حذر مصدر قضائى رفيع المستوى من خطورة استمرار الفصل بين نظر القضية المتهم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك ونجليه ورجل الأعمال حسين سالم، وقضية تصدير الغاز إلى إسرائيل المتهم فيها وزير البترول الأسبق سامح فهمى وعدد من مسئولى الهيئة العامة للبترول وحسين سالم أيضا، نظرا لتشابه القضيتين فيما يخص الاتهام بإهدار نحو 715 مليون دولار من أموال الدولة بسبب تصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار متدنية. وأوضح المصدر الذى فضل عدم ذكر اسمه أن استمرار الفصل بين القضيتين «قد يؤدى إلى بطلان الحكمين الصادرين فيهما، إذا صدرا غير متشابهين أو انتهى أحدهما بالإدانة والآخر بالبراءة، لأن الوقائع المذكورة فى أمرى الإحالة متطابقة، مما يوجد فرصة كبيرة لقبول الطعن فيهما أو أحدهما أمام محكمة النقض». ودعا المصدر المستشار بشير عبدالعال، رئيس محكمة جنايات القاهرة، الذى ينظر قضية سامح فهمى وقيادات البترول، لإحالة القضية إلى دائرة المستشار أحمد رفعت أسوة بالمستشار عادل عبدالسلام جمعة، الذى أحال قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى و6 من كبار مساعديه إلى دائرة رفعت لارتباطها بقضية مبارك ونجليه. وأيد هذه الرؤية المستشار رفعت السيد، الرئيس السابق لمحكمة استئناف القاهرة، الذى قال إن «القاعدة العامة تنص على أنه إذا تعدد المتهمون وكانت الواقعة الجنائية واحدة، فإن حسن سير العدالة يقتضى ان تنظر دائرة واحدة جميع القضايا المتعدد فيها المتهمون، طالما كان موضوع الاتهام واحدا، حتى لا تتقطع أوصال القضية بتوزيعها على أكثر من دائرة، مما قد ينتج عنه تعارض الأحكام فى القضية الواحدة والافتئات على العدالة». وأضاف السيد: «هذا هو الأصل الذى استقر عليه القضاء، لكن من الناحية الفنية ليس هناك ما يمنع أن تحاكم دائرة متهما ويحاكم آخر بذات الاتهام أمام دائرة أخرى، لكن هذا يتعارض مع حسن سير التقاضى والمواءمة، فقد أحيلت قضية تصدير الغاز المتهم فيها سامح فهمى ومسئولو البترول إلى الدائرة المختصة بقضايا جنايات دائرة مدينة نصر محل الهيئة المصرية العامة للبترول، بينما أحيلت قضية مبارك إلى الدائرة المختصة بقضايا جنايات قصر النيل لأن الاتهام الرئيسى فيها هو قتل المتظاهرين، لكن توحيد القضيتين ضرورى تجنبا لتعارض الأحكام. وأشار السيد إلى أنه فى الجرائم الخاصة بقتل المتظاهرين «تم تخصيص رقم قضائى لكل واقعة مستقلة عن الأخرى، فتم قيد قضايا قتل ثوار التحرير فى دائرة قصر النيل، وثوار ميدان الأربعين بالسويس وكذلك الأمر فى الإسكندرية، رغم أن هناك وحدة بين المتهمين وعلى رأسهم وزير الداخلية الرئيس المباشر للشرطة، فهو متهم فى جميع القضايا الخاصة بقتل المتظاهرين أيا كان مكان ارتكاب الجريمة، وحسن سير العدالة يقتضى تجميع هذه القضايا كافة أمام دائرة واحدة، لكن النيابة العامة تحت ضغط الرأى العام والجماهير التى ترغب فى الكشف عن الحقيقة وسرعة المحاكمات أحالت كل قضية أنجزتها للمحكمة المختصة جغرافيا». وشدد «السيد» على أن «الفرصة ما زالت سانحة حتى الآن ،لتقرر الدوائر المختلفة التى تنظر هذه القضايا إحالتها جميعا إلى دائرة المستشار أحمد رفعت لتوحيد الأحكام، خاصة وأن كثيرا من الشهود الواردة أسماؤهم فى أدلة الثبوت واحدة»، مضيفا أن مثل هذه القضايا التى تتعدد أماكن الجريمة بها «نادرة واستثنائية وليست متواترة فى العمل القضائى العادى، والظروف تقتضى أن يتم توزيع هذه القضايا بصورة مرنة تتسم بحسن التقدير». وقال المستشار زغلول البلشى، نائب رئيس محكمة النقض، إن الارتباط بين قضيتى مبارك وسامح فهمى «مسألة موضوعية بحتة تخضع لسلطة محكمة الموضوع» وأن المحامين يمكنهم طرح طلب الضم على المحكمة وهى تتولى تقدير جدية هذا الدفع لأنها الوحيدة المطلعة على جميع أوراق القضية. وأضاف: «يمكن أن يحاكم المتهم الذى يرتكب أكثر من جريمة أمام عدة دوائر، بشرط ألاّ يترتب على ذلك تضارب فى الأحكام كأن يبرأ ثم يدان فى ذات الجريمة، ففى هذه الحالة يكون ضم هذه القضايا واجبا». وفى المقابل رفض المستشار أبوبكر الهلالى، رئيس محكمتى استئناف الإسكندرية والمنصورة وعضو مجلس القضاء الأعلى سابقا، فكرة ضم قضية سامح فهمى إلى قضية مبارك «لأنها منفصلة عنها شكلا وموضوعا ووقائعها وتواريخها مستقلة، لا سيما أن قضية مبارك بها اتهامان بعيدان كل البعد عن سامح فهمى وهما قتل الثوار والتربح». وشدد الهلالى على أن قضية تصدير الغاز لها شقان: الأول يتهم فيه مبارك بالفساد السياسى، والثانى يتهم فيه فهمى ومساعديه ورجل الأعمال حسين سالم بإهدار المال العام، فلا يوجد تناغم حقيقى بين القضيتين، وليست هناك احتمالات لتضارب الأحكام بين القضيتين حتى يكون ضمهما واجبا على المحكمة.