تحت راية " مكافحة الإرهاب " و تحت مزاعم " الإسلام الوسطي الجميل" ، تتم محاربة الإسلام الحقيقي بأيدي عربية مسلمة مصرية هذه المرة ، لتأتيه الطعنة من الخلف في خسة و نذالة منقطعة النظير ، بعد أن اعتاد أن يولي وجهه شطر الغرب وسمومه الإعلامية . و استحدثت الأدوات و الآليات لذلك حسب متطلبات العصر و الزمان الحالي، لينطلق هديرها على اختلاف مسمياتها في نقد أصول الدين و التشكيك فيه و تجفيف منابعه ، و محاربة الإسلام تحت دعوى محاربة الفكر ألإخواني و التشكيك في السنة النبوية الشريفة و صحيح الأئمة إلى التشكيك في القرآن نفسه جهارا و بدون مواربة و غض الطرف عن حملات التنصير الشرسة.
حملة ضد كل من يشتبه في انتماؤه العقائدي صدق أو لا تصدق ، سجادة الصلاة أضحت تهمة جاهزة تنتظر تكبيلك بالكلبشات الحديدية أو فصلك عن وظيفتك في أفضل الأحوال . نعم ، هذا هو حالنا الآن ، تذكرت صلاتك و هممت إلى الوضوء و إقامة الصلاة في مكان عملك ، ستجد العيون و النظرات تلاحقك في جنون وارتياب و تترقبك في شك هو أقرب إلى السهام القاتلة منه إلى نظرات بريئة، و لربما شابها مشاعر من الكره أو التقزز ، أما لو غيرت نغمات هاتفك المحمول إلى نغمة بشرة خير و رقصت عليها ، فأنت لا غبار عليك ، بل وستكون حجه لك و برهانا خالصا على وطنيتك و حبك لبلدك .
مؤسسات ضد الاسلام فمن المؤسسة الإعلامية التي أخرجت للمجتمع أمثال إبراهيم عيسى، و الذي نفى وجود عذاب القبر و غيرها من الإبداعات الملهية للرأي العام و لو باستهزاء الإسلام و التشكيك في أصوله ، إلى المؤسسة التعليمية التي ألغت قصص الصحابة من كتب التربية الدينية و استبدلتها بمواد لتعليم الأخلاق و كأن الإسلام بمعزل عنها ! و غضت النظر على حملات التنصير في المدارس كحملة في حب مصر التي يقودها "القس بندليمون " و التي تطور الأمر فيها ورفع الطلاب الصليب في الطابور المدرسي وقُدمت لهم دعاوى لزيارة الكنيسة و التعرف على سماحة الدين المسيحي بعد تحذيرهم من الإرهاب الذي تمارسه الجماعات الإسلامية ، إلى المؤسسة الرياضية التي طالب المسئولين فيها إلى طرد أي رياضي " متدين " كما فعل فريق النادي الأهل الذي قرر تطهير صفوفه من اللاعبين المتدينين بعد انتشار ظاهرة التدين بينهم .
محاربة المظاهر الدينية و اضطهاد المتدينين تكرر فعل طرد طالبات محجبات أو منتقبات من الجامعة ، مثلما فعلت الدكتورة سحر العوامرى أستاذة الفسيولوجيا الطبية بكلية طب جامعة القاهرة، التي طردت طلبة ملتحين وطالبات منتقبات من المحاضرة ، و أحلت " شرب دمائهم " ! حيث أضحى النقاب و اللحى الآن جوازي مرور لإهانة أصحابهما و التعدي عليهم بذريعة مكافحة الفكر المتطرف ، فإن لم يكونوا قد تورطوا بالفعل في أفعال إرهابية ، فهم في طريقهم إلى ذلك بلا شك ، و لا ضير من إيذائهم و التحفظ عليهم إلى حين حتى يستتب أي استقرار ، وان كان يصب حتما في النهاية في قالب الدولة العلمانية ، ولا ينتهي حتى لقولبته في أطر من الليبرالية التي تنادي باحترام كافة أشكال التعبير عن الهوية ، منزلقين إلى عنصرية مقيتة تنذر باشتعال حرب أهلية بين أبناء الوطن الواحد ، متناسيين أن الإسلام هو أول عقيدة أسست لحرية الرأي و التعبير و حتى اختيار الهيئة التي تعبر عنهم ، و أن التمسك بالإسلام الصحيح لكل الأطراف هو المنجي من كوارث توشك على التحقق في الغد القريب .
انتشار الإلحاد و السبب التطرف الديني حيت ربط مثقفون ظاهرة الإلحاد الحالي و انتشارها بشكل كبير غير مسبوق بين صفوف الشباب ، بازدياد قوى العنف والتطرف الديني في البلاد . و قد خرج الملحدون و لأول مرة إلى العلن بإعلانهم إنشاء مقهى للملحدين ، أما الأغرب فهو استنكار الطبقة المثقفة لإغلاقه بدعوى حرية الفكر و العقيدة ! وريثما تنفس العاقلون الصعداء على قرار إغلاقه حتى طالعنا تصريح محافظ القاهرة ليؤكد بأن الإغلاق جاء بسبب مخالفات على المقهى ، وليس بسبب ارتياده من الملحدين .
رمضان بنكهة غربية حيث منع الأئمة و خطباء المساجد في رمضان الفائت من الحديث عن الظلم و الدعاء على الظالمين ، و إلا تتجاوز مدة إقامة صلاة التراويح منذ أذان العشاء وحتى نهاية الصلاة عن 40 دقيقة. كما تم اعتقال عدد كبير من أئمة المساجد و منعهم من الخطابة ، وغلق المساجد عقب الصلاة مباشرة ، والتعاون مع أمن الدولة في تعيين الأئمة ، عدم السماح لأحد بإلقاء الدروس سوى الإمام ، ومنع الملصقات الدينية ، وتوفير الكهرباء وعدم تشغيل والاكتفاء بالمراوح وفتح الشبابيك.
ماذا حدث ؟؟؟ بداية يجب أن نعترف أن إقصاء الإخوان لغيرهم في لعب دور سياسي إبان وجودهم على سدة الحكم و إسكات معارضيهم بعبارة " موتوا بغيظكم " ردا على أي دعوة منهم لمشاركتهم الحكم ، أدت إلى توغر صدورهم و إلى شماتتهم لاحقا بعد أن استتب لهم الحكم أخيرا ، بل و كفروا و شككوا بالثورة قبل التشكيك في الإسلام نفسه كخطوة لاحقة . و لكن ، دعونا لا نحمل الإخوان و الإسلاميين أكثر مما يحتملوا في هذه الأيام العصيبة ، من باب الرحمة على أقل تقدير ، فالمعارضين قد بالغوا أيضا في إظهار شماتتهم و في ردود أفعالهم الانتقامية و التي وصلت إلى استحلالهم دماءهم و أموالهم و أعراضهم نكاية بهم . و أضحى المصريون على موعد يومي لسماع قصص تصلح لأن تضاف إلى مكتبة قصص ألف ليلة و ليلة من شدة غرابتها ، كتلك السيدة التي أرادت استدعاء أمن المترو للقبض على طالبة تستمع إلى مغنيها حمزة نمره ، أو الكاتبة التي صنفت حسن الشافعي أنه ذو انتماء إخواني لأنه لم يرقص على أنغام بشرة خير " كما يجب " و اكتفى بنقر قلمه على الطاولة موزعا ضحكاته على الجميع ، والمذيعة التي لم تعلق على اتصال أحدهم مستنجدا بالدولة لإغلاق مركز لتعليم القرآن الكريم لأنه سيخرج للمجتمع إرهابيين من وجهة نظره إلى هنا يجب أن تكون للدولة وقفة شديدة و حازمة تجاه كل من تخول له نفسه العبث بأصول الإسلام و هوية الدولة ، وإعادة المواد الملغاة من الدستور التي تحض على احترام الأديان السماوية كبداية، و تفعيل الدور الرقابي لمؤسسة الأزهر على مجريات الساحة الدينية ، والذي اقتصر دوره فيما يبدو على الجانب الدعوي و تجاهل دوره الرقابي المطلوب بشدة في الوقت الحالي ، لشد عضد الإسلام في مواجهة المخاطر التي يتعرض لها يوميا و لمواجهة مسح هوية مصر الإسلامية .