أظن أنه حين يتناول التاريخ فى مستقبل الأيام فترة حكم الرئيس "أوباما" للولايات المتحدةالأمريكية ، فإنه لن يتوقف كثيراً عند كونه أول رئيس "ملون" تم انتخابه خارج السياق الأمريكي، رئيساً لدولة مازالت تعانى من التفرقة العنصرية، بقدر ما سوف يتوقف التاريخ طويلاً أمام سياسة "أوباما" العنصرية و"القذرة" التي طبقها على منطقتنا العربية رافعاً شعار (دعهم يتقاتلون) ،مما أدخل المنطقة - بفعل ودعم أمريكي مشبوه - فى معترك حروب أهلية مجنونة ، أشعلتها أقلية متطرفة داخل تجمعات السنة والشيعة والأكراد، وترتب عليها عسكرة ثورات الربيع العربي السلمية ، وانتشار الفوضى وعدم الاستقرار بالمنطقة ، وتصاعد دعوات الانفصال وتمزيق الأوطان،بسبب ظلم ووحشية الأنظمة الحاكمة، مما وفر لأمريكا جرأة التحدث عن ضرورة إعادة ترسيم حدود الدول العربية من جديد والتي سبق وحددتها اتفاقية "سايكس- بيكو" عام 1916، على أن يكون الترسيم الجديد وفق أسس دينية وعرقية وطائفية، تضمن لأمريكا الهيمنة على كل المنطقة العربية، ونهب ثرواتها، وإستعباد شعوبها، والحيلولة دون إتحادها وتحررها من التبعية، وتوفر الغطاء الأخلاقي والحجة المبررة لطلب دولة إسرائيل ، الاعتراف بها بصفتها دولة يهودية نقية وحصرية ، مثل باقي دويلات الدول السنية والشيعية والمسيحية والكردية، الجاري– حالياً - طبخها والإعداد لقيامها وانفصالها عن الدولة الأم ، وبغير تتجشم "أمريكا" مخاطر القتال على الأرض العربية وتكبد الكثير من الخسائر البشرية والمادية جراء تدخلها السافر بالمنطقة، وهو الدرس الذي تعلمته "أمريكا"، من تورطها فى حرب أفغانستانوالعراق إبان فترة رئاسة الرئيس الأمريكي السابق "بوش" الابن. لهذا فإننا نرى أن السياسة الأمريكية التي وضعتها إدارة الرئيس "أوباما" بقصد فرض الهيمنة على منطقتنا العربية فى الحاضر والمستقبل سوف تستمر – للأسف الشديد – حتى نهاية فترة حكم "أوباما" عام 2016وما بعدها ولفترات طويلة قادمة، بصرف النظر عمن سيخلفه فى رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، لأن الإدارة الأمريكية الحالية، قد وضعت أسس استراتيجية سياسية عنصرية وإمبريالية، تقوم على استخدام جماعات الإسلام السياسي المتطرفة - السنية والشيعية على السواء بالوكالة عنها ، لزعزعة استقرار الدولة الوطنية فى العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا ومصر، تمهيداً لإعادة تقسيمها من جديد، وتجزأتها لعدة "كانتونات" ضعيفة ومتناحرة بدون حزم، وموزعة الولاءات بين تركيا وإيران ، حتى تظل إسرائيل وحدها القوة الإقليمية الوحيدة والقوية بالمنطقة . وهنا تقتضى أمانة العرض أن نقول بصراحة وبدون أدوات مكياج نجمل بها الكلمات ،أن عالمنا العربي من محيطه إلى خليجه ، يعيش الآن أسوأ مرحلة فى تاريخه القديم والوسيط والحديث على السواء، وأن دوله جميعها - بغير استثناء - مرشحة لأن تنضم لبقية الدول الفاشلة ، المصنفة عالة على الحضارة الإنسانية ، طالما ظلت شعوبها مستكينة ومستعذبة حكم الطغاة والفاسدين الذين تمتعوا بدعم وحماية الغرب، والذين أدمنوا الإنفراد بحكم البلاد والعباد ،وعدم احترام حقوق الإنسان وكرامته ، وعدم الخوف من الحساب والعقاب عن كل الآثام التي ارتكبوها فى حق شعوبهم ، مما كان سبباً فى انتشار جماعات الإسلام السياسي المتطرفة بالمنطقة ، وهى جماعات غير مؤهلة لممارسة الحكم والسياسة، مما أوقعها – بقصد منها أو بدونه – فى مصيدة العم "سام" لتنفذ له استراتيجيته السياسية "القذرة" والسابق بيانها، وبالتقاطع مع كل أنظمة الحكم الفاشية الحاكمة بالمنطقة ، ليشوها معاً بأفعالهما الدموية والوحشية ،حقيقة الدين الإسلامى السمح والمعتدل، توطئة لخلعه – لا قدر الله – من كل العقول والقلوب المؤمنة بالمنطقة والعالم ، لكونه حائط الصد المتين الذى تكسرت على جدرانه، كل مؤامرات الغرب الاستعمارية منذ العصور الوسطي وحتى اليوم . وبعد ...هذه هي السياسة التي تطبقها الإدارة الأمريكية العنصرية اليوم وفى المستقبل ، وذاك هو حالنا المزري واللامعقول ،ولم يتبق لنا سوى التساؤل بمرارة وأسف (متى نفيق من غفوتنا ؟) فقد طال أمدها جراء أفعالنا العبثية والطفولية، وتفكيرنا القبلي الذي عفا عليه الزمن، ويذكرنا على الدوام بحروب "داحس والغبراء".