أقبل علينا عيد الأضحى المبارك .. عيد التضحية والفداء , العيد الذي يذكرنا بمناسك الحج والعمرة , ففي مثل هذه الأيام تعرض إبراهيم عليه السلام لمحنة ذبح الولد استجابة لأمر الله من خلال رؤيا ( ورؤى الأنبياء حق ) واستسلم إسماعيل عليه السلام لأبيه وقد لوى عنقه ووضع السكين على رقبته إستجابة لأمر الرب تبارك وتعالى , فلما صدقا الرؤيا فداه الله بكبش كبير يقال أنه القربان الذي تقدم به أحد ولدي آدم عليه السلام لله عز وجل فقبله منه , وظل يرعى في الجنه حتى اللحظة التي حمله فيها جبريل عليه السلام وهبط به من السماء إلى حيث المشهد بين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ( وفديناه بذبح عظيم ) وانتهى الموقف بما فيه من عبر وعظات , وستظل معاني التضحية تطل علينا كل عام بما تتضمنه من طاعة لله تعالى وتسليم وانقياد . وإذا كانت أيام العيد أيام فرح وسرور يحتفل بها المسلمون , فإننا في مصر لازلنا نعيش صراعاً مذموماً غير محمود بين أبناء الوطن الواحد ففريق في الحكم وآخر في السجون !! ولا يكاد يعرف معنى مرور الأعياد داخل السجون إلا من عاش حقيقتها وتواجد خلف جدرانها , فهناك من بين إخواننا من عاصر ستين عيداً في ثلاثين سنة تأتي إليهم الزوجات والآباء والأمهات والأبناء وبعضهم في عينيه دمعة حائرة , والبعض على وجهه مسحة حزن عميقة , ولكنهم لا ييأسون من فرج الله القريب . واليوم أشعر بما يشعر به السجناء وأجتر مشاعر حزن قديمة إستدعاها ما نسمعه من أحوال المسجونين وظروفهم المعيشية الصعبة متمنياً أن تفرج السلطات عن كل من ليس له علاقة بحادث وهم كُثر , لأن ذلك يعيد البسمة إلى جميع الأهالي والأقارب ويتوقف معه بعض دعاء المظلومين على الظالمين لهم . إنني كنت أتمنى أن يأتي العيد وقد وجدنا حلاً مناسباً لمشكلة الوطن الذي يحيا محنة كبيرة لا يصح أن تستعصي على الحكماء وأصحاب الحلول العادلة لأطراف الصراع , هذا ما تمنيته بحق وعلينا أن نخلص النوايا ونعلي من قيمة الوطن , وندرك مخاطر استمرار الصراع والصورة النهائية للمشهد الختامي الذي يجب أن نتحاشاه بالحل العاجل الذي يأخذ فيه كل ذي حق حقه وترد فيه المظالم إلى أهلها , وبالرغم من وجود الغصة في الحلق إلا إنني أهنئ الأمة الإسلامية بالعيد وأدعو الله أن يرد لها مكانتها بين الأمم , وأن يصلح بين أبنائها المتناحرين والمتخاصمين, وأن يوفقنا دائماً إلى كل عمل صالح يرضيه ويرضى به عنا . والله المستعان