كان عمرها 5سنوات عندما نزحت من بلدها بورسعيد بسبب العدوان الثلاثي الدبلوماسية الوحيدة التي اختارها بطرس غالي للعمل معه بالأممالمتحدة
بذلت جهدًا جبارًا لإعادة العلاقات المصرية – الإفريقية إلى مسارها السابق
تعرضت لحملة شرسة في الإعلام الأمريكي بسبب إثارتها قضية التمويل الأجنبي
كان عمرها خمس سنوات عندما وقع العدوان الثلاثي على بورسعيد، واضطرت مع أسرتها الصغيرة إلى النزوح منها والتوجه إلى الإسكندرية، كانت محنة مبكرة عانتها طفلة صغيرة لم يتشكل وعيها بعد، كان يفزعها هدير الطائرات وهي تدك المنازل وتسقطها على رؤوس ساكنيها، وتحت وطأة القصف غادرت مسقط رأسها إلى مكان آخر تلوذ فيه بالأمان، ربما كانت تلك المعاناة المبكرة سببًا في شعورها بمسئولية أكبر نحو بلدها مصر وهي تدافع عن حقها في استعادة طابا أمام المحكمة الدولية، حيث كانت ضمن فريق الدفاع المصري، مثلما كان ذلك دافعًا للتفوق وإثبات الذات وهي تشق طريقها بنجاح في السلك الدبلوماسي منذ انخرطت فيه قبل 39 عامًا، فكانت أول امرأة مصرية وعربية تتولى رئاسة بعثة مصر لدى الأممالمتحدةبجنيف، والعديد من المنظمات الأخرى، وكانت أيضًا أول امرأة تتولى وزارة الدولة للشئون الخارجية، وهي الوزارة التي عملت فيها لسنوات طويلة إلى جانب الدكتور بطرس بطرس غالي، وعندما غادرها ليتولى منصب الأمين العام للأمم المتحدة عام 1992 كانت هي الدبلوماسية المصرية الوحيدة التي اختارها للعمل معه كمستشار خاص اعترافًا منه بتمرسها في شئون القارة السمراء.
مهندسة العلاقات الإفريقية استطاعت أبو النجا أن تخلق شخصية مميزة لوزارتها، بفضل جديتها، وجهدها الدءوب حيث كانت تعمل نحو 18 ساعة يوميًا، وقد لعبت دورًا بارزًا في تحسين العلاقات المصرية - الأفريقية على صعيد محاولة إعادتها إلى عهدها الذهبي، وإصلاح ما أفسدته سنوات من تراجع الاهتمام المصري بهذا الملف بالغ الحيوية، فهي تمتلك خبرة كبيرة في هذا المضمار تعود إلى فترة عملها بجانب بطرس غالي، صاحب العلاقات الواسعة بالأفارقة، وقد أُسند إليها هذا الملف خلال الفترة من 1997 حتى 1999، حيث شغلت منصب نائب مساعد وزير الخارجية للعلاقات الأفريقية الثنائية، واعترافًا بإسهاماتها العديدة لصالح أفريقيا، تم الإشارة إليها في كتاب الدكتور شارون فريمان "حوار مع قيادات نسائية أفريقية قوية : الإلهام، والدافع، والإستراتيجية" باعتبارها واحدة من القيادات النسائية الأحد عشر الأكثر قوة في أفريقيا، تحتفظ بعلاقات هائلة مع الشخصيات الأفريقية الاقتصادية والسياسية، وهو ما بدا خلال مشاركتها في أعمال المنتدى الثالث للاستثمار للدول الأعضاء بالسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا "الكوميسا" الذي عقد بمنتجع شرم الشيخ في عام 2010، فقد التف حولها الضيوف الأفارقة، وبحثت بنفسها عن أصدقائها الحاضرين للمنتدى، وكانت تحمل هدية لإحدى الصديقات الإفريقيات، لكنها فوجئت بغيابها، فطلبت من صديقة أخرى توصيل إليها. تعتبر الاهتمام بالدول الأفريقية جزءًا لا يتجزأ من قضية الأمن المائي لمصر، التي تنظر إليها باعتبارها قضية أمن قومي، لها الأولوية المطلقة، من هنا يأتي تركيزها على علاقات التعاون مع دول حوض النيل، خاصة أثيوبيا التي زارتها ست مرات خلال 11شهرًا فقط، لتدعيم العلاقات معها، ونجحت في زيادة الاستثمارات المصرية هناك إلى مليار دولار في غضون 10 أشهر فقط. وترى من الضروري أن يكون هناك تعاون ومصالح مشتركة ومنافع متبادلة لكل دول الحوض، ومن ثم تقول إنه من الواجب على مصر مساعدة تلك الدول ونقل الخبرات المصرية إليها؛ لإيجاد أرضية مشتركة وهو ما بدأت فيه بالفعل شركات مصرية، وقد توجهت ناحية أثيوبيا التي تمتلك ثروة حيوانية ضخمة لاستيراد اللحوم منها، وفي ضوء هذا التعاون لا تبدو قلقة من التواجد الإسرائيلي في دول منابع النيل، حيث تقول: "لا يجب أن يخيفنا هذا الأمر، طالما نحن نعمل على تدعيم البعد الإستراتيجي لنا في أفريقيا، وقد تعمدت مصر تدعيم العلاقات الاقتصادية مع أثيوبيا لتحقيق هذا البعد". قضية الألغام المنتشرة على 22 % من مساحة مصر، وتحديدًا بمنطقة الساحل الشمالي الغربي لمصر تحتل أهمية كبيرة على أجندة أبوالنجا بحكم منصبها الذي تشغله منذ عام 2001 كرئيسة للجنة القومية لنزع الألغام وتنمية الساحل الشمالي الغربي بمصر، وتبذل في هذا الإطار جهودًا كبيرة لحل هذه المشكلة الخطيرة للقضاء على الخطر الداهم الذي تمثله مخلفات قابلة للانفجار من حرب لم يكن لمصر فيها ناقة ولا جمل، وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع القومي المصري لإزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالي الغربي، حيث تم إزالة أكثر من 315000 لغم وجسم قابل للانفجار من مساحة 31250 فدانًا أصبحت في متناول الوزارات المعنية. تبدو شديدة الانبهار بعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين حتى أنه عندما تكريمها في معرض القاهرة الدولي للكتاب كانت نصيحتها لكل مواطن مصري أن يقرأ كتابه "مستقبل الثقافة في مصر"، فهي تعتبره أفضل تشخيص لعلات مصر، ويحمل في طياته الدواء الناجع لمشاكلها، خاصة في قضية التعليم، وذلك نابع من نظرتها إلى أن التعليم هو عضال الداء الذي تعانيه مصر، مع ذلك ترى أنه ليس بالضرورة أن يلتحق الجميع بالجامعات، ولا بد من توجيه الاهتمام للدراسة بالمعاهد الفنية وتغيير نظرة المجتمع إزاءها، روشتها لتحقيق نهضة في مصر تتخلص في ضرورة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبرها العمود الفقري لجميع الدول التي نمت وتقدمت، لا تخفي تأييدها للدعم أيًا ما تكن صورته، شريطة أن يصل لمستحقيه الحقيقيين.
قضية التمويل الأجنبي الدبلوماسية المخضرمة تعرضت لحملة هجوم من الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية بعد أن أثارت قضية التمويل الأجنبي الضخم "غير المشروع" لعدد من منظمات المجتمع المدني في مصر، عقب ثورة 25يناير 2011 والتي تقول أبوالنجا إن الإدارة الأمريكية استغلتها كواجهة لخدمة أجندتها في مصر وسعت كما قالت في شهادتها خلال التحقيقات لوأد أو إجهاض الثورة بعد أن تفاجأت بتلك الثورة وخرجت عن سيطرتها لتحولها إلى ثورة للشعب المصري بأسره، وهو ما قررت الولاياتالمتحدة في حينه العمل بكل ما لديها من إمكانيات وأدوات لاحتواء الموقف وتوجيهه في الاتجاه الذي يحقق المصلحة الأمريكية والإسرائيلية". وجاء في شهادتها المثيرة للجدل، التي أدلت بها في مطلع عام 2012، أي بعد عام من الثورة، إن "هذا السيناريو الرامي لإجهاض الثورة يقوم على خلق حالة من الفوضى تتمكن من خلالها القوى المناوئة لمصر من إعادة ترتيب أوراقها في التعامل مع التطورات بعد ثورة يناير، ومن ثم استخدمت الولاياتالمتحدة وحليفتها إسرائيل التمويل المباشر لعدد من المنظمات التي تتستر وراء العمل الأهلي كوسائل لتحقيق أهدافها، فخلال الفترة من فبراير وحتى سبتمبر 2011 بلغ حجم التمويل الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني المصرية والأمريكية العاملة في مصر 105 ملايين دولار، ومقابل ذلك عملت تلك المنظمات على استقطاب طلبة جامعات وصحفيين وعمال وركزت على موضوعات ذات حساسية مثل قضية الأقباط وجمع معلومات والإغراء بمهمات السفر إلى الخارج مدفوعة التكاليف تحت عناوين التدريب والاطلاع"، كما قالت في شهادتها آنذاك. وسرعان ما جاء الرد الأمريكي على شهادتها بشن موجة هجوم واسعة في الصحف الأمريكية ومحاولة لحصارها من جانب الدبلوماسيين الغربيين بالقاهرة. كانت عضوًا فاعلاً في جميع الحكومات التي تعاقبت على مصر بعد الثورة، وآخرها حكومة الدكتور كمال الجنزوري (25نوفمبر 2011 24يوليو 2012)، والذي قام بتقبيل جبينها تقديرًا لأدائها. وربما ذلك كان أحد العوامل التي حفزت الرئيس عبدالفتاح السيسي لاختيارها في منصب مستشارة الأمن القومي الأمريكي، في ظل اضطلاعها بالعديد من الملفات، وخبرتها الواسعة التي اكتسبتها على مدار نحو 40عامًا في السلك الدبلوماسي، وفي وزارة التعاون الدولي، وهي أول امرأة تتقلد هذا المنصب الذي لم يكن موجودًا من قبل، فيما يعيد إلى الأذهان اختيار كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق، والتي عملت مستشارة للأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، كأول أمريكية تتقلد هذا المنصب.
أبوالنجا في سطور أبو النجا من مواليد 12 نوفمبر 1951، تخرجت من كلية التجارة جامعة القاهرة عام 1973 بدأت مشوارها المهني بالانضمام للعمل في السلك الدبلوماسي في عام 1975، عندما التحقت بالعمل في وزارة الخارجية المصرية، وكانت أولى مهامها في الخارج هي عضوية البعثة الدائمة لمصر لدى الأممالمتحدة في نيويورك ، حيث مثلت مصر في اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بنزع السلاح والأمن الدولي، وكذلك في اللجنة الثالثة المعنية بموضوعات الحقوق الاجتماعية وحقوق الإنسان. وفي عام 1987، انضمت إلى فريق الدفاع المصري برئاسة السفير نبيل العربي في لجنة هيئة تحكيم طابا في جنيف، والتي أصدرت حكمها لصالح مصر بعد جلسات استماع قانونية ودبلوماسية طويلة وشاقة توجت بصدور حكم لصالح مصر في النزاع، وكانت تلك آخر قطعة أرض مصرية يتم تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، ونظرًا لعلاقات العمل الممتدة مع الدكتور بطرس بطرس غالي، عندما كان وزيرًا للدولة للشئون الخارجية، تم اختيارها للعمل معه كمستشار خاص عندما تم انتخابه أمينًا عامًا للأمم المتحدة عام 1992، وكانت هي الدبلوماسية المصرية الوحيدة التي اختارها للعمل بجانبه. عملت في الفترة من 1999 حتى نهاية 2001 مندوبة لمصر الدائم لدى الأممالمتحدةبجنيف وكافة المنظمات الدولية هناك، كما شغلت منصب مندوب مصر الدائم لدى منظمة التجارة العالمية، ومؤتمر نزع السلاح، وهي أول سيدة في مصر تشغل أي من هذه المناصب، وقد شاركت في العديد من المؤتمرات الدولية الهامة، والتي كان من أهمها المؤتمرات الوزارية لمنظمة التجارة العالمية في كل من سياتل 1999والدوحة 2001، ومؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في نيويورك 2000، ومؤتمر الأممالمتحدة العاشر للتجارة والتنمية في بانكوك 2000. وفي نوفمبر 2001 تم تعيينها في منصب وزيرة الدولة للشئون الخارجية المسئولة عن التعاون الدولي، وأصبحت أول سيدة يتم تعيينها في مثل هذا المنصب في مصر والعالم العربي، وقامت بجهد ملحوظ في تعزيز علاقات التعاون الاقتصادية والفنية بين مصر ومختلف دول العالم سواء على المستوى الثنائي أو على المستوى المتعدد الأطراف، وبعد ثلاث سنوات وتحديدًا في عام 2004، وكنتيجة للنتائج الإيجابية التي تحققت في مستويات التعاون الدولى المتعددة، قررت القيادة السياسية إنشاء وزارة مستقلة تختص بملف التعاون الدولي وتعيين أبوالنجا وزيرة لها. وفي نوفمبر 2007، تم تعيينها عضًوا في المجلس الأعلى للاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وقد تم إنشاء هذا المجلس لتنفيذ القرار السياسي الاستراتيجي الخاص بتزويد مصر بعدد من محطات الطاقة النووية للاستخدامات السلمية، وبصفتها الوزيرة المسئولة عن إدارة وتعظيم استفادة مصر من المساعدات الدولية (مساعدات التنمية الشاملة)، تقود جهودًا في هذا المجال وتقوم بدور نشيط في متابعة وتفعيل إعلان باريس، وفي عام 2008، عينت عضوًا في المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، واختيرت عضوًا في مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية.