20 عامًا منذ إعلان وكالات الإغاثة الإنسانية الدولية عن حدوث مجاعة في الصومال، ولم يحدث شيء، هي الصومال التي تعد في أفضل أوقاتها كارثة إنسانية. لقد تآكلت قدرة الشعب على التكيف؛ بسبب عدم هطول الأمطار، وسيادة الاستبداد، وهروب الزرّاع والتجار، الأمر الذي تسبب بدوره في حرمان مناطق واسعة من الغذاء، وهو ما يؤكد بأن نتائج فشل الدولة في الصومال- القرصنة والإرهاب والجوع- لا يمكن تطويقها ومحاصرتها، ولأنها مشاكل متداخلة، ولا يمكن أيضًا تجاهلها. الغريب في الأمر أن وكالات الإغاثة لا تستطيع الوصول إلى أكثر من مليوني صومالي يواجهون الموت جوعًا جراء المجاعة التي تضرب هذا البلد. تقول المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمية "إنها أخطر بيئة نعمل فيها في العالم، و2.2 مليون نسمة يموتون، ولا نستطيع أن نفعل لهم شيئًا"!. أعلنت الأممالمتحدة المجاعة في منطقتين جنوبي الصومال هما: جنوب باكول ولاور شابيل، وحذرت من أنها يمكن أن تتفشى بسرعة إذا لم يتحرك المانحون، في حين قدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاحتياجات العاجلة لمواجهتها ب1.8 مليار دولار. أكد مسئولو برنامج الأغذية العالمي أنهم يفكرون في إسقاط المواد الغذائية من الطائرات على بعض المناطق التي تسيطر عليها حركة "الشباب" المجاهدين التي فرضت حظرًا على المعونات الغذائية في 2010م. وقالت الأممالمتحدة إن موجة الجفاف التي تضرب المنطقة الواقعة بين الصومال وكينيا وإثيوبيا هي الأسوأ في العشرين عامًا الأخيرة، وتؤثر على نحو 11 مليون شخص، مشيرةً إلى أنه في جنوب الصومال يواجه 3.7 ملايين شخص خطر الموت جوعًا. من جانبه، حذر المنسق الإنساني للأمم المتحدة للصومال مارك باودن أن معدلات سوء التغذية في البلاد هي الآن الأعلى في العالم؛ حيث تبلغ 505 حالات في بعض مناطق جنوبي البلاد، مشيرًا إلى أن معدل وفاة الأطفال تحت الخمس سنوات يتجاوز ستة لكل عشرة آلاف يوميًّا. وأضاف إذا لم يتم التحرك الآن ستمتد المجاعة إلى جميع المناطق الثماني بجنوبي الصومال خلال شهرين؛ بسبب نقص المحاصيل، وانتشار الأمراض المعدية، وأشار إلى أن مئات آلاف الأطفال قضوا نتيجة أسباب تتعلق بسوء التغذية. وعن أسباب هذه الأزمة وتفاقمها، قال مكتب تنسيق الشئون الإنسانية للأمم المتحدة الخاص بالصومال في نيروبي إن موجات جفاف متتالية ضربت الصومال في السنوات القليلة الماضية، وأكد أن النزاع المتواصل جعل من الصعب جدًّا للوكالات الدولية العمل هناك والوصول إلى السكان في جنوبي البلاد. وقال بيان المكتب إن عدم تمكّن وكالات الغوث من العمل في جنوبي الصومال منذ مطلع العام 2010م، منعت الأممالمتحدة من الوصول إلى الفئات الأكثر جوعًا بخاصة الأطفال وساهمت في الأزمة الحالية. وعن اللاجئين والفارين من هذه المجاعة، تشير التقارير الرسمية إلى أن عددًا كبيرًا من الفارين من موجة الجفاف يتوجهون إلى مخيمات للاجئين في كينيا وإثيوبيا؛ حيث لم تعد هذه المخيمات قادرة على استيعاب المزيد، لا سيما مع عدم توافر المواد الغذائية لتوزيعها على المحتاجين. وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن اللاجئين لدى وصولهم إلى شمالي كينيا وتحديدًا إلى داداب- أكبر مخيم للاجئين في العالم- لا يتلقون المساعدة المناسبة، بل يضطرون للإقامة في ملاجئ عشوائية عند أطراف المخيم. وأفادت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن 54 ألف صومالي فرُّوا من البلاد؛ بسبب الجفاف، وأعمال العنف خلال شهر يونيو فقط.