اقتصاديون: عدم وجود حكم قضائى صريح هو العائق الوحيد لاتخاذ خطوات جدية سياسيون: السيسي لا يريد أن يصطدم برجال الأعمال والدول الغربية 6 إبريل: هل يعقل أن يحاسب النظام نفسه.. مصر القوية: لا نعول على هذه السلطة.. و"النور": هناك علامات استفهام كثيرة
ثلاث سنوات ونصف يتوعد خلالها كل نظام جاء بعد الثورة "مبارك وحاشيته" باستعادة أموالهم والنتيجة لا شيء, تظل أموالهم فى أمان مادامت خارج نطاق المحاسبة والرقابة والرصد, والمتضرر الوحيد هو المواطن المصرى البسيط الذى يكاد يكون لا يعرف شيئًا عن تلك الأموال ولا يهتم بكونها ستأتى أم لا لأنه باختصار اختار أن يتبرع من جيبه الذى لا يملك منه شيئًا لمن يملك كل شيء. فمنذ أن فاز المشير عبد الفتاح السيسى برئاسة مصر وأصبح الهدف الوحيد له جمع التبرعات من المصريين بحجة الأزمة الاقتصادية وما تعانيه البلاد من أزمات باتت فقط على كاهل المواطن البسيط دون أن ينظر لما يجب أن يتم رصده من أموال منهوبة تتعدى المليارات من أموال نظام مبارك، حيث تقدر أموال مبارك فقط ب70 مليار دولار بحسب الإحصائيات التى تم رصدها منذ 3 سنوات, بخلاف مليارات. ومن جانبه، أرجع دكتور أحمد تهامي، خبير العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، عدم فتح النظام الحالى لملف الأموال المنهوبة حتى الآن واللجوء إلى التقشف لمواجهة عجز الموازنة، إلى اختلاف أولويات السلطة الحالية عن الأولويات الثورية وحلولها، قالاً: إن السلطة الحالية لجأت إلى التصالح مع نظام مبارك ورجال أعماله ومن ثم فلم تريد أن تفتح ذلك الملف الذى قد يعكر صفو تلك العلاقة. وأضاف "تهامي"، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن السير قدمًا فى ملف استعادة الأموال المنهوبة لن يدخل النظام فقط فى صدام مع أعمدة نظام مبارك، بل أيضًا فى مواجهة سياسية وقانونية مع الدول التى ترفض إعادة الأموال، وهو المسار الذى تتجنبه السلطة الحالية. وعن شكل العلاقة بين النظام السياسى الجديد وبين رجال الأعمال، وهل سيتخذ ذلك النظام رجال الأعمال بطانة لهم، قال "تهامي" إن ذلك ما يبدو ولكن تلك العلاقة لا تزال تتشكل ولم تسفر عن شكل نهائى حتى الآن، مشيرًا إلى أن مع بداية فترة السيسى مرت تلك العلاقة بتوترات ولكن بعد اللقاء الذى عقده السيسى مع رجال الأعمال وطمأنتهم اختلف الأمر. فيما أكد محمد عبد الله، عضو حركة شباب 6 إبريل، أن النظام الحالى لم يتجاهل فقط ملف الأموال المنهوبة بل لن يفتحه من الأساس طالما استمر فى الحكم، قائلًا: إذا كانت الثورة اكتملت لكان هؤلاء الجالسون على كراسى الحكم الآن يحاكمون بتهمة الاستيلاء على المال العام وتهريبه للخارج, ومن ثم فليس من المنطقى أن يحاكم النظام نفسه أو أصدقاؤه وبطانته. وأشار "عبد الله" ل"المصريون" إلى أن النظام يتخذ نفس نهج مبارك، حيث يتخذ من رجال الأعمال بطانة له لحمايته، فى المقابل يتم التضييق على المواطنين، قائلاً: لا يزال فيه نجيب ساويرس مدان للدولة ب14 مليار جنيه، وبعد أن جدولهم معه نظام مرسى توقف بعد الدفعة الثانية وبعد سقوط نظامه رفع دعوى قضائية واسترد من الدولة قيمة القسط الأول، وبدلًا من أن يطالبه النظام بدفع ما عليه من أموال، لجأ إلى إعلان التقشف على المواطن المتقشف بطبيعة الحال. وأضاف: إذا ما نظرنا إلى قيمة الارتفاع فى سعر بنزين 92 الذى تستخدمه السيارات الفارهة والمقدر ب40 قرشًا للتر تقريبًا مقابل 70 قرشًا على بنزين 80 و90 ستعلم يقينًا بصلة النظام الحالى وأنه لن يختلف عن عصر مبارك. من جانبه، قال الدكتور شعبان عبد العليم، عضو الهيئة العليا لحزب النور, إن هناك علامات استفهام كبيرة على ما وصفه بتقصير الحكومة فى استرداد الأموال المنهوبة من رموز نظام مبارك والجهود المبذولة من أجل استعادتها ومعرفة قيمتها الحقيقية لمحاولة الحصول عليها، خاصة أن نسبتها تغطى احتياجات مصر بدلًا من موجة التبرعات التى تتبعها الحكومة. وأشار "عبد العليم" إلى ضرورة وضع أولوية لاسترداد تلك الأموال وما فى ذلك من تحصيل الضرائب المتأخرة من رجال الأعمال, مستنكرًا فكرة الحصول على تبرعات منهم بالرغم من تراكم الضرائب عليهم لصالح البلاد. وأكد عبد العليم، أن هناك الكثير من الأراضى والشركات التى بيعت فى مصر بثمن بخس لرجال أعمال يجب أن يحقق فى بيعها وتؤول أموالها للدولة لأنها أحد حقوق الدولة والمواطنين الذين يتم رفع الدعم عنهم، مشددًا على ضرورة وجود برلمان قوى يوفر محاسبة الحكومة عبر القانون وآليات عمل حقيقية بدلًا من ترجى الحكومات ومناشدتها. من جهته، اعتبر أحمد إمام، المتحدث باسم حزب مصر القوية، أن مصر منذ يوم 3/7/2013 وهى تتجه نحو كل ما يعيد النظام السابق من خلال الثورة المضادة، مؤكدًا أن الثورة المضادة هى من أصبحت تتحكم فى البلاد منذ ذلك الحين, ولذلك نحن لا نعول أن يتم التعامل مع ملف الأموال المنهوبة مثلما كنا نريد. وأضاف، أن قضية الأموال المنهوبة تتداول منذ 3 سنوات ولم تستطع أى سلطة اتخاذ موقف حاسم تجاهها, وتعاملت مع الأمر بشكل جدى, مؤكدًا أن هناك اتجاهًا قويًا لاستعادة بقايا نظام مبارك فى أن يستعيد هيبته مرة أخرى، مستبعدًا أن يتم التعامل مع هذا الملف من جانب السلطة والمشير عبد الفتاح السيسى بفاعلية وجدية، كما استبعد أن يطالب البرلمان القادم بإيجاد صيغة لاستعادة تلك الأموال قائلًا: "نحن لا نعقد أملًا على تلك السلطة أو البرلمان". ومن جانبه، أكد نبيل مدحت، أستاذ القانون الجنائى بجامعة عين شمس, أن استرداد الأموال المنهوبة من الخارج هى مجرد افتراضات اخترعتها الأنظمة الحاكمة منذ الثورة ولا يوجد دليل واحد مثبت على وجود هذه الأموال, ولا يوجد اتهام لأشخاص بعينهم بتهريب الأموال للخارج أو إخفائها فى الداخل, وأيضًا لا يوجد تحديد لقيمة هذه الأموال حتى الآن, و قد اعترف بوجود هذه الأموال نظام الرئيس المعزول محمد مرسى وقام بتشكيل لجنتين لحصر هذه الأموال وبيان بأصحابها والمستفيدين منها, ولكن لم تقدم هذه اللجان أى جديد, وقد اتخذت جماعة الإخوان هذه الخطوة من أجل التنكيل بخصومهم السياسيين والعزف بهم خارج الحياة السياسية باستخدام أدوات التجريم والعقاب وتصفية الحسابات مع رجال الأعمال, ولم يتحدث السيسى منذ توليه الحكم عن هذه الأموال مطلقًا لعدم وجود حكم قانونى يثبت وجودها. وأشار مدحت، فى تصريحات خاصة ل"المصريون", إلى أن استرداد الأموال المنهوبة قد يكون حلًا مناسبًا لسد عجز الموازنة العامة وبديلًا لرفع الدعم عن السلع التى تعطى لغير المستحقين, مشيدًا بقرار السيسى برفع الدعم عن الطبقات غير المستحقة باعتباره حلًا جيدًا فى الوقت الحالى ومنقذًا للاقتصاد المصرى, متمنيًا أن يكون هذا الحل مؤقتًا حتى يتم استرداد هذه الأموال المهربة إن وجدت. وقال مختار الشريف، الخبير الاقتصادى, إن عدم وجود حكم قضائى صريح لاسترداد الأموال المنهوبة هو العائق الوحيد أمام الدولة لاتخاذ خطوات جدية بشأن هذه الأموال, مشيرًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى اتخذ سياسة التقشف ورفع الدعم كوسيلة لإنقاذ الاقتصاد المصرى من الانهيار. وأضاف الشريف، فى تصريحات خاصة ل"المصريون", أن حسابات الأموال المنهوبة تتمتع بالحماية الكاملة، وذلك يبدو عائقًا كبيرًا أمام الدولة لاسترداد هذه الأموال إن وجدت، مطالبًا الدولة بسرعة إصدار حكم قضائى بإدانة المودع, وإقرار منه أن هذه الأموال دخلت حوزته بطريق غير مشروع. وطالب الخبير الاقتصادى السلطات بالتحرى والتحقيق، وعلى الدولة أن تتخذ زمام المبادرة ومخاطبة الدول والجهات التى تتوافر معلومات أو مستندات بشأن وجود أموال مصرية فيها للشخصيات التى تصدر أحكام نهائية باتة بإدانتها. فشل وراء فشل تنص اتفاقية مكافحة الفساد بالأمم المتحدة على أن أى تحقيقات تتم بشأن هذه الأموال لابد أن تجريها جهات مستقلة ودون أى تدخل من جهات تابعة للسلطة التنفيذية للتأثير فى سير العدالة – وفقًا للمهندس محمد ضاهر، رئيس نادى خبراء وزارة العدل، مضيفًا أنه لكى تعود الأموال المنهوبة أو المهربة خارج مصر، فالأمر بحاجة إلى أحكام قضائية نهائية وباتة. وأشار ضاهر، إلى أنه لكى يستعان فى بعض الأحيان بتقارير من الخبراء لاسيما فى قضايا الكسب غير المشروع أو قضايا الأموال العامة، والتى يتولى التحقيق فيها قضاة مستقلون عن السلطة التنفيذية، غير أن القاضى قد يحتاج إلى رأى خبير لإعداد تقرير فيما يخص النواحى الفنية المتعلقة بالقضية، ولأن هؤلاء الخبراء ليسوا مستقلين بل هم تابعون إلى السلطة التنفيذية ممثلة فى وزارة العدل، فذلك بالتأكيد سيكون حجر عثرة فى طريق استرداد هذه الأموال. وأوضح ضاهر، أنه تم تشكيل لجنة لبحث مصير هذه الأموال، كما طالب بعدم إحالة هذه القضايا للخبراء حتى لا يطعن أحد فى استقلالية الأحكام المتعلقة بها عند إحالتها لأى خبير لإعداد تقرير فنى بشأنها، لاسيما أن الخبراء تابعون إلى وزارة العدل مما ينفى عنهم صفة الاستقلالية. فيما أشارت مصادر قضائية، إلى أنه منذ تولى الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الحكومة السابق، تم تجميد عمل اللجنة خلال عمل الحكومة المؤقتة حتى تم تكليف المستشار أحمد زويل كرئيس للجنة استرداد الأموال المهربة منذ عدة أيام لبحث إعادة الأموال وفتح تحقيقات جادة فى هذا الملف الشائك والمعقد. وعن تعاقب الفشل السابق لعدة لجان، أضافت المصادر أنه صدر مرسوم فى 4 إبريل 2011، من المجلس العسكرى بتشكيل لجنة قضائية برئاسة المستشار عاصم الجوهري، للتحقيق فى البلاغات المقدمة ضد الرئيس المخلوع وأسرته ورجال نظامه، وتمكنت اللجنة من جمع معلومات تفيد بأن نجلى مبارك لديهما حوالى 340 مليون دولار، فى بنوك سويسرا. وفى يونيو 2011 تشكلت المبادرة الشعبية لاسترداد أموال مصر بالخارج، برئاسة الكاتب الصحفى معتز صلاح الدين، هدفها ممارسة ضغوط على الدول المُهرّب إليها الأموال المصرية، ونجحت المبادرة فى تجميد أموال 19 مسئولًا، أبرزهم، الرئيس المخلوع، مبارك وزوجته ونجلاه، وأحمد عز، أمين لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل، وزوجاته الثلاث، وأحمد المغربى، وزير الإسكان الأسبق، وزوجته، وزهير جرانة، وزير السياحة الأسبق، وشقيقه وزوجته. وبعد تولى الرئيس المعزول محمد مرسى الحكم، أمر بتشكيل لجنة وطنية لاسترداد الأموال المنهوبة، برئاسة المستشار محمد أمين المهدي، بعيدًا عن وصاية جهاز الكسب غير المشروع، وذلك بعد توقف عمل اللجنة القضائية التى شكلها المجلس العسكرى فى 2011 لمدة 6 أشهر بعد الاستغناء عن الجوهرى بقرار من وزير العدل الأسبق المستشار أحمد مكي، والذى أطاح بثمانية مستشارين يشغلون مناصب بالوزارة، منهم الجوهرى الذى كان رئيس جهاز الكسب غير المشروع وقتها. وفى فبراير 2013 تقدمت الهيئة البرلمانية لحزب الوسط بمجلس الشورى، بمشروع قانون استرداد أموال مصر بالخارج، وتشكلت لجنة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية، برئاسة وزير الشئون القانونية وشئون المجالس النيابية وفى أول اجتماع لحكومة محلب مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكد ضرورة تفعيل اللجنة القضائية لاسترداد الأموال المصرية المهربة للخارج حتى تم تكليف الدكتور أحمد زويل، رئيس اللجنة، لتولى المهمة وينتظر المصريون نتائج تلك اللجنة.