وصفت مؤسسة حرية الفكر والتعبير مناقشة مقترح بتعديل قانون تنظيم الجامعات ليتيح لرئيس الجامعة عزل أعضاء هيئة التدريس من وظائفهم من خلال توجيه اتهامات لهم بالتظاهر والتحريض على العنف وتعطيل العملية التعليمية داخل مجلس الوزراء والموافقة عليه، بالاعتداء الجسيم على استقلال الجامعة من قبل السلطة التنفيذية، مشددة على أن الجامعة مؤسسة تعليمية مستقلة عن الدولة وغيرها من قوى المجتمع تعمل على صنع القرارات المتعلقة بسير العمل الداخلي والشؤون المالية والإدارية بداخلها، وإقرار سياساتها للتعليم والبحث وغيرها من الأنشطة ذات الصلة. وطالبت المؤسسة، مجلس الوزراء، بالتراجع فورًا عن هذا المقترح والتوقف عن التدخل في شؤون الجامعات وتقييد الحرية الأكاديمية، محذرة من خطورة حزمة القرارات الأخيرة التي تستهدف حريات وحقوق الأساتذة والطلاب على كفاءة الجامعة وإنتاجها المعرفي والأكاديمي. وأكدت المؤسسة أن المناقشة الصحيحة لأي من القضايا المتعلقة بالجامعات، يجب أن تتم أولًا بين أعضاء المجتمع الأكاديمي في مجالس الأقسام والكليات والجامعات، لا من خلال قرارات ومقترحات فوقية من السلطة التنفيذية، تهدر استقلال الجامعة وكفاءتها في الإنتاج المعرفي والأكاديمي، مشيرة إلى أن تلك الخطوة مخالفة لنص المادة 21 من الدستور المصري التي تلزم الدولة أن تكفل استقلال الجامعات. وأدانت المؤسسة بشدة مقترح عزل الأساتذة بقرار من رئيس الجامعة لما له من أثر شديد السوء يتمثل في انتهاك الحرية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس ومخالفته للمواثيق الدولية ذات الصلة، فقد نص إعلان ليما بشأن الحرية الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي عام 1988م على أنه “لا يفصل أي عضو من المجتمع الأكاديمي دون تحقيق عادل أمام هيئة من المجتمع الأكاديمي منتخبة ديمقراطيًا”، وتنص المادة 8 من إعلان كامبالا بشأن الحرية الفكرية والمسؤولية الاجتماعية عام 1990م على أنه “يكون لأعضاء هيئة التدريس والبحث في المجتمع الفكري والأكاديمي ضمان التثبيت في وظائفهم، ولا يطردون من أعمالهم إلا لأسباب سوء السلوك الفادح أو ثبوت عدم الكفاءة أو الإهمال الذي يتعارض مع المهنة الأكاديمية، وتكون إجراءات الفصل التأديبية القائمة على الأسس المذكورة في هذه المادة وفقًا للإجراءات الموضوعة والتي تشترط جلسة استماع عادلة أمام هيئة منتخبة بشكل ديمقراطي للمجتمع الأكاديمي”. وشددت مؤسسة حرية الفكر والتعبير على ان ذلك المقترح يتجاوز كافة المعايير الدولية من حيث إهدار حقوق أعضاء هيئة التدريس في نظام تأديبي عادل ومنصف تقوم عليه لجنة أكاديمية متخصصة ويوفر لهم حق الدفاع عن أنفسهم، ويستبدل بهذه المعايير منح رئيس الجامعة سلطة مطلقة في عزل أعضاء هيئة التدريس دون أدنى ضمانات للنظام التأديبي، ما يجعل قرارات رئيس الجامعة سيفًا مسلطًا على رقاب أعضاء هيئة التدريس، الذين يجب أن يتمتعوا بالأمان الوظيفي حتى يتمكنوا من أداء دورهم في البحث والتدريس والتفكير والمناقشة بحرية داخل الجامعة. كما أن مضمون المقترح جاء مخالفًا لمبدأ تدرج العقوبة واستنفاذ الإجراءات القانونية للتأديب، التي ينص عليها قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972م. ومن شأن هذا المقترح أن يحول رؤساء الجامعات إلى أداة لتقييد الحرية الأكاديمية داخل الجامعة بالتضييق على الآراء الأكاديمية وعلى أعضاء هيئة التدريس بهدف إخضاع الأساتذة للالتزام بحدود معينة في التعبير والفكر والبحث. كما أوضحت المؤسسة أن تلك التعديلات الخاصة بالنظام التأديبي لأعضاء هيئة التدريس غير دستورية من عدة جوانب، حيث تؤدي إلى انتهاك مبدأ سيادة القانون المنصوص عليه في المادة 94 من الدستور وذلك بوضعه سلطة العزل في يد رئيس الجامعة بعدما كانت مخولة لمجلس التأديب، أيضًا فإن التعديل المقترح ينتهك مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه بموجب المادة 95 من الدستور والتي مفادها أن الجزاء بأنواعه سواء كان جنائيًا أو تأديبيًا يجب لتوقيعه التيقن من حصول الشخص المنسوب إليه الفعل المؤثم قانونًا على حقه في محاكمة عادلة ومنصفة سواء كان ذلك أمام هيئة قضائية أم أمام إحدى هيئات التأديب الإداري.