اللواء أركان حرب محمد علي بلال: لهذا التدخل العسكري المصرى فى ليبيا مستحيل إلا إذا طلبت حكومتها.. وقضية القوات المصرية فى شمال السعودية كذبة - الجيش المصرى لا يتدخل فى الصراعات الداخلية لدول المنطقة.. ومهمته الدفاع عن حدود مصر فى ظل الاضطرابات الإقليمية - تنظيم "داعش" مخطط أمريكى لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات مذهبية.. و"الكردستان" و"الشيعستان" و"السنستان" بداية جديدة لهدم "سايكس بيكو" - شبه جزيرة سيناء تحتاج إلى تنمية شاملة لإنقاذها من الجماعات المتطرفة.. ومرسى مطروح لن تلعب دور بؤرة الإرهاب الجديدة
أكد اللواء أركان حرب محمد على بلال نائب رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، أن التدخل العسكرى المصرى فى ليبيا مستحيل إلا إذا طلبت حكومتها ذلك، مبينًا أن ما نشرته "الواشنطن بوست" الأمريكية حول وجود قوات مصرية فى شمال السعودية لحمايته من تنظيم "داعش" كذبة لا أساس لها من الصحة. وأوضح اللواء بلال، فى حواره مع "المصريون"، أن الجيش المصرى لا يتدخل فى الصراعات الداخلية لدول المنطقة، وأن مهمته الوحيدة هى الدفاع عن حدود مصر فى ظل الاضطرابات الإقليمية، مشيرًا إلى أن شبه جزيرة سيناء تحتاج إلى تنمية شاملة لإنقاذها من الجماعات المتطرفة، وأن مرسى مطروح لن تلعب دور بؤرة الإرهاب الجديدة.
وإلى نص الحوار:
** فى البداية.. لم يعد خافيًا على الجميع أن مصر أضحت تعيش وسط منطقة تموج بالاضطرابات السياسية، فى ليبيا فى الغرب وسورياوالعراق فى الشرق وحتى الجنوب فى السودان وإثيوبيا هناك صراعات سياسية وسد النهضة، كيف ترى مستقبل المنطقة فى ظل تلك الاضطرابات؟ وما وضع مصر فيها؟ للأسف المنطقة العربية تعيش سيناريو تم التخطيط له منذ الثمانينيات، وليس كما يقول البعض مخطط الشرق الأوسط الكبير أو الفوضى الخلاقة للأمريكية "كونداليزا رايس" التى أطلقته فى نهاية التسعينيات، ولكنه مخطط تقسيم شبية بمخطط "سايكس – بيكو" الذى تحدث عنه المستشرق اليهودى "برنارد لويس" وقام بعرضه الإسرائيلى "أرييل شارون" فى أحد المؤتمرات الصهيونية، وهو مخطط قائم على تقسيم الدول العربية إلى دويلات مذهبية وطائفية متناحرة ومتصارعة. ** هل تعتقد أن ما يحدث فى سورياوالعراق وليبيا هو جزء من مخطط التقسيم الطائفى؟ لم يعد هناك سورياوالعراق، هناك منطقة الشام التى بدأت ملامح التقسيم المذهبى والطائفى على أرضها بعد وصول "داعش"، الذى أرى أنه ينفذ الدور المنوط له بمنتهى الحرفية، فتنظيم "داعش" ذراع أمريكية لتنفيذ هذا المخطط فى بلاد الرافدين والشام وتقسيمها إلى دويلات مستقلة. ** ولكن الجميع يعلم أن مخطط التقسيم تم وضعه فى الدستور العراقى عام 2003؟ هذا صحيح.. فمنذ عشر سنوات تدخلت الولاياتالمتحدةالأمريكية ووضعت مادة دستورية عام 2003 تقول إن العراق دولة فيدرالية، أى مجرد ولايات لها حكم ذاتي، وقد انبثق عنها دويلة كردستان، وإن كانت تلك الولاية خرجت بشكل كارثي، فقد حصلت على الحكم الذاتى بعلم مستقل ونشيد وطنى مختلف. ** تنظيم "داعش" ظهر فى سوريا ولم يتدخل فى العراق سوى مؤخرًا، فلماذا غير استراتيجيته واتجه إلى الشرق؟ وكيف أصبح جزءًا من مؤامرة دولية لتقسيم الهلال الخصيب إلى دويلات مذهبية؟ راقبى جيدًا ردود الفعل الدولية لتتأكدى من ذلك، أنظرى إلى موقف دويلة الكوردستان، أنظرى إلى الموقف الفرنسى الذى قال رئيسها إن "داعش" أوجدت حالة جديدة من الصراع فى الشرق، بعكس الولاياتالمتحدةالأمريكية، التى قالت إن الوضع يجب أن يكون عليه وتظل كردستان دولة، وتصبح هناك دولة للشيعة وأخرى للسنة. ** موقع مجلة القوة العسكرية الأمريكية نشر خريطة مثيرة للجدل عن الشرق الأوسط الجديد بأسماء جديدة ودول لا يربطها ببعضها البعض سوى تشابه مذهبى أو طائفى؟ الموقع نشر هذا المخطط العام الماضى فقط، ولكن الفكرة نفسها تم وضعها فى 2003 فى الدستور العراقي، من خلال إنشاء ثلاث دويلات طائفية، فدويلات الكردستان والسنستان والشيعستان ثلاثة كيانات طائفية ستقضى نهائيًا على مخطط "سايكس- بيكو" الذى تم تأسيسه عام 1916، لذلك الجميع يعلم جيدًا أن سقوط بغداد على يد الجماعات المسلحة سيكون نواة لشرق أوسط جديد. ** البعض يؤكد أن استراتيجية تنظيم "داعش" تعتمد على التوسع والهجوم على السعودية فى الجنوب، أو على الأردن فى الجنوب الغربى؟ هذا ليس صحيحًا.. فتنظيم "داعش" لن يذهب إلى أى مكان، ولن يخرج خارج نطاق الشرق الأوسط الجديد، فالأردن لها طبيعة خاصة بالنسبة لإسرائيل وللولايات المتحدةالأمريكية، والمملكة العربية السعودية لها طبيعة خاصة لبعض الدول وعلى رأسها مصر التى لن تقبل أبدًا بسقوطها تحت قبضة التنظيمات الإرهابية. ** الواشنطن بوست الأمريكية، نشرت تقريرًا عن وجود قوات عسكرية مصرية فى شمال السعودية لحمايتها من "داعش"؟ فهل هناك احتمالية لتدخل الجيش المصرى لإنقاذ العراق؟ لماذا لا نعترف بأن احتمالات تدخل الجيش المصرى عسكريًا خارج الحدود وفى ظل تلك الظروف الداخلية والخارجية غير وارد على الإطلاق، سواء فى العراق أو فى سوريا أو فى شمال السعودية، فالجيش المصرى لا يخرج إلا لحماية أمنة القومى وحدوده، وحتى نفهم الوضع بشكل أكبر علينا أن نسأل أنفسنا، لماذا انسحبت القاعدة الأمريكية الموجودة فى الموصل وذهبت إلى بغداد قبل هجوم تنظيم "داعش"، هل كانت تخشاهم أم إنها تترك لها المجال. ** هذا الحديث أيضًا ينطبق على ما يطالب به البعض القوات المسلحة بضرورة التدخل عسكريًا لإنهاء حالة الصراع فى ليبيا؟ تقصدين قضية التدخل العسكرى فى ليبيا من عدمه، العقيدة العسكرية المصرية لا تعترف بفلسفة العدوان على الدول الأخري، وعلى الأخص الدول الشقيقة، وليبيا دولة ذات سيادة ولكنها تعانى من مشاكل واضطرابات داخلية ليس لنا فيها ناقة ولا جمل، والتدخل العسكرى المصرى سيكون مخالفًا لكل الأعراف والقوانين الدولية، إلا فى حالة تقديم الحكومة الليبية نفسها لطلب التدخل العسكري، كما حدث فى عام 1962 عندما طلبت اليمن التدخل العسكرى من مصر. ** البعض يتحدث عن أن الدفاع عن الأمن القومى والحدود المصرية يمكن أن يكون سببًا مباشرًا للتدخل العسكرى المصرى؟ الدفاع عن الأمن القومى يأتى من حماية الحدود المصرية وأركانها الخمسة، وليس بالعدوان على الدول المجاورة، علينا فقط الآن أن نتفرغ لتنمية وتقوية بلدنا والنهوض به، وحماية حدودنا من أى تدخل إرهابى محتمل من أى منطقة فى العالم. ** لماذا إذا تزايدت نغمة وجود جماعات مسلحة تهدد مصر يجب أن نستعد لها ويوجد بالفعل من ذهب حسب ما تتناول بعض وكالات الأنباء للحرب إلى جانب جيش "حفتر"؟ هذا غير صحيح.. وتلك الوكالات الإعلامية هى التى تريد أن تصنع الشائعات ضد مصر، ليقولوا إنها تعانى من عدم الاستقرار بالداخل وأن النظام الجديد يرسل القوات المسلحة فى الخارج رغم أنه مهدد بالداخل فى سيناء والواحات وغيرهما من المناطق المهددة، فهذه شائعات هدفها النيل من سمعة مصر، والذج بها فى آتون المشاكل العالمية. ** نعود إلى الشأن المصرى والحرب على الإرهاب، كيف ترى تلك الحرب وهل تعتقد أن للجماعات الإسلامية والإخوان تحديدًا دورًا فى تلك الحرب؟ دعنا نعترف أولا بأن سيناء أضحت مرتعًا للجهاديين والإرهابيين، فقد عكف نظام "مرسي" والإرشاد على زرع إرهابيين وجماعات جهادية فيها، وأوجد لهم الأسلحة، وأسس لهم القواعد وقام بتدريبهم تدريبًا جيدًا، ويمتلكون أسلحة متميزة من جميع الأنواع، وجميع التقارير الاستراتيجية والعسكرية تؤكد أن الإرهاب سيتوطن فى سيناء، خاصة أن طبيعة الأرض تجعلها منشأ ومرتعًا للعمليات الإرهابية. ** ألا يتطلب ما يحدث فى سيناء تعديل اتفاقية كامب ديفيد لإحكام السيطرة على كل شبر بها؟ كامب ديفيد ليست لها علاقة على الإطلاق بالناحية الأمنية أو بحالات العنف، التى تحدث فى سيناء، ولا أعتقد أن الجيش المصرى بكل عتاده يجب أن يكون فى سيناء، وفى 15 مايو 1967 استطاعت القوات المسلحة أن ترفع درجة الاستعداد قبل نكسة يونيو وأن تصل إلى وسط سيناء فى وقت قياسى، وهذا تكرر منذ سنوات، وهذا يؤكد أن حجم القوات الموجودة على أرض سيناء كاف للدفاع عنها، ولا ننسى أننا فى حاجة إلى السلام مع إسرائيل كما تحتاجه هى الأخري، فمصر لا تريد حالة الحرب الآن، ولكننا فى النهاية يجب أن نعترف بأن سيناء فى حاجة إلى تنمية حقيقية، وليست تلك التنمية التى حصرها البعض فى منتجعات سياحية وشواطئ، بل مشروعات حقيقية تخدم المصريين هناك. ** سيناء طوال عمرها تعانى من الإرهاب ولكن إذا نظرنا إلى الجهة المقابلة من الغرب سنجد أن محافظة مرسى مطروح فى طريقها لأن تتبوأ هذا الدور فى المستقبل؟ لا أعتقد أن مرسى مطروح سيمكنها أن تقف فى نفس مستوى العمليات الإرهابية فى سيناء، خاصة أن سيناء لها طبيعة خاصة مشجعة على ذلك، أولها حصارها من ناحية الشرق بكتلتين سكنيتين ممثلة فى مدينة غزة وإسرائيل، وفى الجهة الغربية منها قناة السويس، ثم أن طبيعة المنطقة وتعدد القبائل وانتشارها تجعلها منطقة متميزة إرهابيًا، بعكس مرسى مطروح، سنجد أن الحدود الليبية خلفها صحراء مفتوحة وخالية من التجمعات البشرية، ثم أن السلطات المصرية يمكن أن تتعاون بشكل أكبر مع قبائل أولاد علي، وللأسف لقد أثبتت الأزمة فى مرسى مطروح وسيناء والصعيد أن فلسفة الأنظمة السابقة أفقدتنا الأطراف وركزت فى تنميتها واهتماماتها على القاهرة والإسكندرية.