صحفيو «الجزيرة» ومحمد سلطان أكثر المرجحين بإنهاء أزمتهم.. وخبراء قانونيون: عودة للامتيازات الأجنبية أثار القانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، بخصوص ترحيل السجناء الأجانب الصادر ضدهم أحكام في القضاء المصري أو من تم إلقاء القبض عليهم إلى بلادهم، حالة من الجدل حول المستفيدين منه، والغاية من إصداره، إذ دارت كل الترجيحات حول اتجاه الدولة المصرية للإفراج عن سجناء عرب وأجانب إلى بلدانهم في إطار هذا القانون. وجاء ذلك قبل شهرين من نظر محكمة النقض، أولى جلسات إعادة محاكمة 3 من صحفيي قناة الجزيرة، القطرية، على حكم صدر في وقت سابق بسجنهم ضمن 18متهمًا، في قضية معروفة إعلاميا ب"خلية الماريوت"، والمقرر له الأول من يناير المقبل. كما يأتي في ظل مطالبات للحكومة الأمريكية للإفراج عن الناشط السياسي محمد سلطان، المضرب عن الطعام منذ قرابة العام، لكونه يحمل الجنسية الأمريكية بجانب المصرية. وينص هذا القانون الذي كانت الحكومة قد أرسلته إلى مجلس الدولة، وهي الجهة المعنية بدراسة جميع القوانين التي تزمع الدولة إصدارها، على أنه يجوز للرئيس تسليم الأجانب الذين يتم إلقاء القبض عليهم في مصر إلى بلادهم في أي مرحلة من مراحل التقاضي حال طلب حكوماتهم ذلك. ويشترط القانون موافقة رئيس الوزراء على قرار الرئيس مسبوقًا مذكرة تقدم من النيابة العامة بالتوصية التي تراها، ويستثني المصريين مزدوجي الجنسية من ذلك أيضًا، كما أنه لا يجوز بموجبه تسليم من لجئوا إلى مصر سياسيًا. واستبعد القانون من صدر ضدهم أحكام في قضايا تجسس أو إرهاب أو قضايا تمس الأمن القومي، حيث نص على أن رئيس الجمهورية هو من يحدد من يمكن ترحليهم بعد تحديد المصلحة العامة للبلاد. واعتبر الفقيه الدستوري الدكتور محمد نور الدين فرحات، أن هذا التشريع يخالف القوانين التي تتم دراستها بكليات الحقوق ويعود بنا إلى ما قبل زمن القرن التاسع عشر، باعتباره عودة لنظام الامتيازات الأجنبية التي تخلصت منها مصر. وقال إنه لا يجوز تسليم محكوم عليهم إلا في إطار اتفاقيات تبادل المجرمين وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل، معتبرًا أن "إيثار المجرمين الأجانب بمزايا يحرم منها نظراؤهم المصريون أمر غير جائز دستوريًا، ففي الغالب ستطلق الدول الأجنبية سراح مواطنيها الذين يسلمون إليها في غيبة اتفاقية دولية تلزم الدول الأجنبية بمحاكمة مواطنيها المفرج عنهم أو بتنفيذ العقوبة الصادرة من المحاكم المصرية". وأضاف فرحات، إن "سلطة رئيس الجمهورية بالنسبة للمجرمين لا تبدأ دستوريا إلابعد صدور حكم نهائي وتتمثل في حق العفو، أما قبل ذلك فكل تدخل منه يعد تدخلًا في عمل القضاء مجرّم دستوريًا م 184 من دستور 2014". من جانبه، قال المستشار حامد الجمل الفقيه الدستوري، ورئيس مجلس الدولة الأسبق إنه "لا يجوز لأحد، طبقًا للمبادئ الدستورية العامة ودستور 2014، أن يتدخل في شؤون العدالة، وتتولاها المحاكم بمختلف درجاتها وأنواعها." وتابع الجمل: "هناك نص خاص يقرر أنه يجوز لرئيس الجمهورية العفو عن العقوبة، أما ما ورد عن المشروع الخاص بوقف التحقيقات مع أجانب وتسليمهم إلى بلادهم فيشترط فيه بالضرورة ألا يكون هذا الأمر بقرار من الرئيس إلا بناء على أنه أجريت التحقيقات وجرت الإحالة إلى القضاء وصدور حكم نهائي بات في القضية، أو إعداد قانون شامل ليزيل أثر الاتهام والعقوبة معًا". وتابع قائلاً: "لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يتدخل في مرحلة التحقيق بواسطة النيابة العامة ويفرض وقف التحقيق وتسليم المتهمين إلى الدول الأجنبية التي ينتمون إليها، وبالتالي فلو كان المشروع يتضمن إجازة ذلك فإنه سيكون في هذا الجانب مخالفا لأحكام الدستور." وفي إشارة منه إلى اتفاقية تسليم المطلوبين التي وقعت عليها مصر مع جميع الدول العربية وبضع عشرة دولة أجنبية، أضاف الجمل إن هذه الاتفاقية "لا تسري بشكل يمس السيادة المصرية وسيادة القانون المصري واستقلال القضاء؛ لذا فلا بد أن يتم التحقيق مع المتهمين وإحالتهم إلى القضاء وصدور أحكام نهائية وباتة من هذا القضاء لكي يصدر العفو عن العقوبة من رئيس الجمهورية بعد ذلك — لأسباب سياسية يقدرها —، ولا يجوز على الإطلاق العفو الشامل إلا بقانون يصدر من رئيس الجمهورية لعدم وجود مجلس النواب".