سعر الريال السعودي بالبنوك اليوم الاثنين 29-4-2024 في البنوك    أسعار الخضروات في سوق العبور اليوم.. «الطماطم تبدأ ب3.5 جنيه»    للتسهيل علي المواطنين ..وزارة العمل تستعد لرقمنة خدماتها    رئيس شركة العاصمة الإدارية يستعرض أكبر مشروعات المدينة أمام نائب رئيس مجلس الوزراء البحرينى    طلب إحاطة حول دور وزارة الصناعة في جذب الاستثمارات الأفريقية    الجيش الأمريكي يشتبك مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر    مساع إسرائيلية وأمريكية لمنع اعتقال نتنياهو.. كيف تفعلها؟    السعودية تصدر بيانًا بشأن حادث مطار الملك خالد الدولي    بسبب الأعاصير.. مقتل 4 أشخاص في ولاية أوكلاهوما الأمريكية    قطر توضح حقيقة دعمها للمظاهرات المناهضة لإسرائيل ماليا    رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول يعتزم لقاء زعيم المعارضة بعد خسارة الانتخابات    طائرات جيش الاحتلال تهاجم مباني تابعة لحزب الله في جنوب لبنان    مباريات اليوم.. مواجهة في الدوري المصري.. وبرشلونة يلتقي مع فالنسيا    سيراميكا أمل فاركو للهروب من قاع الدوري المصري    بفرمان من الخطيب.. كواليس توقيع عقوبة قاسية على السولية والشحات.. فيديو    صباحك أوروبي.. كواليس جديدة بين صلاح وكلوب.. دفعة معنوية لريال مدريد.. ومستقبل رويس    حرارة شديدة.. الأرصاد تكشف حالة طقس اليوم    إصابة 4 أبناء عمومة بينهم سيدتان في مشاجرة بسوهاج    نمو مبيعات التجزئة في كوريا الجنوبية بنسبة 9ر10% خلال الشهر الماضي    قبل انطلاق عرضه، كل ما تريد معرفته عن مسلسل فرسان قريح    أحمد المرسي بعد فوز باسم خندقجى بجائزة البوكر: فوز مستحق لرواية رائعة    لأول مرة تتحدث عن طلاقها.. طرح البرومو الرسمي لحلقة ياسمين عبدالعزيز في برنامج صاحبة السعادة    اليوم.. انطلاق الدورة ال 33 لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب    اليوم.. اجتماع «عربي – أمريكي» لبحث وقف الحرب في غزة    تراجع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية الإثنين 29 أبريل 2024    صحة قنا: خروج 9 مصابين بعد تلقيهم العلاج في واقعة تسرب غاز الكلور    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    عمر عبد الحليم ل«بين السطور»: فيلم «السرب» أثر في وجداني ولن أنساه طيلة حياتي    أدعية للحفظ من الحسد وفك الكرب والهم.. رددها لتحصين نفسك    شبانة: الزمالك يحتاج للتتويج ببطولة تشعر لاعبيه بجماهيرية النادي وحجم الانتصارات    أسماء.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا الجمعة المقبل    ما المحظورات التي وضعتها "التعليم" لطلاب الثانوية خلال الامتحانات؟    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 بالمصانع بعد التحديث الأخير    المندوه: كان يمكننا إضافة أكثر من 3 أهداف أمام دريمز.. ولماذا يتم انتقاد شيكابالا بإستمرار؟    «ايه تاريخك مع الزمالك».. ميدو يهاجم مصطفى شلبي    ميدو: هذا المهاجم أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    وزير الاتصالات: نعمل على زيادة سرعة الإنترنت وتثبيتها وتقوية شبكات المحمول    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



داعش في المستقبل القريب

هذا المقال سأنقل فيه رؤيتي حول عدد من الأسئلة عن مستقبل داعش ، وقد جدد بعثها المؤتمر الذي عُقد في جدة يوم أمس الخميس 16/ 11 /1435 لاستئصالها بمشاركة عشر دول عربية وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية ، وهو وإن كان اختتم أعماله بالاتفاق على القضاءعليها لكن لم يتضح للمتابعين بعد كيف سيكون ذلك .
السؤال الأول : هل الولايات المتحدة جادة حقاً في رغبتها القضاء المبرم على داعش ؟
الجواب : لا أعتقد ذلك ، لعدد من القرائن منها :أن الثقل المالي لداعش يقع في سوريا حيث تذكر التقارير أنها تسيطر على عدد من آبار النفط وتعمل فعلياً في تجارته ، والولايات المتحدة لن تقاتل داعش بنفسها سواء في سوريا أم العراق ، بل تسعى إلى دعم القوى الداخلية لمقاتلتها ، ومعظم القُوَى المُهيأة لقتال داعش داخل سوريا ستجد حرجاً كبيراً حين تفعل ذلك لاسيما بعد إعلان الولايات المتحدة دعمها لمن يشاركها في قتال داعش ،وأسرار هذا الحرج لا تخفى على المسلمين السنة حيث سيكون صعباً جداً في هذه الظروف حفز مقاتليهم للوقوف ضد داعش تحت الراية الأمريكية .
بل إن هذا الموقف الأحريكي المُعلن ضد داعش سوف يزيد من جماهيريتها وربما أدى إلى تسرب عدد من مقاتلي الفصائل الأخرى للانضمام إليها ، فالكثيرون حتى من المقاتلين لا يعتنون بالتبصر بحقائق الأمور ، وكثيراً ما تخدعهم الشعارات ، ولا شك أن شعار العداء لأمريكاً يُعَدُّ في وقتنا الحاضر من أكثر الشعارات قدرة على التعبئة الجماهيرية بسبب ما تمارسه هذه الدولة وما هو مسطور في تاريخها وحاضرها من جبروت ودعم للعدوان.

إذاً أمريكا لن تقاتل داعشاً داخل سوريا ، وهذا يعني الإبقاء عليها هناك آمنة مطمئنة ، بل سيعزز من قوتها في مواجهة الفصائل الأخرى المناوئة لها .

وقد ساعدت روسيا وسوريا وإيران في إيجاد ما تعتذر به أمريكا حين تستبقي داعشاً في سوريا ، وأعني هذه الغضبة التي غضبتها الدول الثلاث على أمريكا جراء إعلانها الحرب على داعش ، وأبدت روسيا رفضها لأي تدخل ضد داعش في سوريا دون غطاء من مجلس الأمن ، الأمر الذي يُمكن أن يُفهم على أنه تلويح باستخدام حق الفيتو حماية لداعش .

الأنظمة الثلاثة - روسيا وسوريا وإيران- التي غضبت لداعش في سوريا لم تخش من أن يكون هذا الوقوف مع داعش فاضحاً لحقيقةٍ تحدث عنها الكثيرون وهي كون داعش صنيعة لتلك الأنظمة ، وأنهم يرفضون أن تُمس صنيعتهم بأذى في مكان نشأتها ، لم يخشوا من ذلك لأنه قد تجلى لهم أن أتباع الدعاية الداعشية ليسوا ممن يغوص في الأعماق وتهمه التفاصيل ليستجلي حقيقة الأمر ، بل هم من السذاجة بحيث لا يفكرون بأبعد مما يصوره في مخيلتهم هذا العلم الأسود الذي يرفعونه بأيديهم .
ولو كان المتعاطفون من داعش أعمق تفكيراً بقليل فقط لتساءلوا عن سر هذا الدفاع عنهم من هذه الأنظمة التي تزعم ويزعمون عداوتها .

إذاً فالولايات المتحدة سوف تستبقي داعشا في سوريا وسوف يصعب عليها إتمام ضربات جوية ضدها هناك ، والقوى السورية المناهضة للنظام الأسدي سوف تحاول قدر المستطاع تجنب القتال مع داعش ، لكنني أشك أن تكون داعشاً قادرة على مبادلتهم هذا الأمر بالمثل ، بل سوف يستمر الداعشيون في إشغال الثوار عن هدفهم الرئيس وبذلك ستضطر الفصائل لمقاتلتهم ، وهنا ستدور رحى معارك بين الإخوة يشرف عليها الأعداء فحسبنا الله ونعم الوكيل .

وهنا أقف لأدعو أبناءنا ممن اغتر بالفكر الداعشي ، وأقول لهم : أنتم فقط من يستطيع الوقوف في وجه هذا المخطط الصليبي الصفوي الخبيث ، وذلك بأن ترفضوا رفع بنادقكم في وجه مسلم بأي حجة يصنعها لكم أمراؤكم وشرعيوكم ، فلا ترفعوا سلاحكم بوجه مسلم يقال لكم إنه مرتد ، ولا بوجه ثائر على النظام الأسدي يُقَال لكم إنه عميل ، واعلموا أن أي رصاصة تطلقونها في قلب من ينطق الشاهدتين إنما تعود على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يفرح بها إلا أعداؤه .
كن عبد الله المقتول ولا تكن عبدالله القاتل .

إنكم أيها الأبناء لو أبيتم رفع سلاحكم إلا في وجه العدو القطعي الذي لا شبهة فيه ولا خلاف أبرأتم ذمتكم ونصرتم أمتكم وخذلتم خطط أعدائكم

هنا يأتي السؤال الثاني: وإلى متى ستستبقي أمريكا داعشاً في سوريا؟

الجواب : إلى أن تحل خلافها مع حليفها الإيراني ومنافسها الروسي في شأن البديل عن نظام الأسد ، وهي مدة قد تطول لسنوات وقد تقصر لأشهر ، وسواء أطالت أم قصُرت ستبقى داعش في حفظ هذه الأنظمة وصونها ودعمها ، وبعد ذلك ستختفي داعش فجأة كما اختفت إمارة العراق الإسلامية من قبل فجأة ، وتتم مطاردة المنتمين لها ، وربما غُرس بعضهم في السجون الأمريكية أو السورية القادمة أو الإيرانية لتتم دراسة قدراتهم واستغلال من يصلح منهم للاستغلال مرة أخرى وفي مؤامرة جديدة ، وربما أتيح لآخرين منهم الالتحاق بأحد فروع القاعدة في بلاد المسلمين .

السؤال الثالث : وماذا عن العراق ، وهل ستقاتل أمريكا داعشاً هناك ؟

الجواب : لا يمكن لأمريكا ذلك ، فداعش لازالت تقوم بمهمتها في العراق خير قيام ، فهي عصا غليظة في حلوق أهل السنة في العراق ، أوقفت ثورتهم عند الحد المرسوم وهو تخوم بغداد ، وجعلتهم في موقف عصيب جداً لا يستطيعون معه التحرك ، لأن أي تحرك منهم ضد الحكومة العراقية ستواجهه داعش بمن معها من أبناء السنة المغرر بهم ، وبدلاً من وتتحول ثورة المطالبين برفع الجور عنهم إلى حرب بين داعش والسنة ، وتبقى الحكومة الصفوية في مكان الجماهير.

لكن داعشاً من جهة أخرى قدمت ولاءها وطاعتها للإيرانيين على طاعتها للأمريكان ، فلم تكتف بالانصراف عن بغداد وإيقاف الثورة السنية العراقية ، بل اتجهت شمالاً نحو حلفاء الولايات المتحدة وهم الأكراد لتُقَوِّض ما أنجزوه بمعونة أمريكية منذ سنوات من أمن وسيادة سياسية واقتصادية ، حتى أضحت أقاليم الأكراد مناخاً آمناً لكثير من المضطهدين ومنهم العرب السنة في الجنوب والوسط.
التفتت داعش شمالاً لتفسد هذا كله بالرغم من أن قوات البشمرقة الكردية وقفت من ثورة الموصل التي شاركت فيها داعش موقف المحايد ، وكان من المنطقي أخلاقياً بل وعسكرياً أن لا تلتفت إليها داعش هذه الالتفاتة المبكرة .

هنا فقط قامت أمريكا بتوجيه ضربات لداعش كان أكثرها لحماية سد الموصل الاستراتيجي والباقي لحماية الأكراد من داعش وليس للقضاء على داعش ، والفرق بيِّن بَيْنَ الأمرين .

فداعش تُحَرِّكُها مصالح الطرفين المشتركة - إيران وأمريكا- حيناً ، وحين آخر تحركها مصالح الأقوى تأثيراً منهما على مُتَّخِذي القرار فيها ، وفي حرب داعش للأكراد اتضح إن النفوذ الإيراني هو الأقوى ، فتركت داعش عدوها الذي تزعم أنه الأصلي وهو النظام العراقي وتوقفت بهدوء عند تلك النقطة من تخوم بغداد التي من المتوقع أن تكون هي حدود الدولة العراقية السنية مستقبلاً في حال اتفق الفرقاء على الحل الفيدرالي أو الحل الانفصالي .

ومما يؤكد عدم جدية الولايات المتحدة في القضاء على داعش في العراق - هذا الوقت على الأقل - أن ما أعلنه أوباما للكونجرس من خُطَّة استراتيجية للقضاء عليها يبدو أن الجانب الاستخباري يأخذ فيها النصيب الأوفر بدليل أنه يرى أنه لن يكون في حاجة لأخذ موافقة مجلس الشيوخ عليها ، كما أنه قال في خطابه :( خلال أشهر، سنتمكن ليس فقط من كسر حدة التنظيم بل سنقلل من قدراته بانتظام، وسنقلل من المناطق التي يسيطر عليها. وفي النهاية سوف نهزمه) وهذه الكلمة يتجلى منها بوضوح أن الهدف المرئي للولايات المتحدة هو فقط التقليل من قدراته ، بمعنى المحافظة عليه في حجمه الذي تريد له أمريكا أن يكون عليه .
وقد تأكد مما أعلنه بعض المسؤولين في البنتاجون حقيقة ما صرح به أوباما ، فلن يكون هناك تدخل بري ضد داعش ، وسوف تقتصر العمليات الجوية على طلعات من أربيل في طائرات لا يمكنها التحليق مسافات طويلة، مما يعني أن معظم الضربات التي ستوجه لداعش ستكون في الحدود الفاصلة بين داعش والأكراد ، ومن المرجح لديَّ أن تستهدف هذه الضربات قرى مدنية عمداً بأعذار المطاردة والاشتباه أو خطأ دون أي مبرر صادق ، وهذا ليس خرصاً بل قياساً قريبا لما تفعله القوات الأمريكية في أفغانستان واليمن ، وهذا العدوان هو ما سيؤدي حتماً إلى استمرار قدرات داعش الإعلامية على استقطاب العناصر الجديدة والتعاطف الشعبي ، ولا أستبعد أن يكون ذلك مقصودا.

السؤال الرابع : هل مؤتمر الدول العشر سيحل مشكلة داعش ؟
الجواب :أن ما ذكرتُه عن مستقبل داعش وعلاقتها بالقوى العظمى لا أعتقد أن وزراء الخارجية الذين اجتمعوا في جدة يجهلونه ، بل إن وزير الخارجية السعودي صرح في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقيب المؤتمر بأن هناك دولاً تتولى دعم داعش ، لكنه لم يصرح بها ، لذلك يبدو لي أن هذه الدول العشر لن تُعَوِّل كثيراً على الولايات المتحدة بالرغم مما تُظهره الأخيره من حماس .
ومن الملاحظ أن الإعلام الأمريكي والغربي بشكل عام ومن سار على نهج هذا الإعلام ينحى منحى تضخيم قوة داعش والتعظيم من شأن عتادها وعُدَّتها بشكل لا يملك المتابع معه إلا أن يظن أو يجزم أن هناك شراً يراد بالمنطقة.
وأعتقد أن وزراء الخارجية العشرة يدركون ذلك ، لهذا يمكن القول بأن للمؤتمر حقيقة ليست ظاهرة على السطح ، هذه الحقيقة هي تدارس ما يمكن فعله فيما إذا كانت داعش عبارة عن تجويف مصطنع تريد أمريكا ومعها حلف الناتوا جر المنطقة برمتها إليه ومن ثَمَّ إشعاله ، وهناك بعض ما يُنذر بذلك ومنها مقترحات عبرت عنها صحيفة البوسطن من مطالبة الحكومة الأمريكية إجبار السعودية على تحريك جيشها لقتال داعش .
وإذا عرفنا أن الجيش السعودي هو الجيش العربي الثاني في المنطقة والأول من حيث العتاد والعدة أدركنا أن مصلحة إسرائيل تكمن في توريط هذا الجيش في أي حرب يمكنها أن تستفرغ الكثير من إمكاناته .
ولا أشك أن السعودية لا ترغب في هذا الخيار ، وقد نجحت لسنوات عديدة في تجنيب جيشها الدخول في أي صراع كان منتظراً من السعودية أن تدخل فيه عسكريا.

ومما يمكن أن يُراد بالمنطقة تكرار النموذج الأفغاني ، ودخول تحالف دولي متعدد الجنسيات يهيمن عليه الحليف الأمريكي ، ولكن ليس ليخرج سريعاً كما حدث في العراق ، بل ليبقى سنوات طويلة يستنزف اقتصاد المنطقة التي سيبقى في ضيافتها مكرهة تحت حجة القضاء على التطرف .
أعتقد أن وزراء الخارجية العشرة يدركون هذه الأبعاد وفي ظني أنها الباعث الأساس للاجتماع ، وأن قرارات حولها ربما اتخذت ، او على الأقل اتخذ تجاهها تفاهمات ستنتهي يوما قريباً إلى اتفاقات رسمية ، أما إن كان الاجتماع لاتخاذ مشروع مشترك للقضاء على داعش وفق الترتيبات التي أعلن عن بعضها ، مع إغفال هذه الاحتمالات فهو اجتماع محكوم عليه بالفشل من بداية الأمر .

كما أن مما يجب على الدول المشاركة في المؤتمر اخذه في الحسبان أن داعشاً ذات الانتماء السني ليست هي الكائن المتطرف الوحيد في المنطقة ، فهناك التطرف الشيعي المتمثل في إيران والميليشيات التي تدعمها هذه الدولة ، كما أن التلميح لكون إيران هي التي تتولى ثقل دعم داعش وتوجيهها كما فعل وزير الخارجية السعودي لم يعد كافياً ، إذ لابد من تسميتها صراحة ، كما ينبغي تسريب الكثير من المعلومات الاستخبارية حول هذه الجزئية للرأي العام الإسلامي والرأي العام العالمي .

السؤال الخامس : ما هو موقفنا من التحالفات الدولية ضد داعش ؟

الجواب : أول ما يجب علينا هو دعوة أبنائنا وأبناء المسلمين للانسحاب من داعش بعد أن تقاطروا عليها من كل صوب ، فالمسلم يتخير لصلاته أطهر الأماكن ويلبس لها أطهر الثياب ، وفي الزكاة يبحث المرء لزكاته أعدل من يعلمه من العاملين عليها ويتحرى حقيقة المستحقين لها ، ومن ارتاد لصلاته مكاناً مشتبهاً في طهارته ، أو لبس لها ما يشك في نجاسته من الثياب ، أو أخذ لوضوئه من المياه مشتبها بنجس لم يتم طهوره ولا صلاته ولا زكاته ، فكذلك الجهاد يجب على العبد التحري فيه ، فلا يرفع سلاحه ولا يبذل مهجته إلا على ماهو مقطوع بصحته عند عامة أهل العلم وخاصتهم.
والأمر على ضد ذلك في داعش فلا يعرف من أهل العلم العاملين وأهل الدعوة المعتبرين من يقول بصحة ما هم عليه فضلاً عن أن نجد عالما يعرف مصادرهم ومواردهم وتاريخهم وما ينبغي عادة للمجاهد أن يعلمه عن جيش يقاتل معه.
وعلى الشاب حين يُدْعى للذهاب معهم أن لا يكتفي بالسماع من إعلامهم ومؤيديهم ، بل عليه أن يسمع أيضاً ممن خالفوهم ، فإنه إن فعل ذلك بتجرد فإن أقل ما سيحصل له تجاههم وقوع الشبهة في كل شئ عندهم ، انتمائِهم السياسي ، عقيدتِهم ، أهدافِهم الحقيقية أهدافِهم المصطنعة ، تمويلِهم وتموينهم ، كل ذلك وغيره سوف يقع الاشتباه فيه ، هذا إذا لم يقع له اليقين في سوء ما هم عليه في كل ِّ ذلك أو بعضه ، فهل من الدين أن يُقَدِّم مهجته في أمر مشتبه ، وهل من الدين أن يقف في ساحات القتال فيقتُل أو يُقْتَل من أجل أمر مشتبه ، إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا باتقاء الشبهات في المأكل والمشرب والمنكح ، فكيف نقع فيها فيما هو أعظم من ذلك ، وهو بذل النفس وقتل النفوس ، قال صلى الله عليه وسلم : ( الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ) وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عقبة بن الحارث أن يفارق زوجته لقول امرأة أنها أرضعتهما ، قال عقبة يا رسول الله إنها لكاذبة ، قال :( وما يدريك وقد قالت ما قالت ، دعها عنك ) فإذا كان المسلم مأموراً بمفارقة من تزوجهازواجاً صحيحاً لشهادةِ امرأة واحدة ، لم يُسأل عن عدالتها ، صيانة للأعراض والأنساب ، فكيف يقع المسلم في الدماء مع وجود الشبهات ، هذا إذا قلنا إن ما يحيط بداعش إنما هو شبهة وحسب ، والحق إنه بلغ رتبة اليقين .

ثم علينا أن ندرك أن أي اشتباك بين القوى الدولية وبين التنظيم ليس حرباً بين الإسلام والكفر ، بل هي حرب بين تنظيم وُضِع لاستنزاف المسلمين وإهدار طاقاتهم وتفريق جماعتهم وبين من قاموا بوضعه إمعاناً منهم في محاولة جر المسلمين إلى أتون المحرقة ، فإذا كان الغرب يقتل المسلمين ، فداعش تصنع الشئ نفسه ، وما مذبحة الشعيطات رحمهم الله منا ببعيد ، والوقوف مع داعش لن يقدم للإسلام شيئاً بل مآلاته خطيرة على من يقف معهم ، فأعدل المواقف أن لا تقف مع الفريقين وندعوا بالسلامة والهداية لأبنائنا من بينهم .
هذا وأسأله سبحانه أن يجنبنا وبلادنا وبلاد المسلمين سائر الفتن ما ظهر منها وما بطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.