من المعلوم تاريخيا أن محاولات نشر المذهب الشيعى فى مصر لم تنقطع منذ دخول الإسلام فيها.ومازالت مستمرة حتى الآن ، فهل يمكن لمذهب التشيع أن ينتشر ويسود في مصر ؟ هل ينجح الشيعة فى تعميم مذهبهم فى مصر؟ لقد قيل عن مصر أنها ( شيعية الهوى )،فما معنى ذلك؟ وهل ذلك القول هو مقدمة لحملة دعاية للمذهب الشيعى؟ يُنسب إلى الإمام الخميني قوله عن مصر إنها شيعية الهوى، ولكننا نتحفظ فى قبوله على إطلاقه ويجب أن يُفهم فى إطار أن المصريين يحبون آل البيت وهذا أمر طبيعى لأن أهل السنة فى مصر وغيرها يحبون أل بيت النبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم ،وأهل السنّة يصلّون على آل البيت فى صلواتهم (فى التشهد).أمّا كون هذا الحب دليلا على التشيع فهو فهم خاطئ ، ومن ثم فإن وصف هوى أهل مصر بأنه شيعى فهو فى غير محله واستنتاج غير صحيح لأن حب آل البيت ليس مقصورا على الشيعة فقط.. صحيح أن العوام من المسلمين فى مصر يقدسون (ضريح الحسين ) و(ضريح السيدة زينب) مع أن هناك من يؤكد من الناحية التاريخية أن السيدة زينب لم تأت إلي مصر أبدا، كما أن رأس الحسين لم تدفن فيها مطلقا. وايا ما كان الأمر،فلا جدال في حب المصريين لآل البيت ، ولا جدال في أن هناك من المصريين من يتمسحون بآل البيت ويزعمون الانتساب إلى ذرية علي كرّم الله وجهه، لكن كل ذلك لا يكفي لأن يتحول المسلمون المصريون إلي التشيع، لأن التشيع يستلزم ( بالإضافة إلي حب " علي " وذريته وتقديسهم ) شيئا آخر لا يستطيع المصريون القيام به ،وهو كراهية أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة وغيرهم والتبرؤ منهم بل وسبّهم. وقد يصل بعض المصريين في حب " علي" إلي التقديس والتأليه ، لكن ذلك لا يعني عندهم التولي بالمفهوم الشيعي، لأن التولي أو الموالاة بالمفهوم الشيعي أن تكون " مع" علي "ضد" الآخرين ، لذلك يرتبط التولي بالتبري في عقائد الشيعة . ونتيجة لذلك فإنه من المستحيل على المصريين التبرؤ من أبي بكر وعمر وعثمان وأم المؤمنين عائشة ، بل إن المصري يقشعر جسده إذا قرأ أو سمع لعن الشيعة لأولئك الصحابة الأخيار ، وكل ما يقوله المصري التقٍي عن أولئك الصحابة جميعا : " تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ما كسبتم ، ولا تسالون عما كانوا يعملون" ( البقرة : 134-141). ثم إن الفرس كانت لهم أسبابهم القومية والشعوبية في كراهية الصاحبين أبي بكر وعمر ، لأن انهيار المجد الكسروي تم في عهدهما وأكمله عثمان الذي قتل يزدجر الثالث في عهده، وهو يهرب إلي الشرق . فارتبطت لدي الفرس مشاعر الحقد على ضياع ملكهم بكراهية أبطال الفتوحات الإسلامية ، وكان حتما أن يجدوا صيغة دينية سياسية لإظهار هذه المشاعر فاخترعوا التشيع مذهبا دينيا وسياسيا ، وكان سهلا عليهم أن يضعوا على قمة التشيع رمزا عربيا إسلاميا فاختاروا عليا ، ثم اختاروا بعده الحسين ، لأن الحسين – في رواياتهم – قد تزوج إحدى بنات يزدجر الثالث وأنجب منها، أي أن ذرية الحسين عندهم قد جمعت بين شرف آل البيت وشرف الانتساب الكسروي. وتتابعت الروايات والمقولات تحت رمز " علي " و" الحسين " وذريتهما لترسم شخصية مقدسة لأولئك الأئمّة تبتعد عن الإسلام الذي لا تقديس فيه لغير الله جل وعلا ، بقدر ما تقترب من العقائد الفارسية التي تتزاحم فيها الشخصيات والآلهة المقدسة. وإذا كان تقديس الأشخاص عادة مصرية أصيلة لا تختلف فيها مصر عن إيران ، فإن المصريين لم يكن لديهم ثأرا قوميا أو شعبيا بسبب الفتح الإسلامي العربي لمصر ، بل إن المصريين ساعدوا العرب المسلمين في الفتوحات كراهية في البيزنطيين المستعمرين . وبينما احتفظت فارس بلغتها وأدبها وشخصيتها القومية ، فإن مصر تكلمت العربية وأصبحت شخصيتها القومية معبرة عن كل العرب والمسلمين . وقد كانت إيران أولي بهذا الدور من مصر ، حيث التقارب الجغرافي الشديد بين إيران والجزيرة العربية ، في مقابل العوائق الجغرافية التي تفصل بين مصر والجزيرة العربية والمتمثلة في البحر الأحمر والجبال المحيطة به علي الجانبين ،لكن مصر اختارت العروبة واندمجت فيها واختارت الإسلام بالفكر السنّي وتعمقت فيه. لهذا نعرف السبب الحقيقي في إخفاق الدولة الفاطمية الشيعية في تحويل المصريين إلي المذهب الشيعي ، على الرغم من نفاقهم الشديد للمصريين ومع دخول أغلبية المصريين للإسلام في العصر الفاطمي وتعلمهم الإسلام بالطريقة الشيعية. وقد زالت الدولة الفاطمية فى مصر ، و بقيت بعض العادات الشيعية لدى (بعض )المسلمين المصريين في المواسم الإسلامية ، لكن دون الآثار الجانبية الأخرى للتشيع مثل تكفير الصحابة ،كما أن ممارسة هذه العادات لا تكفى لوصف من يقومون بها بأنهم شيعة. نخلص من ذلك إلى أن محاولات نشر المذهب الشيعى فى مصر محكوم عليها بالفشل قديما وحديثا ، وحب المصريين لآل البيت هو أمر طبيعى عند أهل السنة ،وهوى المصريين ليس شيعيا كما قيل ويقال. المصدر موقع أهل القرآن http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_fatwa.php?main_id=949