حذرت تقارير من خطورة التصحر، وأعمال البناء التي يغذيها النشاط الاقتصادي والنمو السكاني السريع على الإنتاج المحلي من الأغذية في مصر، في الوقت الذي يخشى فيه أن تخصص مصر كامل دخلها القومي لاستيراد الغذاء من الخارج خلال أقل من 20 عامًا. علمية كشفتها الاممالمتحدة وقدر تقرير شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين" التابعة للأمم المتحدة، أن مصر تخسر نحو 11,736 هكتارًا من الأراضي الزراعية سنويًا، مما يجعل الأراضي الزراعية في البلاد، التي تبلغ مساحتها 3.1 مليون هكتار، عرضة "للتدمير الكلي في المستقبل المنظور". وأضاف أن مصر تستورد أكثر من 60 % من احتياجاتها الغذائية، وقد فقدت نحو 768,903 هكتارًا من الأراضي الزراعية في منطقة شمال الدلتا بسبب ارتفاع مستوى المياه الجوفية وممارسات الصرف السيئة وزحف الكثبان الرملية على مر العقود. كما يشكل ارتفاع مستويات البحار خطرًا على الأراضي الزراعية، مما يتسبب في تسرب مياه البحر إلى المياه الجوفية والحد من الإنتاجية الزراعية. وقال الدكتور عبد الرحمن عطية، أستاذ الزراعة في جامعة القاهرة: "التصحر هو الخطر الحقيقي الذي ينبغي على الجميع الالتفات إليه، وتتجلى هذه المشكلة في وجود فجوة غذائية ضخمة سوف تتسع أكثر في المستقبل كلما فقدنا المزيد من الأراضي الزراعية بسبب التصحر". وتشير وزارة الزراعة المصرية إلى أن مصر فقدت آلاف الأفدنة الزراعية بسبب أعمال البناء؛ فقد تم تسجيل 165,000 حالة بناء على أراض زراعية خلال الفترة منذ سقوط نظام الرئيس حسني مبارك في فبراير إلى يونيو 2011، وفقًا للتقرير. وقال إسماعيل عبد الجليل، الرئيس السابق لمركز بحوث الصحراء المصري إن الدراسات أظهرت أن مصر تفقد أكثر قليلاً من هكتار من الأراضي الخصبة في وادي النيل كل ساعة بسبب البناء على الأراضي الزراعية. وحذر في ورقة بحثية من أن هذا التوجه سيستمر إذ لم يتغير أسلوب "العمل كالمعتاد"، في الوقت الذي وصف حذر صلاح يوسف، رئيس الخدمات الزراعية في الوزارة الأمر بأنه "كارثة". وبحسب التقرير، فإن مصر قامت بالتوقيع على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر عام 1994، كما حظرت تجريف التربة الزراعية كمادة خام للطوب الأحمر، واتخذت تدابير لتقييد التنمية الحضرية على الأراضي الصالحة للزراعة وتنظيم شبكات الري. لكن بالرغم من ذلك فإن المزيج من تضاؤل الأراضي الزراعية والتزايد السريع في عدد السكان – الذي يبلغ 85 مليون نسمة في الوقت الحاضر ومن المتوقع أن يصل إلى 123 مليون في عام 2029 - سيجعل من الصعب على مصر تلبية احتياجاتها الغذائية . ودعا التقرير إلى ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات العاجلة لتعويض خسارة الأراضي الزراعية عن طريق استصلاح الظهير الصحراوي للقرى في الدلتا والمناطق الأخرى، واتخاذ مواقف إيجابية لمنع تدمير المساحات الزراعية. وحذر خبراء في المياه والري من عدم كفاية حصة مصر من مياه النيل والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب لتلبية الاحتياجات المتزايدة لمصر من المياه. وقال مغاوري شحاتة، أحد الخبراء البارزين في مصر في مجال المياه، إن مصر تحتاج ما بين 10 و15 مليار متر مكعب إضافي من مياه النيل لري الأراضي الزراعية التي تبلغ مساحتها 3.1 مليون هكتار. وأضاف: "لقد توقفت المياه بالفعل عن الوصول إلى بعض الحقول في الأجزاء الشمالية والوسطى من دلتا النيل. هذا ما يجعل بلادنا تخسر المزيد من الأراضي بسبب التصحر". وتابع قائلاً: "يجب اتخاذ بعض الإجراءات لتعويض خسارة الأراضي الزراعية عن طريق استصلاح الظهير الصحراوي للقرى في الدلتا والمناطق الأخرى. لا ينبغي لنا أن نقف بسلبية ونشاهد أراضينا الزراعية تتعرض للتدمير فداناً تلو الآخر". وأشار التقرير إلى مسئولية الزراعة عن 85 % من استهلاك المياه في مصر، وفقًا لتقرير حالة البيئة في مصر، وأنه من المتوقع أن تتفاقم مشاكل المياه في مصر لأن دول المنبع، مثل إثيوبيا وأوغندا، التي تعاني أيضاً من النمو السكاني السريع، تضغط من أجل الحصول على حصة أكبر من المياه لتلبية احتياجاتها الخاصة. ونوه التقرير إلى تحذير خبراء البيئة من أن تغير المناخ سوف يزيد الوضع تعقيدًا. وقال عماد فريد، وهو خبير بيئي بارز إنه "من الصعب تقييم الدمار الكامل الذي يسببه تغير المناخ في قطاع الزراعة في هذا البلد... فارتفاع درجات الحرارة وشدة موجات الحر والبرد تسبب تقلبات في هطول الأمطار، وهذه التقلبات تؤدي إلى التصحر في نهاية المطاف".