محكمة خاصة ب"صاحبة الجلالة" يُحاكم فيها الصحفي وكل فرد ذي صلة بالمنظومة الصحفية كلها على ما يُرتكب من أخطاء وجرائم ضدها.. قفص اتهام مُعد دائمًا للمعتدين على حقوقها سهوًا أو عمدًا، ومنصة قضاء تتسع لعدد لا محدود من هيئة المحكمة المشكلة من كل صحفي يملك أدوات مهنته ويحرص على حمايتها والدفاع عنها ضد أي انتهاكات قد تضر بها وبرسالتها.. هذه المحكمة "افتراضية"، خرجت من واقع مؤلم يعيشه مؤسسوها والمرحبون بها لتعيد ترتيب أهم أولويات وسمات وأهداف العمل الصحفي، وعلى الرغم من قسوتها الغالبة على لغة خطابها الناقد لكل الأخطاء المهنية واللغوية والنحوية بمضمون المواد الصحفية المنشورة، إلا أن صداها بدأ يتردد بمحيط واسع بين أبناء المهنة إلى حد صار معه كثير من محرري وناشري الأخبار على المواقع الإلكترونية يحرصون على التدقيق والمراجعة قبل النشر لئلا يرتكب أحدهم "جريمة" تستوجب محاكمته على الإساءة إلى صاحبة الجلالة، وذلك بعرض المادة على صفحة "جرائم في الديسك" وتناول الأخطاء الواردة فيها بدءًا من "صياغة العنوان، متن الخبر، اختيار الصورة وكتابة اسم المحرر، وحتى تحقيق المهنية في تناول مضمون المادة المنشورة من حيث الأخلاق والأهداف العامة لها". بنظرة عامة على الصفحة التي تثير جدلاً شديدًا بين أبناء المهنة هذه الأيام؛ فهي لم تترك موقعًا إلكترونيًّا أو صحيفة مطبوعة لم تعلق على أخطائها، بل إنها تنشر أخطاءً مهنية ولغوية فادحة لجرائد رسمية عريقة منذ عشرات السنين بالصور مثل مانشيت جريدة "الأخبار" عن زيارة الرئيس جمال عبدالناصر إلى باكستان والذي سبقه مانشيت آخر عن "مصرع السفاح"، وهو خطأ لم يعلق مؤسسو الصفحة عليه واكتفوا بنشر الصورة التي تبين لمتابعي الصفحة أن المقصود ب"السفاح" هو الرئيس عبدالناصر!! ولا تقف الصفحة فقط على أخطاء الصياغة واللغة فقط في المادة الصحفية، بل تهتم كذلك بالصور ومدى ملائمتها لمضمونها، وقد عبرت عن ذلك بوضعها للصورة الشهيرة التي حرفتها صحيفة "الأهرام" لصالح الرئيس الأسبق حسني مبارك والتي قدّمته فيها على الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليبدو مبارك هو المتقدم لمسيرة مفاوضات السلام بواشنطن 2010، وهو ما كذبته الصحف الأمريكية وانتقدته بلهجة لاذعة من خلال نشر الصورة الحقيقية التي يتقدم فيها أوباما وفد المفاوضات. وكما انتقدت الصفحة أخطاء الصحف الكبرى الرسمية، انتقدت كذلك أخطاءً شائعة بالصحف المستقلة الحديثة سواء على المواقع الإلكترونية أو بنسختها المطبوعة، فقد وصفت الصفحة صياغة أخبار وكالة أنباء الشرق الأوسط ب"الكارثية" والتي تنقل عنها المواقع والصحف دون مراجعة، كما عرضت تكرار إهمال موقع صحيفة "الفجر" لوضع الهمزات، واعتماد موقع "صدى البلد" على أسلوب التشويق في صياغة العناوين، بالإضافة إلى أخطاء لغوية ونحوية، وتناقض السياسة التحريرية لموقع "اليوم السابع" من خلال نشر أخبار متناقضة في مضمونها عن حدث أو شخص واحد، وعدم اهتمام "فيتو" بنشر صورة مناسبة واضحة للخبر وغيرها من المواقع والصحف التي لم تستثنينا نحن في "المصريون" منها. وبعد موجة هجوم عنيفة شنها بعض الصحفيين الذين نشرت الصفحة موادهم الصحفية وعلقت على أخطاء فيها، كتب مسئولو الصفحة ردًا، قالوا فيه: "هل من الممكن أن يعترف الشخص بجريمته؟ في القانون، الاعتراف بالجريمة يخفف العقوبة، وفي المرض النفسي الاعتراف بالأزمة يساهم في الشفاء، أما في صفحة "جرائم في الديسك"، يستدعي المخطئ أصدقاءه لسب الصفحة والقائمين عليها، ويختلق كل منهم أي حجة تافهة لكي يبرر بها وضاعة مستواه سواء في الصحافة أو الصفحة، سيبقى كل منكم هكذا، أنفارًا تافهة تعمل عند مقاول جشع، يستغلكم ويقتطع من قوتكم ليكسب فقط، وأنتم ستقفون عند هذا الحد، كائنات مجهولة النسب في العمل الصحفي، يطمع فيكم ذو القوة مقابل "جدر بطاطا" كما في رائعة يوسف إدريس "الحرام".. أخيرًا ليس مهمتنا تصحيح جرائمكم، مهمتنا فقط كشفها، وكل لبيب بالإشارة يفهم". أما عن موقف نقابة الصحفيين حيال الواقع المؤسف الذي تشهده الصحافة المصرية من حيث مستوى العاملين بها المهني، فقد أعدت لائحة جديدة لقبول عضوية الصحفيين بها تتضمن اجتياز الصحفي لدورات تدريبية في اللغة العربية والإنجليزية، وكذلك في التشريعات الصحفية والإنترنت، وينتظر الإعلان عن الموعد والمكان المحددين لبدء تسجيل الصحفيين المرشحين لعضويتها بها. شاد الصور: