رفع الدعم تدريجيًا والطاقة المتجددة والضبعة.. مهام ضرورية على المكتب الوزير    توقيع مذكرة تفاهم بين هيئتي الدواء والشراء الموحد لتفعيل منظومة التتبع الدوائي    مصر تستضيف 30 منظم رحلات صيني لتنشيط السياحة    الرئيس الروسي يكشف عن مستقبل اقتصاد عدد من الدول النامية    قبل عيد الأضحى.. أسعار الزيت والسكر والأرز واللحوم اليوم الجمعة 7 يونيو 2024 بالأسواق    محلل إسرائيلي: تل أبيب تتجه نحو فشل ذريع متعدد الأبعاد    بايدن: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 225 مليون دولار    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    حضور تهديفي بارز لأجانب الدوري المصري في تصفيات المونديال    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    الصحة: عيادات بعثة الحج الطبية قدمت خدمات الكشف والعلاج لأكثر من 4 آلاف من الحجاج المصريين في مكة والمدينة    إصابة 4 أشخاص إثر حادث انقلاب سيارة أمام قرية الجديدة في الشرقية    بعد إثارتها الجدل في حفل زفاف جميلة عوض.. تعرف على حقيقة حمل درة    تعرف على موعد عزاء المخرج محمد لبيب    المطيري يلتقي وزيرة العمل الفلسطينية على هامش مؤتمر جنيف    القيادة الأمريكية تعلن نجاح إعادة إنشاء الرصيف البحرى المؤقت فى قطاع غزة    بعثة الحج بوزارة الداخلية تستقبل آخر فوج من ضيوف الرحمن بالمدينة المنورة| صور    توريد 605 ألف طن من الذهب الأصفر لشون وصوامع الشرقية    حسابات الرئيس    متحدث الأونروا ل"القاهرة الإخبارية": أكثر من 179 منشأة للوكالة دمرت فى غزة    مصابة بمرض الباراسومنيا، سيدة تتسوق أثناء النوم    حرمة الدماء والأموال في ضوء خطبة حجة الوداع، موضوع خطبة الجمعة القادمة    بدء تلقى تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ الأحد    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    إزالة 465 حالة إشغال طريق مخالف بمراكز البحيرة    تشييع جنازة نادر عدلى في العاشر من رمضان اليوم والعزاء بالمعادى غداً    أحكام الأضحية.. ما هو الأفضل: الغنم أم الاشتراك في بقرة أو جمل؟    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024    وزارة العمل: توفير 7 ملايين و240 ألفا فرصة عمل فى الداخل والخارج منذ 2014    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    عيد الأضحى- فئات ممنوعة من تناول الممبار    بروتوكول تعاون لاستقطاب وافدين من أوروبا والخليج للعلاج بمستشفيات «الرعاية الصحية»    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    الصحف الأوروبية.. تلجراف: روميلو لوكاكو يفتح باب الانتقال إلى دوري روشن السعودي.. ديلي ميل: تشيلسي يرغب في التعاقد مع مهاجم إيفرتون    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    يونس: أعضاء قيد "الصحفيين" لم تحدد موعدًا لاستكمال تحت التمرين والمشتغلين    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الدائري بالقليوبية    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات في ظاهرة الالتصاق بالكراسي
نشر في المصريون يوم 06 - 07 - 2011

هي ظاهرة تحتاج إلى دراسة متأنية لفهم أبعادها والوصول إلى أسبابها لاسيما في الدول العربية والإسلامية، وكذلك العالم الثالث الذي نَشْرُفُ بالانتساب إليه قسرًا، فمعمر القذافي الذي يحكم ليبيا البائسة منذ 42 عاما -ويسعى الشعب الآن إلى خلعه سعيًا دؤوبًا- يُعتبر أقدم الحكام في عالمنا العربي والإسلامي، أما علي عبد الله صالح الذي فيتولَّى زمام السلطة في اليمن منذ عام 1978م ويرفض حتى الآن التخلي عن السلطة والرحيل عن بلدٍ أنهكه الفقر ومضغ (القات).
أما في مصرنا المحروسة فيُعتبر الرئيس السابق محمد حسني مبارك ثالث الحكام مُكُوثًا في الحكم بعد رمسيس الثاني الذي ظل قابعًا فوق صدور أجدادنا المصريين لمدة 67 سنة من عام 1279 حتى 1212 قبل الميلاد، وربما كانت هذه الأعوام السبعة والستين مدة يسيرة قياسًا بالأعمار الطويلة التي كان يعيشها الناس آنذاك قبل أن يعرفوا (أمراض الكبد) و(الفشل الكُلوي) و(الأغذية المسرْطِنة)، ومحمد على الذي حكم مصر مدة 43 عامًا بين عامي 1805 إلى 1848م وإليه يُنسب الفضل في تأسيس مصر الحديثة بالرغم من تأصيله لمبدأ التوريث الذي ظللنا نعاني منه حتى سقوط نظام مبارك البوليسي.
كل هذه الأمثلة وغيرها من النماذج التي تموج بها الساحة تجعلنا نطرح تساؤلًا بريئًا ومشروعًا: لماذا يلتصق الحكام بالكراسي؟! أو بشكل آخر: لماذا تلتصق الكراسي بالحكام؟!
إن الحُكم الديكتاتوري المتسلط –كما يقول عبد الرحمن الكواكبي في كتابه القيِّم "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"- يقوم على ثلاثة أعمدة رئيسة هي: الحَاكِم، المتمجِّد، الرَّعية، والثاني والثالث هما السبب المباشر في تمسك الأول بالحكم لفترات طويلة لا تنتهي إلا بأقرب الأجلين: الموت أو الخَلْع، وفي الغالب يُعاني هؤلاء الحكام السلطويون من أدواء نفسية منها التوحد مع الكرسي بحيث لا يقوى على فراقه، ولا يأنس إلا به، ولا يأمن غيره من الأرائك ولو كانت مريحة هي الأخرى.
ولئن سألنا حُكَّامنا عن سبب هذا التشبث القوي بالكراسي لتنوعت إجاباتهم وتعددت مبرراتهم الواهية كأنما يخاطبون شعوبا بلهاء لا تعرف من أمر حياتها شيئًا..
فمثلا يقول أحدهم إنه يخشى على الأمة من الضياع بعده إذا وُسِد الأمر إلى قُوى معارِضة تجر البلاد إلى ويلات لا يعلم مداها إلا الله!!
ويقول آخر: إن عدم وجود كفاءات لتولي مهمة الحكم والقيام بأعبائه الجسيمة هو سبب تمسكه!
ويستبق ثالث الأحداث ليعلن أنه يؤصِّل لقيام حالة أفضل من الجو الديمقراطي – على اعتبار أن حكمه أصلا ديمقراطي!!
كل هذه المبررات لا تَرقى إلى مجرد التصديق من قِبلِ شخص عنده أثارة من علم بالسياسة وألاعيبها، فمن قال إن إسناد الحُكم إلى المعارضة في بلد من البلدان سيجرها إلى الويل والثبور وعظائم الأمور؟! فالأحزاب في أمريكا وبريطانيا وحتى إسرائيل وغيرها من الدول تتناوب على الحكم تماما كلعبة الكراسي الموسيقية -التي كنَّا نلعبها وقت أن كنَّا صغارا- ولم نسمع مثل هذه المبررات السخيفة التي لا سند لها من الحياة السياسية!!
ومن قال إن البلد خالية من الكفاءات التي تستطيع تحمل أعباء الحكم؟! وإذا صحَّ هذا الكلام فمن المسئول عن تجريف هذه الكفاءات واضهادها حتى صارت طيورونا تغرد على أشجار الآخرين وتطربهم، واستبدلوهم بالغربان التي لم تجلب لنا غير الشؤم والضياع؟! أوليس من مسؤليات السادة الحكام أن يصنعوا أجيالا قادرة على تحمل المسئولية ومنها الحكم؟!
ثم إن أغلب هؤلاء الحكام لم يتولوا أزِمَّة الحكم عن استحقاق وكفاءة؛ فهذا عن طريق انقلاب، وهذا عن طريق القوى الكبرى في العالم، وهذا استيقظ من نومه ليجد نفسه رئيسًا مثلما حدث مع رئيسنا المفدَّىَ الذي قال إنه لم يكن يطمح في أكثر من تعيينه سفيرًا في لندن!!
من قال إن الحاكم الذي ظل طيلة حياته يمارس السلطة المطلقة حتى أدمن الديكتاتورية سيتحول بقدرة قادر أو حتى بعصا موسى إلى مُؤصِّل للديمقراطية الأمريكية وحامل لرايتها العالية، متخلِّيًا عن النظام البوليسي الذي ظل يحتمي به سنواتٍ طوالا هي على شعبه أشد من سِنيْ يوسف؟!
إن حرص الحكام على كراسيهم ما هو في الحقيقة إلا مرض مُكتَسبٌ (تماما كنقص المناعة المكتسبة المعروف بالإيدز).. أو ك (قرحة الفراش) وهو المرض الذي يصيب المرءَ بسبب عدم تدفق الدم إلى أجزاء بعينها كلما طالت مدة بقائه في الفراش.
ولأن من يُنشَّأُ في الحلية ويُجربُ حياة الخَدَم والحَشَم يصعب عليه مغادرة القصور الفخمة، حيث تعوَّد هنالك أن يَأمر فيُطاع، وأن يقولَ فيُستَمَعُ إليه، فإن الحكام يفضلون نار الحُكم على جنة التقاعد، ولعل في ابن علي ومبارك والقذافي وصالح والأسد وغيرهم نماذج حية وملموسة لهذا التشبث المذموم بالحُكم وسُدته، وأضحى الثلاثي الأخير مضرب المثل في هذا التشبث الدموي، حيث لا يزالون يصرون على البقاء في الحكم ولو على جماجم شعوبهم وجماجمه..
فهل ستضع الثورات العربية حدًا لهذه الأنظمة الديكتاتورية التي تعفنت على كراسيها وعششت العناكب في رأسها فلم تعد قادرة على الفهم والإدراك؟! أم تكون أمتنا كمن نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا؟!
- كاتب وإعلامي مصري
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.