الأستاذ الكبير محمود سلطان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أتابع باهتمام بالغ مقالكم اليومي في جريدة المصري وأتفق مع سيادتكم في الكثير مما فية بل وأجده من أهم المقالات العلمية والعاقلة في صحفنا المصرية التي نكن لها كل احترام (ما عدا الصحف الحكومية طبعا) واسمحوا لي أن أعبر عن بعض النقاط التي سجلتها على مقالكم الأخير والمتعلق بالنقاش أو الجدل الدائر بين الأستاذ عمرو خالد والشيخ القرضاوي والدكتور محمد سليم العوا. وهذه النقاط في النهاية تعبر فقط عن رأي متواضع من قارئ يدعي أنه قارئ جيد لمقالكم المحترم جدا. وأهم هذه النقاط. 1) لا يمكن أن ننكر تأثير الأستاذ عمرو خالد الإيجابي في مجال الدعوة وخاصة على الشباب العربي وهذا أمر محمود لا يمكن إنكاره بل ونشجع استمراره وتطوره. ولقد تابعت يوميا خلال شهر رمضان الماضي حلقات الأستاذ عمرو خالد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكم كانت هذه الحلقات أكثر من رائعة. 2) إنني بحكم عملي الأكاديمي أسعى في معظم الأحيان إلى تحليل بعض الظواهر التي تحدث في المجتمع ومنها ظاهرة الأستاذ عمر خالد والتي تحتاج فعلا إلى دراسات عميقة ومتأنية. فهذه الظاهرة لا يمكن عزلها عن العديد من الظواهر الجديدة التي تحدث في المجتمع الآن وبينها علاقات وروابط مشتركة. لذلك أجد أن هناك العديد من التساؤلات التي تطرح نفسها في هذا الخصوص لعل أهمها: ما هو السبب أو الأسباب المؤدية إلى إقبال الشباب بهذه الدرجة إلى سماع أحاديث الأستاذ عمرو خالد دون غيره بالرغم أنه ليس أفضلهم علما؟ هل هذا الاقبال مرتبط بطبيعة شخصية الأستاذ عمرو خالد الجاذبة للشباب؟ هل هذه الجاذبية راجعة إلى رغبة الشباب الجامحة دائما نحو تجديد الوجوه والأفكار؟ هل تعبر هذه الجاذبية عن قدرة الأستاذ عمرو خالد على تبسيط المعرفة للناس على كافة المستويات؟ عموما هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إجابات ودراسات. 3) أخشى أن أعرض أحد التفسيرات التي تحتاج إلى تبريرات علمية حتى لا يفهمها البعض بشكل خاطئ, ولكن يجب أن أعرضها ضمانا للموضوعية وهي: هل ارتباط الشباب وغيرهم بالأستاذ عمرو خالد نابعا من خواء فكري وتنشئة اجتماعية تمنع قبول الآخرين وبالتالي يكتفي هؤلاء الناس بالاقبال على برامج الاستاذ عمرو خالد دون إجهاد فكرهم بالاستماع إلى العلماء الآخرين حتى لا يتعبون أنفسهم بالتفكير المنطقي وترجيح الآراء على بعضها. وأعتقد أن هذه أصبحت سمة العصر الحال ونتحمل نحن مسئوليتها كاملة. 4) فيما يتعلق باستنتاج سيادتكم حول المبارزات الكلامية بين الأستاذ عمرو خالد والشيخ القرضاوي والدكتور سليم العوا فإسمح لي أن اختلف معكم في بعض الأمور منها: أ) بالرغم من اتفاقي معكم التام والكامل حول الحالة التي وصل إليها الأزهر الشريف منارة الاسلام في العالم كله بسبب شيخه الجليل الذي لم يقدم أي فتوى إلا وكانت مصدر جدل بين المسلمين بل وأحيانا إهانه لهم وللأزهر, إلا أنني أعتقد أن هذه حالة طارئة سوف تنتهي في القريب العاجل إن شاء الله ضمن الاصلاح الذي ينشده ويتمناه مجتمعنا. فالأزهر لن يندثر دوره أبدا فهناك أساتذة عظام في الأزهر الشريف لهم العديد من الآراء الفقهية والشريفة التي لا تتأثر بالسلطة أو النفوذ التي يتأثر بها شيخ الأزهر ومنهم الشيخ القرضاوي نفسه وغيره ممن لا يمكن حصرهم. فقط أريد من الاعلام والأقلام الشريفة مثل قلمكم ألا تهون من أمر الأزهر كمؤسسة وككيان نعتز به وهو جزء لا يتجزأ من التراث المصري والاسلامي, من حقكم أن تهاجموا بعض المتخاذلين من شيوخه ولكن لا تهاجموا هذا الكيان لأن إضعافه إضعاف لمصر وللعرب وللمسلمين. وإن شاء الله سيأتي اليوم الذي يكون فيه شيخ الأزهر بالانتخاب وليس بالتعيين من السلطة التي يكون ولاؤه لها أولا وأخيرا. ب) نعم إذا كان هناك خلاف بين الداعية والعالم فلابد أن يكون الحسم للعالم. فالداعية له دوره في نشر الاسلام وزيادة المعرفة الاسلامية وتنمية الفكر وغيرها من أمور الدعوة المعروفة. أما العالم المهتم بالبحث العلمي في مجالات الدين المختلفة مثل الفتوىوعلوم القرآن والفقة وغيرها فهو أولى بإبداء الرأي الفقهي وفقا لتخصصه في إطار الكتاب والسنة والاجتهاد. فالعالم هو الذي يوفر في الغالب للداعية المادة العلمية التي يقدمها للناس في صورة تتناسب ومستوياتها التعليمية والثقافية المتباينة. 5) وأخيرا فإنني أناشد جميع الكتاب الشرفاء أمثالكم أن يقتلوا أي فتنة للوقيعة بين علماء الدين ودعاته في مهدها حتى لا تزيد المصائب التي نحن بصددها, نعم نحن نشجع الاختلاف بين العلماء في أمور الدين ولكن لا نحول هذه الاختلافات إلى معارك شخصية ويجد الانسان المسلم العادي أنه هو الضحية وتضيع الثقة ونفقد أهم صمام أمان في حياتنا وهو الدين الحنيف. آسف جدا على الإطالة ولكن أردت فقط أن أوضح وجهة نظري المتواضعة جدا كمواطن مصري بسيط والتي لا يمكن أن ترقى إلى مستوى فكركم العالي. مع تمنياتي لكم بمزيد من التقدم لكي نستمتع ونستفيد من مقالاتكم التي تنير لنا الكثير في الطرقات المظلمة أستاذ بكلية الخدمة الاجتماعية- جامعة حلوان [email protected]