أصبح الباجي قايد السبسي، رئيس حركة "نداء تونس"، ورئيس الوزراء الأسبق، أول رئيس غير مؤقت لتونس، بعد "ثورة الياسمين"، أولى ثورات الربيع العربي والتي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. اعتبر خبراء سياسيون انتخابات (89عامًا)، آخر مسمار في نعش الثورات العربية، نتيجة للأخطاء التي ارتكبت بعد الثورات من إطلاق العنان لرموز الأنظمة السابقة وعدم الجدية في محاكمتهم. وحصد السبسي ما نسبته 55,86% من أصوات التونسيين المشاركين في جولة الحسم للانتخابات، مقابل 44,32% لمنافسه الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي. وتمكن السبسي بفوزه في الانتخابات الرئاسية بتونس، من إحداث مفارقة في بلد مهد الربيع العربي التي قاد ثورتها شباب يقدم السبسي نفسه "كمنقذ للبلاد" من الإرهاب وهيمنة إسلاميي حزب "النهضة" بفوزه في أول انتخابات رئاسية تعددية في تونس بعد الثورة. وبهذا يكون السبسي رئيس حزب "نداء تونس" الليبرالي العلماني قد أحدث مفارقة في تاريخ البلاد السياسي، حيث تمكن من الفوز على محمد المنصف المرزوقي الرئيس المؤقت للبلاد والذي كان يحظى بدعم من شباب بلد مهد الربيع العربي الذي أشعلت ثورة شبابها المنطقة بأسرها. ويعد فوز السبسي في أول انتخابات رئاسية تعددية بعد إقرار الدستور الجديد انتكاسة لرموز ثورة الربيع العربي، ورسالة إخفاق لتجربة تحالف حكومة الترويكا التي قادها حزب النهضة الإسلامي. وقال مختار غباشى، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية إن "فوز باجي قايد السبسي يؤكد على ضرورة إعادة قراءة المشد السياسي في دول الربيع العربي وبحث الأخطاء التى ارتكبت بعد الثورات من قبل من تولوا رئاسة البلاد". وأشار إلى أن "الأنظمة التي تم الثورة عليها مازالت قوية ومتماسكة وتدعمها دول غربية على رأسها الولاياتالمتحدة وإسرائيل لإجهاد ثورات الربيع العربي لمنع وجود كيانات عربية قوية تستطيع أن تنافس الغرب أو تسعى لتحكيم إرادة شعوبها". وأضاف غباشي أنه "لايوجد ثورة في العالم بالمعنى الحقيقي تتبعها إجراءات عادية فبداية المحاكمات لرموز الأنظمة السابقة كانت خطأ"، مشيرًا إلى أن "المحاكمات الثورية تمثل السبيل الوحيد لإنهاء حكم رموز النظام السابق". ويعتبر السبسي من رموز نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي حكم تونس بين 1956 و1987، وتولى في عهده العديد من المناصب بينها وزارات الداخلية والدفاع والخارجية. كما تولى في بداية عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي منصب رئيس مجلس النواب بين 1990 و1991 وشغل حتى 2003 عضوية اللجنة المركزية لحزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" الحاكم في عهد بن علي. وفي مطلع فبراير 2011، عاد قايد السبسي إلى السياسة التي هجرها قبل عشرين عاما بعدما تم تعيينه رئيسا للحكومة خلفا للمستقيل محمد الغنوشي وبقي في هذا المنصب حتى نهاية 2011 تاريخ تسلم حزب النهضة الإسلامي الحكم إثر فوزه في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011. وقال سامح راشد الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، إن "الانتخابات في تونس جرت في جو ديمقراطي وتجاوزات حالة الانهيار التي تمر بها ثورات الربيع العربي". واعتبر أن "اختيار للسبسي وحتى وإن كان في غير صالح الثوار في تونس، فإنه في النهاية اختيار الشعب التونسي"، واصفًا تونس بأنها "أنجح تجربة عربية حتى الآن"، ورأى راشد أن "حزب النهضة (الإسلامي) في تونس جلب حالة من الإحباط في المجتمع التونسي، وهذا الفشل نتج عنه فوز السبسي في الانتخابات"، وأكد أن المنصب الرئاسي في تونس اقل أهمية من منصب رئيس الوزراء في البلد المغاربي.