فضيحة أخرى، تُضاف إلى سجلات فضائح الولاياتالمتحدة، وتكشف عن الوجه القبيح للولايات المتحدة بعد أحداث ال11 من سبتمبر لعام 2001، حيثُ أزاح التقرير الجزئى لمجلس الشيوخ الأمريكى، الستار عن جرائم وكالة الاستخبارات الأمريكية ال "cia"، داخل المعتقلات، لتتآكل الطبقة الأخيرة التى تحتمى بها "واشنطن"، ويفضح التقرير الممارسات الإجرامية التى تتم داخل المعتقلات الأمريكية. وكشف تقرير مجلس الشيوخ عن انتهاكات جسدية بالجملة، وطرق بشعة للتعذيب، لا يتخيلها عقل إنسان، بالإضافة إلى استخدام الولاياتالمتحدة لمعتقلات سرية بدول أجنبية وعربية لتعذيب ضحاياها. إلا أن الأمر ليس جديدًا على الرأى العام، إذ أن تقريرًا سابقًا لجريدة "الإندبندت" البريطانية، كشف عن امتلاك بريطانيا معتقلات سرية فى مصر والدول العربية كان يتم استخدامها خصيصا لتعذيب الإسلاميين بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001. واعترف بذلك محمد كمال، أحد شباب التيار الإسلامى، والذى اعتقل فى زمن الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث أكد أنه كان يتم استجواب بعض المعتقلين من جانب ضباط أجانب، وتم التعرف على جنسيتهم "الأمريكية والبريطانية" من لهجتهم، مؤكداً أن التقرير الأخير لمجلس الشيوخ، يؤكد وجود معتقلات سرية تمتلكها أمريكاوبريطانيا داخل مصر. وقال كمال: كان يتم التعذيب بطرق بشعة وكانت تُنظم حفلات جماعية للتعذيب بعضها يتم والمسجون معصوب العين وبعضها يتم أمام الجميع، ولم يكن هناك من يستحى من رؤية هذه المشاهد كانت تمارس ضده تلك الأعمال الإجرامية. من جانبه، قال جورج إسحاق، إن نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك شارك فى الانتهاكات التى قامت بها أمريكا، ويجب محاكمته وكل من تورط فى جرائم التعذيب، مشيرًا إلى أن تلك الجرائم تورطت فيها عدة أنظمة، ولابد من محاكمة كل من شارك فى هذا التعذيب. وأوضح أن تقرير مجلس الشيوخ حول تعذيب المخابرات الأمريكية لمشتبه فيهم فى أحداث 11 سبتمبر بمعتقل جونتانامو، يدين النظام الأمريكى بشدة، لافتًا إلى أنه على أمريكا ألا تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان قبل التطهر من تلك الجرائم البشعة. فى السياق، ذاته يقول نجاد البرعى، الناشط الحقوقي، إن التقرير الذى نشره الكونجرس حول التعذيب فى جونتانامو كاف لمحاكمة مبارك ونظيف وكل أركان حكمه لتورطه فى عمليات التعذيب التى استخدمتها الولاياتالمتحدة بمشارك أنظمة عربية ضد المعتقلين. وأضاف "البرعى" أن التقرير أوضح أن مصر كانت تستقبل مسجونين لتعذبهم وتحصل منهم على اعترافات وتعيدهم إلى أمريكا باعترافاتهم وأن أحمد نظيف رئيس الوزراء فى عهد مبارك، وافق على استقبال 70 سجينًا فقط عام 2007، موضحًا أن العدالة تقتضى التحقيق مع كل من ورد اسمه فى هذا التقرير لمحاكمته على هذه الجرائم. وقال الدكتور محمد البرادعي، المدير الأسبق لوكالة الطاقة الذرية، إن التقرير الذى نشرته لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكى حول أساليب التعذيب التى تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية (سى أى إيه)، كشف عن أن ما يزيد عن 50 دولة ساعدت وحرضت المخابرات الأمريكية CIA على عمليات التعذيب. وأدان المدير الأسبق لوكالة الطاقة الذرية، وسائل التعذيب التى استخدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بالإضافة إلى مشاركة 50 دولة فى هذا التعذيب، مؤكدًا أن القيم الإنسانية الأساسية على المحك وعلى مجلس حقوق الإنسان أن يحقق فى ذلك.
ووصفت داليا زيادة، الناشطة الحقوقية ورئيسة مركز الدراسات الديمقراطية الحرة، الانتهاكات ب"الكارثة"، مؤكدة أن ما قام به جهاز الاستخبارات الأمريكية من أعمال تعد انتقامية ولابد من إحالة المتورطين فى تلك الجرائم للتحقيق، مطالبة الولاياتالمتحدةالأمريكية بإعلان أسماء المشتركين فى علميات التعذيب، واتخاذ إجراءات رادعة ضدهم. وشنّت هجومًا عنيفًا على منظمات حقوق الإنسان الأجنبية، متهمةً إياها بالتخاذل عن إدانة جرائم التعذيب فى أمريكا، مناشدة المنظمات الحقوقية الأجنبية، وعلى رأسها "هيومن رايتس"، و"العفو الدولية"، بالرد على تقرير الكونجرس، مشيرة إلى أن صمت المنظمات الدولية عن جرائم التعذيب فى الولاياتالمتحدة والاكتفاء فقط بتشويه صورة مصر وإظهارها على أنها "دولة تعذيب" يفقدها المصداقية. وقال حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن ما جاء فى التقرير جريمة دولية وإنسانية طبقًا لاتفاقيات التعذيب العالمية، مؤكدا أنه يجب على الحكومة الأمريكية أن تعتذر عن هذه الممارسات وتقدم تعويضات للمتضررين، بالإضافة إلى ضرورة فتح تحقيقات داخل الدول التى تورطت فى هذه العمليات. وأشار رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إلى أن ما حدث سيضعف ثقة الحكومة الأمريكية، ويعطى الفرصة للدول المختلفة معها بأن تدين هذه الممارسات، مشيرًا إلى أنه لابد من أن يكون هناك قرارات ممن المجلس الدولى لحقوق الإنسان ومجلس مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة حول التقرير. انتقادات دولية وفور إصدار تقرير "الشيوخ"، سارعت دول أجنبية وأوروبية، إلى شن هجوم على واشنطن وإدانة سياستها، حيث طالبت الصين، الولاياتالمتحدة إلى "تصحيح أساليبها". وفى محاولة منه لصد الاتهامات، تعهد الرئيس الأمريكى باراك أوباما بألا يتكرر استخدام وسائل التحقيق القاسية فى عملية الاستجواب، قائلًا: "إن تلك الأساليب أحدثت أضرارًا بالغة بالمصالح الأمريكية فى الخارج ولم تخدم الجهود العامة لمحاربة الإرهاب". وأصدر أوباما بيانًا مكتوبًا ردًا على تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكى، يعرض تفصيلًا لوسائل التحقيق الوحشية التى استخدمت مع المشتبه بهم فى جرائم إرهاب فى السنوات التى أعقبت هجمات 11 سبتمبر 2001. وأضاف: "بدلًا من أن يكون تقرير اليوم سببًا آخر فى محاربة الأفكار القديمة آمل أن يساعدنا التقرير فى ترك الأساليب فى مكانها.. فى الماضي".