وجوه غادرت شاشاتنا، حاولوا في الداخل ولكن سرعان ما أخذوا طريقهم إلى مطار القاهرة، مفضلين حمل حقائب العمل من الخارج او الكتفاء بالجلوس بمنازلهم سعداء في كلا الحالتين فالقاعدة واحدة، عوامل "طرد" ، دفعت بهم للابتعاد عن الشاشات المصرية، وإن كان هذا الطرد لم يكن فعليًا، ولكن كان مجرد وجودهم يعني موافقة على الأوضاع أو الاعتراف على الأقل بطبيعة الجو الذي تدور فيه البلاد. وكان أول هؤلاء الذين قرروا الابتعاد عن الإعلام المصري مفضلين عليه "قاعدة البيت"، أو العمل لإعلام أجنبي.. حافظ الميرازي الذي عاد مجددا إلى فريق عمل BBC عربي، ولحق به يسري فودة، مفضلا الابتعاد عن شاشة ظل يظهر عليها طوال أربع سنوات الأخيرة أون تى في، وكان من قبلهم ريم ماجد التي اختفت عن نفس القناة مبتعدة منذ أحداث 30 يونيو عن الظهور بعد محاولات القناة بالتدخل في ما يقدمه البرنامج، وأخيرا كان باسم يوسف الذي ذهب للتعاقد مع قناة الحرة، معلقا على أوضاع البلاد ب"جبنا آخرنا". "بتوقيت مصر" محاولة الميرازي للتفريق بين "الغث والسمين" ربما يكون هو الأكثر إعلانًا عن موقفه من المشهد السياسي المصري، بدأ خط رحيله بانتقادات لاذعة للأوضاع في مصر أعقبه باختفاء عن الظهور، كوسيلة اعتراض، ثم إعلان عن برنامجه الجديد على قناة BBC عربي والذي جاء باسم "بتوقيت مصر". هو حافظ الميرازي الإعلامي المصري الذي بدا عمله من الخارج، هناك في لندن ليعود إليها، عندما أعلنت "بي بي سي" العربية الثلاثاء، عن انطلاق أحدث برامجها، "بتوقيت مصر"، والذي سيناقش مع ضيوفه في القاهرة كل أسبوع القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تشغل بال المواطن المصري. وهذا هو البرنامج الأسبوعي التليفزيوني الأول الذي تبثه بي بي سي من القاهرة، ويركز على القضايا المصرية أو العربية والعالمية المؤثرة في مصر. يذكر أن الإعلامي حافظ الميرازى انضم لفريق عمل بي بي سي في القاهرة في منتصف العام الجاري، وكان قبل ذلك عمل مراسلا لإذاعة بي بي سي في الولاياتالمتحدة بين عامي 1998 و2000، قبل أن يلتحق بفريق قناة الجزيرة في واشنطن كمدير لمكتبها هناك من 2001 إلى 2007 ويقدم من هناك برنامجا أسبوعيا. يقول حافظ الميرازى تعليقا على مغادرته الإعلام المصري: "نقدم هذا البرنامج في محاولة متواضعة وبإمكانات معقولة لمشاهد يمكنه التمييز بين الغث والسمين". يسري فودة.. يفضل "طريق الأذى" عن الإعلام وثاني هؤلاء الإعلاميون الذين فضلوا الاختفاء عن الشاشات المصرية، من باب تسجيل الاعتراض ، كان يسري فودة، الذي ظل يقدم برنامجه على شاشة "أون تي في" لأربع سنوات، يمسينا يوميًا ب"أسعد الله مساءكم"، ليقرر في 22 من سبتمبر توقيف برنامجه، معلقًا على ذلك عبر تدوينة على حسابه الشخصي على "فيس بوك": "انتهاء عقدي لهذا العام فرصة كنت أنتظرها لالتقاط الأنفاس بعد أصعب السنوات وأجملها في مشوارنا الصحفي في أجواء عامة ضاغطة، سأكتب المزيد قريبا". وعقب اختفائه الذي يعتبره البعض نوعا آخر من تكميم الأفواه، حيث إن تركه الساحة يعني تفريغها من أي صوت يعترض، ليركز بعده فودة "فى طريق الأذى"، وهو عنوان الكتاب الذي تم الإعلام عنه مؤخرا ويتحدث فيه فودة عن تنظيم القاعدة وتنظيم داعش في العراق والشام. ويعرف فودة بتخصصه في التغطية الإعلامية لمناطق النزاعات، حيث ساهم بتغطية حرب البوسنة، وذاع صيته بعد برنامجه “سري للغاية”، والذي قدمه عبر فضائية الجزيرة القطرية، وأجرى خلاله تحقيقات استقصائية عن حركة طالبان وتنظيم القاعدة. ريم ماجد.. بلدنا التي لم تعد بالمصري هى أول من تركت الشاشات، حينها قررت أن تغادر الاعلام المصرى، معتبرة أن وجودها غير مرغوب فيه، فلم يمر سوى أربعة شهور على 30 يونيو، لتجد نفسها مضطرة للرحيل، عندما أعلنت أن القناة تدخل معها في مفاوضات لتتحكم فيما يقدم وما يقال، وهو ما رفضته ريم، مفضلة الاختفاء والبقاء في البيت. وتعرضت الإعلامية إلى عدد من الاتهامات وتم التحقيق معها من قبل هيئة القضاء العسكري بسبب توجيه انتقادات للشرطة العسكرية والأداء السياسي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في حلقات برنامجها "بلدنا بالمصري" على شاشة قناة "أون تي في"، وكان التحقيق بشكل غير رسمي لتوضيح ما تم إذاعته في البرنامج. ثم انتقلت إلى قناة الجزيرة أطفال، وعقب انتهاء عقد تقديم الأفلام الوثائقية، تعاقدت ريم مع قناة "أون تى فى" لتقديم برنامج "العالم في ساعة" بالتبادل مع الإعلامي محمد الجندي، تم إيقاف البرنامج في إطار خطة التطوير من قبل إدارة القناة، لتقدم بعد ذلك برنامجًا آخر بعنوان "بالمصري الفصيح".