بالأرقام.. الحد الأدنى للقبول في الثانوية العامة بالوادي الجديد    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024 ­­­­­­­­­­    محافظ الجيزة يستقبل وفود الكنائس بالمحافظة للتهنئة بعيد الأضحى    ميناء دمياط يستقبل 9 سفن محملة ب 31878 طن فول وزيت طعام    وزيرة البيئة تكشف حقيقة قطع الأشجار بحديقة الميرلاند    محافظ المنوفية يسلم مساعدات مالية ل 80 حالة إنسانية    وزير الإسكان: حرصنا في كل مشروعاتنا على زيادة نصيب الفرد من المسطحات الخضراء والفراغات العامة    وزيرا التخطيط والعمل يبحثان الملفات المشتركة وآليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    أمبري للأمن البحري: سفينة تجارية تطلق نداء استغاثة وتبلغ عن إصابتها بصاروخ من اليمن    أمير الكويت يأمر بتعويض أسر ضحايا حريق المنقف    مبابى يتحدث عن علاقة والده بمدافع منتخب فرنسا    إصابة الخلفية تبعد الجزيري عن الزمالك أمام سيراميكا    كاف يُعلن موعد إجراء قرعة تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025    احتفالا باليوم العالمي.. انطلاق ماراثون للدراجات الهوائية في المنيا (صور)    شبانة: عرض مغري ينقل ديانج للدوري السعودي    الحماية المدنية تسيطر على حريق اندلع داخل محل بإمبابة    ضبط عاطلين بحوزتهما مخدرات بالعمرانية    تموين المنيا يضبط 171 مخالفة متنوعة خلال حملات على المخابز والأسواق    إصابة 4 أشخاص في معركة بالشوم بسبب أرض زراعية في الدقهلية    بدء تصعيد حجاج الجمعيات الأهلية لصعيد عرفات غداً    نجوم «أعلى نسبة مشاهدة» يحتفلون بعقد قران سلمى أبو ضيف | صور    أبرز توقعات حظك اليوم لكل الأبراج.. الخميس 13 يونيو    نائب محافظ الوادي الجديد تتفقد سير العمل بمستشفى الخارجة التخصصي    «صحة المنيا» توقع الكشف على 1716 حالة خلال قافلة طبية مجانية بمطاى    رئيس جامعة حلوان: المعمل المركزي بالجامعة يساهم في توفير بيئة محفزة للبحث العلمي    ضبط القائمين على تسريب امتحانات الثانوية العامة بجهينة سوهاج    قرار جمهوري بتعيين الدكتورة حنان الجويلي عميدًا ل«صيدلة الإسكندرية»    جنوب الوادي تتقدم 200 مركزًا دوليًا في مجال الطاقة النظيفة    في أول ليالي عرضه.. «ولاد رزق 3» يزيح «السرب» من صدارة الإيرادات    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة    وزير خارجية العراق: موقفنا ثابت تجاه وقف إطلاق نار دائم فى غزة    مفتي الجمهورية يُهنئ الرئيس والشعب المصري بمناسبة عيد الأضحى    إغلاق عقار سكني تم تحويله لمدرسة بدون ترخيص    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    تسيير 3 خطوط طيران مباشرة إلى دول إفريقية.. "الهجرة" تكشف التفاصيل    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    الشرقية تتزين لاستقبال عيد الأضحي المبارك    اعتماد المخطط التفصيلي للمجاورة رقم «G&H» بمدينة العبور الجديدة    «الإسكان» تعتمد تعديل تخطيط وتقسيم 5 قطع أراضي بالحزام الأخضر    عقوبات أمريكية لأكثر من 300 فرد وكيان يساعدون روسيا على حرب أوكرانيا    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    اليوم.. موعد عرض فيلم "الصف الأخير" ل شريف محسن على نتفليكس    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر بشأن التمويل الإنساني للمدنيين في أوكرانيا    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    فطيرة اللحمة الاقتصادية اللذيذة بخطوات سهلة وسريعة    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»:«هنجيبه في دقيقتين».. «التعليم» تحذر من هذا الفعل أثناء امتحانات الثانوية العامة.. ماذا أقول ليلة يوم عرفة؟.. أفضل الدعاء    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    الخارجية الروسية: كل ما يفعله الناتو اليوم هو تحضير لصدام مع روسيا    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يقظة الأمة العربية - د:أسامة الغزالى حرب
نشر في المصريون يوم 22 - 06 - 2011

ربما لا يوجد تعبير يلخص ما حدث في العالم العربي‏,‏ بدءا من الثورة التونسية
التي بلغت ذروتها في منتصف يناير الماضي, ثم تبعتها الثورة المصرية, وما تلاها من أحداث في ليبيا واليمن ثم سوريا, أكثر من يقظة الأمة العربية, بعد أن بدت وكأنها راحت في سبات عميق, في ظل شيخوخة نظم ديكتاتورية فاسدة! غير أنه ينبغي ابتداء أن نقف قليلا عند هذا العنوان, أي يقظة الأمة العربية. فهذا التعبير هو عنوان لواحد من أول أهم الكتب المبشرة بالعروبة والوحدة العربية, والذي كتبه المفكر اللبناني الكاثوليكي- نجيب عازوري, قبل أكثر من مائة عام في بداية القرن الماضي, وتحديدا في عام.1905
في ذلك الحين, وضع عازوري كتابه للدفاع عن استقلال العرب عن الدولة العثمانية, وكان من رأيه حينئذ أنه علي العرب والأكراد والأرمن أن ينفصلوا, لكي يشكلوا دولا مستقلة حرة, مستوعبه لأفكار التقدم والحضارة الأوروبية. ولكن عازوري أيضا كان متحيزا لوجود علاقة خاصة مع فرنسا التي كانت تتنافس- في ذلك الوقت- مع بريطانيا, ولكنه مات في سنة1916, أي قبل أن يشهد الوجه الاستعماري لفرنسا الذي ظهر مع الكشف عن اتفاقية سايكس بيكو عام1917 التي تقاسمت فيها النفوذ في المشرق العربي مع بريطانيا!( وهو بالمناسبة مات ودفن في القاهرة, حيث كان هاربا من السلطات العثمانية!). غير أن المثير هنا أن نلاحظ أن عازوري كان يخرج مصر من دائرة العروبة, وكان أقرب في ذلك إلي أفكار مصطفي كامل, وجمعية مصر الفتاة التي كانتا أيضا تنكرانها حينذاك, لكن تلك علي أية حال قضية أخري.
إن يقظة الأمة العربية التي نقصدها هنا عام2011- ليست اليقظة التي أشار إليها عازوري في مواجهة قوي احتلال أجنبي كانت هي قوي الاحتلال العثماني- ولكنها بالأحري يقظة وانتفاضة وثورة الشعوب العربية ضد قوي احتلال داخلي, قوي نظم مستبدة جثمت علي أنفاسها لعقود, قبل أن تتحلل وتنهار بفعل الانفجار الثوري العظيم! إنها بعبارة أخري- عودة من العرب إلي التاريخ, أو بتعبير آخر دخول العرب إلي التاريخ مرة أخري, بعد أن خرجوا منه, وفقا للتعبير وللكتاب الشهير للدكتور فوزي منصور.
ومع أن عناصر الموقف الثوري أي: جميع الأسباب والدوافع والضغوط التي تدفع إلي الثورة أو التمرد أو الانتفاض- كانت دائما حاضرة ومتوافرة في عديد من الأقطار العربية, فإنه كان من المستحيل علي أي محلل أو باحث في الشأن العربي أن يتوقع هذا الانفجار المتوالي للثورات العربية في مفتتح عام2011, علي النحو الذي تمت به: تونس17 ديسمبر2010 ثم مصر(25 يناير) ثم اليمن(11 فبراير) ثم ليبيا(17 فبراير), ثم سوريا(23 مارس!). وبعبارة أخري, فإن ذلك الانفجار أو الانشطار المتوالي للنظم الاستبدادية العربية فاجأ العالم كله, بمن في ذلك الباحثون والدارسون المتخصصون في الشئون العربية والشرق أوسطية. ومن المؤكد أيضا أنهم سوف يعيدون تقييم مناهجهم وأدواتهم. وعلي سبيل المثال, فإن الغالبية العظمي من هؤلاء الباحثين والمحللين كانوا مشبعين تماما بفكرة وأولوية الإسلام السياسي كمفتاح يكاد يكون وحيدا لفهم وتحليل الأوضاع العربية واحتمالات التغيير فيها, قبل أي عنصر آخر, وهو الفهم الذي استفحل في العالم الغربي كله, خاصة بعد هجمات سبتمبر2001 في الولايات المتحدة! وكاد تنظيم القاعدة يكون هو ذلك الكائن الخرافي الذي يترقب الأمريكيون ظهوره في أي لحظة وأي مكان.
غير أن الواقع العربي كان أكثر تعقيدا من ذلك بكثير! ولذلك, فإن يقظة الأمة العربية الراهنة تطرح علي العالم كله, وعلي الخبراء والباحثين والمحللين, عديدا من القضايا والمعطيات, التي سوف تغير كثيرا من المفاهيم, وتعيد ترتيب العديد من الأولويات, التي يمكن أن نضع هنا فقط- بعضا من عناوينها, التي يستحق كل منها بحوثا ومؤلفات عديدة لفهمه وتحليله:
فعلي صعيد ما هو مشترك بين الثورات العربية, يمكن الإشارة إلي أكثر من حقيقة:
الأولي: إن تلك الثورات أو الانتفاضات حدثت في نظم جمهورية وليست ملكية! وأربعة من تلك النظم( مصر, واليمن, وليبيا, وسوريا) كانت أعمدة النظم الثورية العربية: الضباط الأحرار في مصر, وثورة الجيش بقيادة عبدالله السلال في اليمن, وثورة القذافي في ليبيا, فضلا عن نظام البعث العلوي في سوريا!). أما النظام الخامس في تونس, فلم يكن ثوريا, ولكنه كان أيضا جمهوريا. ولكن المهم أكثر هنا هو أن باقي النظم( الجمهورية) هي إما حالات خاصة,( أي: العراق, وليبيا, وفلسطين), أو أنها غير مستقرة أو محملة باحتمالات للتغيير العنيف( الجزائر, والسودان, وموريتانيا).
ولا يعني هذا بداهة أن النظم الملكية في منأي عن التغيير أو الثورة, ولكنه يعني بالقطع أنها أكثر استقرارا, وأكثر قدرة علي التعامل مع مطالب الإصلاح والتغيير الديمقراطي, حتي مع الأخذ في الحسبان الفارق الكبير بين الملكيتين الدستوريتين في المغرب والأردن عن الملكيات والإمارات النفطية.
الحقيقة الثانية هي الدور الرائد الذي لعبه الشباب في إشعال فتيل تلك الثورات, وهو دور يرتبط ارتباطا مباشرا بحقيقة أن الجيل الحالي من الشباب في العالم العربي تعرض وتفاعل مع التغيرات التكنولوجية والاتصالية الهائلة, التي وفرتها شبكة الإنترنت وثورة المعلومات بكل تفريعاتها وتجلياتها( الفيس بوك, وتويتر, والبريد الإلكتروني... إلخ) علي نحو غير مسبوق في تاريخ البشرية كله. وبعبارة أخري, فإن من حسن حظ هذا الجيل من الشباب أنه أفلت من تأثيرات أدوات وآليات التعليم والتثقيف الحكومية الرسمية, البالية والمتخلفة, وتجاوزها للتفاعل مع العالم الخارجي, ومع بعضه بعضا, من خلال أدوات يكاد من المستحيل علي الحكومات وأجهزتها الأمنية والرقابية أن تحظرها أو تمنعها.
الحقيقة الثالثة هي الدور المركزي الذي لعبته الطبقات المتوسطة في الثورة, وهو دور يتسق في الواقع- مع أغلب خبرات الثورة في العالم الثالث والشرق الأوسط, حيث يتضاءل الوزن السياسي والاجتماعي للطبقتين المرتبطتين بالإنتاج الحديث, أي العمال, والطبقات الرأسمالية. وليس صعبا ملاحظة أن أهم سمات تلك الطبقة المتوسطة( الثورية) هو استناد أبنائها ليس إلي الملكية والثروة, وإنما بالأساس إلي التعليم الحديث والمتخصص. وأن نظرة متفحصة لجموع الثائرين في شوارع القاهرة وتونس وصنعاء وبنغازي ودرعا.., والتي ينقلها الإعلام يوميا, توضح بسهولة تلك الظاهرة.
الحقيقة الرابعة هي الطابع المدني, وليس الديني, لتلك الثورات, ولتلك اليقظة العربية, حتي وإن حاول القادة المخلوعون إلصاق تلك الصفة بها, كوسيلة لتخويف العالم الخارجي منها. ذلك ما ادعاه بن علي في تونس, ومبارك في مصر, وعلي صالح في اليمن, والقذافي في ليبيا, وما تذيعه أيضا اليوم آلة الكذب الهائلة للنظام السوري! إنها ثورة الشعب العربي في تلك الأقطار كلها, وليست ثورة تنظيم القاعدة!. ومشاركة القوي الإسلامية في تلك الثورات تمت بالتلاحم مع القوي الشعبية الأخري كافة, وليست فوقها أو بديلا عنها.
والحقيقة الخامسة في اليقظة الثورية العربية هي غياب العنصر الخارجي عنها, بل العكس وكما هو معروف- فقد فوجئ الأمريكيون والأوروبيون والعالم كله بالثورات العربية التي أذهلتهم, والتي أجبرتهم في الوقت نفسه علي احترامها. فما كان منهم إلا الترحيب بها, والاقتراب منها, للتعرف عليها, وتوفيق أوضاعهم مع نتائجها.
وفي المقابل, فإنه يبدو من الأمور اللافتة بشدة غياب الصراع العربي الإسرائيلي عن تلك الثورات, في حين يذكرنا التاريخ بأن حرب فلسطين والإخفاق فيها منذ أكثر من ستين عاما- كان في مقدمة العوامل التي حفزت علي انطلاق الثورات والانقلابات العربية, خاصة ثورة.1952 غير أن ذلك لا يعني علي الإطلاق أن النظم الثورية الجديدة سوف تهمل القضية الفلسطينية, بقدر ما يعني أنها تعطي اليوم الأولوية لبناء ذاتها وقدراتها علي نحو سوف يجعلها بالضرورة- أكثر كفاءة, وأكثر قدرة, وأكثر ثقة في التعامل مع تلك القضية! وسلوك نظام مصر ما بعد الثورة يؤكد ذلك الافتراض!
الاهرام:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.