انتقدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية بشدة قرار مصر منع الباحثة الأمريكية ميشيل دن من دخول أراضيها في 12 ديسمبر. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 16 ديسمبر "لقد أصبحت مصر أكثر قمعية مما كانت عليه في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ففي عام 2013, أدانت محكمة جنايات القاهرة 43 موظفًا بالمنظمات غير الحكومية, كما أدانت 16 أمريكيًا بالعمل دون ترخيص، رغم أن الكثيرين كانوا يعملوا في مصر لسنوات طويلة, وقدموا طلبات رسمية للحصول على تراخيص, ولكن طلباتهم ظلت عالقة لسنوات". وتابعت " النظام الحالي في مصر اعتقل أيضا ما لا يقل عن 22 ألف من معارضيه، وحكم على أكثر من 1400 شخص بالإعدام, بحسب تقارير منظمة هيومان رايتس ووتش". وأضافت الصحيفة في "تهكم", تعليقا على واقعة ميشيل دن "يبدو أن مصر مستعدة فقط لتلقي المساعدات من أمريكا، المساعدات التي تصل إلى 1,5 مليارات دولار سنويًا، لكنها ليست مستعدة بأي حال من الأحوال لتحمل أي رأي غربي معارض", مشيرة إلى أن "المناخ السياسي القمعي في مصر حاليا جعلها بلدًا غير مضياف". وميشيل دن، هي باحثة بمعهد كارنيجي للسلام الدولي بواشنطن، ودبلوماسية أمريكية سابقة, وكانت لها آراء معارضة للنظام الحالي في مصر، حيث انتقدت ما سمته "القيود الصارمة" المفروضة على المنظمات غير حكومية, والمضايقات والاعتقال, الذي يتعرض له النشطاء السياسيون، فضلاً عن انتقادها ما سمته "حملة القمع العنيفة", ضد جماعة "الإخوان المسلمين". وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عقد في 5 نوفمبر الماضي جلسة لمناقشة حالة حقوق الإنسان في مصر خلال السنوات الأربع الماضية، وهي الجلسة التي شهدت انتقادات أوروبية حادة للقاهرة, بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، في وقت أشادت به الإمارات والبحرين. وجاءت جلسة المراجعة ضمن آلية المراجعة الدورية الشاملة, التي يجريها المجلس مع كافة دول الأعضاء. وهذه المراجعة الأولى منذ الإطاحة بمبارك، وأبرز الدول التي وجهت انتقادات حادة للسلطات المصرية بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان وطالبتها بضرورة تحسينه وتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين، هي ألمانياوأستراليا والدانمارك والسويد والنمساوسويسرا وكوستاريكا. وقد انتقد مندوب النمسا في كلمته أمام الجلسة الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة المصرية في فض الاعتصامات كما حدث في رابعة العدوية وميدان النهضة. كما طالب بضرورة إطلاق سراح جميع الصحفيين الذين اعتقلوا أثناء أداء عملهم، مع ضرورة إسقاط جميع التهم الموجهة إليهم، وباحترام حق التجمع وإلغاء القانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا بشأن توسيع صلاحيات المحاكم العسكرية، وطالب أيضا "بضرورة إصدار قانون ينظم عمل منظمات المجتمع المدني بما يسمح لها بممارسة عملها دون أي تدخل حكومي". ومن جهته, طالب مندوب سويسرا في الجلسة نفسها السلطات المصرية بتعليق عقوبة الإعدام، وقال إن على مصر احترام التزاماتها الدولية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب. وتابع "لا بد من التأكيد على ألا يُمارس التعذيب على المحبوسين على ذمة قضايا، كما لا بد من أن تسمح السلطات المصرية لأهالي هؤلاء بزيارتهم سواء أكانوا محبوسين في أماكن احتجاز مدنية أو عسكرية". وقد أعربت مندوبة أستراليا في كلمتها عن قلقها من القيود التي تضعها السلطات المصرية على التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي والتفكير. وفي المقابل، أشاد المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية لدى الأممالمتحدة في جنيف عبيد سالم الزعابي بما وصفه ب"النهج البناء والخطوات الإيجابية" التي حققتها الحكومة المصرية في ظل التطورات التي شهدتها مصر. وأعرب الزعابي في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان عن ثقة بلاده في أن مصر تسير قدماً نحو ترسيخ "مبادئ دولة القانون". وقد استبقت منظمات حقوقية دولية الجلسة بمطالبة الأممالمتحدة باتخاذ موقف يجبر حلفاء القاهرة الأساسيين على الضغط على النظام المصري من أجل احترام حقوق الإنسان. ومنذ ثورة 25 يناير 2011 وقعت أحداث جسام في مصر، كانت محل نظر مجلس حقوق الإنسان وهو يستعرض وضع حقوق الإنسان في مصر في الفترة ما بين 2010 و2014. ووجهت منظمات كبرى معنية بحقوق الإنسان نداءات عاجلة لدول العالم -لا سيما حلفاء مصر مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا- طالبتها فيها باستغلال هذه المناسبة لتوجيه رسالة قوية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه لا يمكنه الاستمرار في انتهاكاته الواضحة وغير المسبوقة لحقوق الإنسان. وفي بيان مشترك، اتهمت سبع منظمات دولية من أبرزها "هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية، القوى الغربية الكبرى المتحالفة مع مصر بالفشل أو عدم الرغبة في مواجهة كافة أشكال القمع والعصف بالحريات في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية".