية ما هو إلا تكريس لسيطرة العسكريين لأن ذلك يمثل ضمانة الدولة المدنية الأكيدة إن لم تكن الوحيدة ولا عزاء للإرادة الشعبية. أما الأحزاب الجديدة وخاصة التى لها مرجعية إسلامية فمن خلال هذا البيان تبين أنها ستصبح أحزابا على ورق فقط أما إذا أرادت أن يكون لها دور وفقا لمرجعيتها التى أسست عليها فإنها بذلك تكون قد خالفت القانون مما يعرضها للإلغاء والحل أو أن تجمد ويوقف نشاطها . ومن ثم فإنه لا بديل أمامها إلا أن تستخدم خطابا ليبراليا محافظا في أحسن الأحوال وإلا فلن يكون لها وجود حقيقى ولن يسمح لها بذلك فى الساحة السياسية. وهذا التوجه الذي توجهته السلطات الحاكمة يؤدى إلى إقصاء عامة الشعب المصرى ذو التوجه الإسلامى والذى يسعى إلى تغيير حقيقى في الأيدلوجيات والمواقف لا مجرد تغيير فى الأشخاص فالمبادئ الحاكمة للدستور التى تتبناها قلة قليلة من ذوى الأتجاه العلمانى تعد مصادرة على إرادة المصريين وإقصاء لعامة أفراد الشعب المصرى وليست إقصاء للحركة الأسلامية وذلك لأن المبدأ الوحيد فى العملية الديمقراطية كلها الذى يمكن أن يكون حاكما للدستور وفوق الدستور هو مبدأ احترام الإرادة الشعبية والنزول على إختيار الشعب إذ أن الشعب وحده هو الذى يستطيع أن يحاكم الدستور بإسقاطه أوإستبداله فالشعب وحده صاحب الإرادة فى الموافقة على الدستور أو رفضه إذا كان معروضا عليه وهو وحده الذى يسطتيع أن يسقط الدستور حتى ولو كان قائما- بأن يظهر اعتراضه عليه بأية وسيلة سليمة فيؤدى ذلك إلى سقوطه. ومن ثم فإن أية مبادئ حاكمة - مزعومة -أو غير حاكمة لابد أن تعرض على الشعب قبل إصدارها فى إعلان دستورى وأن المسائل المصيرية لابد من عرضها على الشعب أولا وإلا كان ذلك إقصاء للشعب المصرى كله وتسفيها له ولثورته التى قام بها لكنه للأسف الشديد لم يحكم هو من خلالها ولكن حكم غيره. أما التيار الإسلامى الذى هو بيت القصيد من كل ذلك فستعود به الأيام أدراجها حتى يترحم على حسنى مبارك وأيامه فالتيار بالإسلامى منذ أكثر من ستة عقود وهو يعيش فى مصر على هامش الحياة بل يعيش تحت خط الفقر السياسى وغير مسموح له بأن يمارس عملا حقيقيا يعبر به عن طموحاته وآماله وقد واتته الفرصة هذه المرة وربما لا تتكرر مرة أخرى في هذا الجيل وإن كانت المواقف التي صدرت عن التيار الإسلامي قد أثبتت حالة التشرذم التي قرأها خصومه جيدا مما جعلهم يلقون عليه بالتهم المختلفة مثل قولهم بأنه تيار مفرق وتيار سطحي .... الخ ولكنه الآن يحتاج إلى أن يقف وقفة رجل واحد لتمرير العملية السياسية وفقا للقواعد الديمقرطية السليمة والمعمول بها في كل دول العالم، فإن نجح التيار الإسلامي في لم شعثه ووقف ودافع عن حقه وطرح حلولا لكافة الإشكاليات التي تسعى إلى إقصائه وإلا سوف تفتح له السجون والمعتقلات – باسم الليبرالية - مرة ثانية على مصراعيها ومن ثم يبقى الإسلاميون هم ضحايا الليبرالية والمبادئ الحاكمة للدستور كما كانوا ضحايا الدكتاتورية والقمع فى العصور الغابرة ولن يكون هناك فارق كبير بين سجون ومعتقلات الليبرالية الحاكمة وبين معتقلات حسنى مبارك بل ربما يأتى اليوم الذى نقول فيه الله يرحم أيامك يا مبارك. كلية الشريعة والقانون-جامعة الازهر