عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقول: "ويل للعرب من شر قد اقترب ! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها ! فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: نعم إذا كثر الخبث" متفق عليه. ويقول مولانا الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: هذا الحديث قيل من قرون طوال، وفيه تحذير للعرب ن فوضى تكتسح أرضهم وترخص دماءهم وهي بعض ما يقارن ظهور يأجوج ومأجوج وهم علم على الدمار والخراب. ولاشك أن العرب أصابهم ضر شديد من الفتنة الكبرى التي وقعت بعد مقتل سيدنا عثمان رضى الله عنه – وتمخضت عن معارك الجمل وصفين ولولا الفجر الصادق الذي طلع به الإسلام على الدنيا ولولا الجماهير التي تشبثت والتفت حول قواعده وعقائده لضاع الحق وخيم الظلام، وذلك ما جعل السيدة (زينب) تتساءل: أنهلك وفينا الصالحون ؟؟ وكانت الإجابة نعم إذا كثر الخبث !! ويستطرد رحمه الله قائلاً: إن من الأمراض المتوطنة في الأمة العربية التعصب القبلي والتفاخر بالآباء والأجداد. إن هذه النزعات القبلية تأكل المبادئ والقيم وتجعل العقائد أثراً بعد عين والغريب أن السرطان الذي تغلغل في التاريخ العربي هو هذا البلاء المبين ولا شفاء منه إلا باخوة الإسلام التي يقول فيها الشاعر أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم ! والعرب بشتاتهم وعصبيتهم يلحقون بأنفسهم من الأذى ما لا تلحقهم به يأجوج ومأجوج ولا نزال مع مولانا الشيخ الغزالي فهو يسأل أيضاً. ماذا يفعل العرب بأنفسهم ؟ والسؤال هو موضوع مقالة في مجلة الأزهر بعدد المحرم 1436ه ص 14. سؤال يحتاج إلى إجابة شديدة التحديد. هل فعلاً كما يقول البعض لقد خرج العرب من التاريخ بعد أن صاغوه وشكلوه ثم تركوه لأسباب عديدة منها وأهما الترف المرذول !! إن الدول الغنية نتيجة السلب والنهب لثروات الأمم الفقيرة تحت أسماء مزيفة حقيرة جعلت الأمم المنهوبة في غاية التعاسة في كل مناحي الحياة ويهمني أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى ضرورة قراءة كتابة (حفاروا القبور) الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها للأستاذ الكبير روجية جارودي رحمه الله رحمة واسعة. إن الدول الغنية نتيجة سرقات ثروات الأمم الفقيرة ونهبها طوال قرون مضت بزعم الكشوف الجغرافية، إنما كانت تهدف أصلا لدفن هذه الدول في مقابر جماعية لأنها لا تستحق الحياة حسب زعمهم، وللأستاذ الكبير محمد يوسف عدس كتابات رائعة في هذا المجال. وهو قلم من الأقلام الكبيرة التي كثيراً ما يحاول البعض أن يسيء إليها ولكن الرجل يسير في طريقه رغم الصعاب التي يلاقيها في غربته البعيدة.