أثارت الزيارات المتكررة واللقاءات المطولة للقيادة الموريتانية مع مسؤولين غربيين جدلا في الساحة السياسية الموريتانية، دفعت المعارضة إلى التكهن بأن بلادها تخوض حربا بالوكالة عن الغرب، وإلى وصف القيادة الموريتانية بأنها بيدق بيد الغرب الذي يحرص دائما على النفي. فقد استقبلت نواكشوط خلال اليومين الماضيين مسؤولين غربيين بارزين هما وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه وقائد القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا (آفريكوم) الجنرال كارتر هام، واستقبل المسؤولان بحفاوة بالغة في نواكشوط وعقدا لقاءات مطولة مع عدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين. وجاءت الزيارتان بعد أيام قليلة من مواجهتين خاضهما الجيش الموريتاني، إحداهما على الأراضي المالية بالهجوم على غابة واغادو حيث يتحصن عدد من مقاتلي التنظيم المسلح، والثانية على الأراضي الموريتانية بعد هجوم لوحدة من القاعدة على قاعدة عسكرية بمدينة باسكنو في أقصى الشرق الموريتاني (نحو 1400 كلم شرقي نواكشوط). المختار ولد داهي: حديث المعارضة عن حرب بالوكالة يمثل تبخيسا لنجاحات الجيش ثناء لافت وكان لافتا ثناء المسؤوليْن معا وبشكل قوي على الجهود الموريتانية في محاربة الإرهاب ومواجهة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وإعلانهما تضامن بلديهما ووقوفهما إلى جانب الجيش الموريتاني في مواجهة تنظيم القاعدة. فوزير الخارجية الفرنسي قال إن موريتانيا "تظهر حزما كبيرا وفعالية قوية وتصميما سياسيا وعسكريا"، وحيا شجاعة وتصميم الجيش الموريتاني وما أظهره في المواجهات الأخيرة تحديدا من بسالة وفعالية. أما المسؤول العسكري الأميركي كارتر هام فقال إنه لمس لدى الموريتانيين عزما غير مسبوق في مواجهة ظاهرة الإرهاب لم يلمسه في جميع دول المنطقة التي زارها. وبعيد مغادرة المسؤول الفرنسي، عقد وزير الدفاع الموريتاني لقاء مطولا مع السفير الفرنسي في نواكشوط تركز حول سبل تطوير علاقات البلدين في المجالات العسكرية، أما السفيرة الأميركية فقد تكثفت لقاءاتها بالمسؤولين الموريتانيين، والتقت الرئيس محمد ولد عبد العزيز أكثر من مرة خلال الشهور الماضية. بيادق الغربيين وقد أعاد ذلك الحراك ذو الطبيعة العسكرية والدبلوماسية الجدل في الساحة السياسية الموريتانية بشأن ما إذا كان النظام الحالي يخوض بالفعل حربا بالوكالة عن الفرنسيين والأميركيين ضد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وقد طفا ذلك الجدل على السطح بعيد اشتراك قوات موريتانية مع أخرى فرنسية منتصف العام الماضي في عملية عسكرية استهدفت أحد معاقل القاعدة بالشمال المالي وهدفت لتحرير الرهينة الفرنسي ميشيل جرمانو، ولكنها فشلت في تحقيق الهدف وأعدم جرمانو يوما واحدا بعيد العملية. ويقول النائب المعارض والقيادي بمنسقية المعارضة محمد المصطفى بدر الدين إن تلك الزيارات واللقاءات وما يجري خلفها من تنسيقات تظهر بما لا يدع مجالا للشك أن نظام ولد عبد العزيز ليس إلا بيدقا بيد الفرنسيين والأميركيين يستخدمونه كيف ومتى شاؤوا في حرب فشلوا هم أنفسهم في حسمها. ويضيف في تصريح للجزيرة نت أن الأميركيين انسحبوا أو يكادون من العراق، وخاب أملهم في تحقيق نصر على تلك التنظيمات المسلحة، كما أن الفرنسيين يستعدون الآن لمغادرة أفغانستان، في حين أن دول المنطقة رفضت دخول حرب مفتوحة بالوكالة عن الغربيين، أما النظام الموريتاني فلم يلق بالا لكل تلك الاعتبارات وأخذ المبادرة بالانخراط في حرب بالوكالة عن الغربيين لاستدرار عطفهم وضمان تعاونهم. وزير الخارجية الفرنسي في مطار نواكشوط يدلي بتصريحات قبيل مغادرته التقاء مصالح ولكن وزير الخارجية الفرنسي نفسه وحين سئل عن اتهامات المعارضة للنظام بخوض حرب بالوكالة عن الفرنسيين، نفى ذلك ضمنيا وقال إن موريتانيا تدافع عن مصالحها لا عن مصالحنا، ولكنه مع ذلك نصح النظام بالاستماع إلى المعارضة وتعزيز الإصلاحات وتعميق الديمقراطية، وأعرب عن ثقته في قدرة الحكومة على ذلك. في حين نفى الجنرال كارتر هام وجود نية لدى بلاده لإقامة قواعد عسكرية في موريتانيا، وإن أقر الاثنان بوجود تعاون استخباراتي وخبراء عسكريين يقدمون التكوين والتدريب للجيش الموريتاني. وذهب القيادي في الحزب الحاكم المختار ولد داهي إلى أن مجرد حديث المعارضة عن حرب بالوكالة يمثل تبخيسا لنجاحات الجيش وطعنا له في الظهر في وقت يقدم فيه الشهداء والجرحى ويحقق الانتصارات ضمن إستراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب وحماية البلاد. ويؤكد في تصريح للجزيرة نت أنه لو كانت موريتانيا تخوض حروبا بالوكالة لخاضتها في ساحات وميادين أخرى، ولكنها اليوم تخوض حربا على حدودها ضد عدو يتربص بأمنها ويستهدف استقرارها، ولا ضير بعد ذلك أن صادف الأمر مصلحة أو هوى لدى جهات إقليمية أو دولية.