يحار المرء في وصف الأحداث التي تمر بها مصرنا العزيزة هذه الأيام ! فهي بحق احداث مضحكة ومبكية في نفس الوقت , يليق بها وصف الشاعر (( كم بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء )) . سارجعك عزيزي القارئ قليلا للوراء وتحديدا قبل الإستفتاء – حين انقسم الشارع المصري حول مطلب عمل الدستور إلى قسمين , هل يكون الدستور اولا ؟ ام الإنتخابات اولا ؟ وهو نفس الجدل الذي يتكرر الان بعد ان ماتت الديمقراطية في قلوب ادعيائها وانكشفت النوايا الديكتاتورية لنخبة صنعها مبارك... انقسم الشعب , وقرر المجلس العسكري عمل استفتاء على التعديلات الدستورية التي منها (أن تقوم لجنة منتخبة من مجلس الشعب بعمل دستور جديد للبلاد ) وبالمناسبة كان هذا المطلب احد مطالب الثوار في ميدان التحرير قبل تنحي مبارك , وقد كنا نعلقه بين سبعة مطالب اخرى على احد بنايات الميدان. http://twitpic.com/4abpxm انظر الصورة المهم , بعد ان تنحى مبارك , اختلف الثوار حول هذا المطلب والبعض طالب بأن يكون الدستور اولا قبل انتخاب مجلس الشعب , وقد لجئنا للإستفتاء على هذا المطلب ... والجدير بالذكر ان القوى السياسية ومنها ائتلاف شباب الثورة اعلنوا انهم سيلتزمون بنتيجة الإستفتاء مهما كانت وأنهم لن ينزلوا التحرير في مليونيات اخرى للمطالبة به احتراما لرأي الشعب إن صوت بنعم ! وكان ذلك منشورا في جريدة اليوم السابع بتاريخ 20 مارس تحت عنوان ( ائتلاف شباب الثورة : سنقبل نتيجة الاستفتاء ولن نعود للتحرير ). http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=373387 ولكن بعد ان ظهرت النتيجة اختلفت التوجهات وكانت صدمة واختبار في نفس الوقت لمدى ايمان بعض الأطراف بنتائج الديمقراطية ! لا اخفيك حديثا انه كان اختبار رائع سقط فيه زيف ادعياء الديمقراطية وتمزقت اقنعة كل المتشدقين بها قبل رؤيتها ,فلما جائتهم كفروا بها وبنتائجها تحت زعم ان الشعب مغيب وغير واع ويبيع صوته بمزقة لبن وعلبة سمن وخمسة جنيهات ... الخ من المبررات الواهية وما ادراك ما هي ! لا تغني ولا تشفع عند كل ذي لب سليم . هذه نتيجة الديمقراطية اذن ( لجنة منتخبة من مجلس الشعب المنتخب تقوم بعمل الدستور الجديد ) فماذا بعد ؟ وقف ادعياء الديمقراطية الذين قالوا بالأمس القريب سنحترم نتائجها ,ضد ارادة الشعب وكالوا التهم للتيار الإسلامي مستغربين قوته في الشارع ,ومحاولين تشويهه بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة, بل والعجيب ان القوى التي ترمز لمعسكر لا في الاستفتاء وعلى رأسها ائتلاف شباب الثورة قد دعوا لمليونية يوم 27 مايو للمطالبة بعمل دستور اولا !وهم الذين قالوا سنحترم ارادة الشعب ! ولقد عمدوا لحيلة قديمة من اجل حشد الناس في الميدان , وهي تغليف مطلب الدستور اولا واخفائه بين مجموعة من المطالب الأخرى– منها مثلا سرعة محاكمة مبارك ونظامه , تطهير الاعلام الخ ..فإذا قال قائل " لن انزل لأني لا اريد الدستور اولا" ! قيل له : انت اذن تخون دم الشهداء ! هكذا والله صاروا يتاجرون بدماء الشهداء من اجل تحقيق مطلب الدستور اولا ! وهذا ما حدث بالفعل فبمجرد ان نزل بعض الناس من الذين انطلى عليهم التزييف إلى ميدان التحرير فوجئوا بوجود مطلب الدستور اولا مرفوعا بل وصارت قنوات الإعلام ونجوم التوك شو يتبارون في التصريح بأن من نزل انما نزل لمطلب الدستور اولا وان هذا هو شعار المظاهرة ! وهكذا سوق نزول الجميع على انهم يريدون دستور اولا مع ان غالبيتهم نزل لمطالب توافقية لا يختلف عليها اثنين. ويكفي ان تطالع هذه اللينكات لتفهم الفولة وتدرك مدى المكر الحادث والتخطيط المفضوح الذي يعاد ترويجه من جديد في مليونية 8 يوليو, وكما يقول أهل السينما ( كلاكيت تاني مرة ). http://twitpic.com/53ltoj http://twitpic.com/54bgov هل انتهى الموضوع عند هذا ؟ لا للأسف فمعسكر لا يرتعش من الديمقراطية والانتخابات كما يرتعش الطالب البليد من دخول الامتحان ! فهم يدورون في دائرة مفرغة حول أنفسهم, فتارة يقولون, " مجلس رئاسي وتارة دستور اولا وتارة تأجيل الإنتخابات وتارة جميع ما سبق ! وهكذا يستمر الدوران بدلا من النزول للشارع والاستعداد للإنتخابات . وهم اليوم قد اعادوا الكرة مرة اخرى مطالبين بدستور اولا بل وعمل مليونية اخرى يوم 8 يوليو للمطالبة بدستور اولا ! ولا يفوتنا ان ننوه انهم ايضا غلفوا مطلب الدستور اولا بمطالب اخرى عديدة حتى ينزل الناس من اجلها ومن ثم تروج ابواقهم الإعلامية أن الناس انما نزلت من اجل الدستور اولا ! وبذلك يلدغ المؤمن من جحر مرتين ! وهيهات http://yfrog.com/kgp24bj ما يعنينا في هذا انهم قد سوقوا العديد من المبررات لرفض الإنتخابات ويسعون جاهدين من خلال االصوت العالي والظهور الفضائي أن يروجوها بين الناس معتقدين ان الشعب المصري غير واع كما يدعون وسيصدق هرائهم وحججهم الفارغة , ولا يفوتنا أن نقول لهؤلاء هل نسيتم انكم انتم من طالبتم بالإعلان الدستوري ؟ وهل نسيتم ان اللواء ممدوح شاهين صرح على الفضائية المصرية قبل الاستفتاء ان المواد المستفتى عليها سيتم اضافة بعض المواد التكميلية المؤقتة اليها لإدارة المرحلة وستكون اعلان دستوري ! http://www.youtube.com/watch?v=n7CsiCvkv5A نسوا ام تناسوا ؟ لا يهم ولكن كل شئ موثق وبامكانك مراجعة كلام اللواء ممدوح شاهين بل وكلام المستشار طارق البشري في حديثه عن المواد التكميلية التي ستضاف من اجل عمل اعلان دستوري, وكل هذا قبل الإستفتاء ! ثم ان المواد التي استفتي عليها هي مواد جوهرية وليست مواد ثانوية تكميلية كالمواد التي اضيفت لمجرد تنظبم العمل في المرحلة المؤقتة ! ومن العجيب ان تقول أغلبية الشعب انهم يريدون الإنتخابات اولا ! فتخرج الأقلية مسفهة هذا الرأي وناسفة للإستفتاء من جذورة بإدعاء نه سقط! وهذا مبدأ قديم يسمى في حواري القاهرة كرسي في الكلوب .فهلا توقفوا عند هذا ؟ لا بل يسوقون مبررا اخر لتأجيل الإنتخابات بإدعائهم ان المجلس القادم لن يكون معبرا عن الجميع ! لذا يجب تأجيل الإنتخابات حتى يستعد الجميع وحتى لا تهيمن فئة على اختيار اللجنة ! وهنا نجيب : اولا صرحت جماعة الإخوان التي يتخوفون منها انهم لن ينافسوا على كل المقاعد بل على النصف من اجل حصد حوالي 30% من المقاعد - ! هذا يعني ان الأحزاب الاخرى يمكنها الحصول على 70 % من المقاعد وعمل تحالف قوي بينها لمواجهة اي تحيز من أي حزب ان حدث. ثانيا : لقد كان مخططا قبل الإستفتاء ان تكون الإنتخابات في شهر يونيو واجلت ل سبتمبر من اجل ان يستعد الكسول ويستيقظ النائم وتنزل الأحزاب للشارع ولكنهم للأسف ظلوا قابعين فوق كراسيهم في الإستديوهات المكيفة وتركوا الشارع والعمل العام والان يريدون التأجيل من جديد ولو اجلت الإنتخابات مائة عام فلن يستعدوا لأنهم يألفون النوم ويأنفون من الشعب ويظنونه جاهلا وماهو بجاهل . ثالثا : كيف استعد الإخوان المسلمون وهم اكثر من عانى من تضييق النظام واكثر من سجن وحوكم وصودر ومنع من السفر على مدار 30 عاما ! كيف استعدوا هم في الوقت الذي كانت فيه الأحزاب الأخرى حرة طليقة! . ومما تروجه الأقلية الرافضة للإنتخابات أيضا أن(( هناك موادا في الإعلان الدستوري تخالف ما استفتى عليه الشعب)) !! وهذا غير صحيح وطعن في اساتذة قانون كبار امثال المستشار البشري وغيرهم ! فهم نفس الأشخاص الذين انيط بهم عمل المواد التكميلية التي اضيفت للإعلان الدستوري ! ومن غير اللائق ان نطعن في هؤلاء لهوى في نفوسنا ! فيخرج علينا ابراهيم عيسى في برنامجه وكأنه ابو العريف وحبر القانون مدعيا أنه اكتشف تناقضا بين الإعلان الدستوري والإستفتاء ! وكما قيل قديما من تدخل في غير فنه اتى بالعجائب ! فقد اتوا بعجائب وغرائب! دعت المفكر الليبرالي وحيد عبد المجيد إلى ان يبرئ ساحته ويصرح ان المطالبين بعمل دستور اولا انما يخونون الديمقراطية. http://www.egyptwindow.net/news_Details.aspx?News_ID=12701 4- يدعون بأسلوب منطقي يخلو من المنطق أن : البيت يجب بناءه اولا قبل ان يسكن فيه اصحابه وهكذا نريد الدستور اولا قبل الانتخابات !! وهنا نسأل سؤال منطقي ؟ ألا ينبغي بناء البيت وتفصيله على هوى سكانه ؟ ام على هوى البعض ؟ الإجابة على هوى سكانه- اذن لقد سألنا السكان في الاستفتاء وقالوا نريد ان ينتخب مجلس الشعب اللجنة التي تبني البيت ! اقصد تكتب الدستور . عزيزي القارئ : الحقيقية التي يجب ان نعلمها جميعا بل ويخشاها رموز النخبة المزيفة التي تطنطن في الإعلام ليلا نهارا: أنه في ظل أي إنتخابات حرة ونزيهة فربما يسقط زيف كل هؤلاء ويتواروا من الساحة تماما بدون الحصول على رجل كرسي في السلطة لينتفعوا من ورائه . افيقوا يرحمكم الله – امامنا شهرين على الاستقرار وتسمية حكومة وطنية معبرة وكتابة دستور معبر عن هوية الشعب ! فهل نترك هذا كله من اجل المجهول ؟