ما أجمل الرحمة حينما تسود في جنبات المجتمع، وما أجمل القلب الرحيم !! وما أجمل الصيام حين يشيع هذا الخلق الرفيع في المجتمع الإنساني!! وأجمل بالصيام من شعيرة!! يقول المعصوم محمد (صلى الله عليه وسلم) (لو تعلم أمتي ما في رمضان من خير لتمنوا السنة كلها رمضان).. والصيام من أهم العبادات التي تشيع الرحمة في المجتمع المسلم بل في المجتمع الإنساني بوجه عام.. ذلك أن الصيام أالإسلامييشعر الغني بألم حرمان الفقير؛ لأن الصائم إذا ذاق ألم الجوع أحس بحال الفقراء، رحمهم وأعطاهم ما يسدون به جوعهم وخلتهم، إذ ليس الخبر كالمعاينة، ولا يعلم الراكب مشقة الراجل –أي الماشي على رجليه- إلا إذا ترجل أي ذاق ألم المشي.. سيدنا عبد الله بن المبارك (رضي الله عنه) كان رجلا مباركا تعلم الرحمة بمعناها الشامل من مدرسة الصيام.. وكان يحج عامًا ويجاهد في سبيل الله -عز وجل- عامًا آخر، فخرج ذات عام لأداء الحج، فوجد امرأة تلتقط دجاجة ميتة من على الأرض، فسألها: لماذا تفعلين هذا يا أَمة الله ؟.فقالت له: دعك عني أيها الرجل، إنَّ لله في خلقة شئونًا.. فأصرَّ عبدُ الله -الرحيم- أن يعرف قصةَ هذه المرأة، فأخبرته بأنها أم لأربع بنات يتيمات، ولا يوجد عندها ما تطعم به أبناءها، وأنها مضطرة لطهي الدجاجة الميتة، والله سبحانه وتعالى يقول: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (المائدة: 3). وقد أحل الله _تعالى_ لنا أكل الميتة؛ لأننا في هذه الحالة مضطرون، فأعطاها عبد الله –رحمة بها وبأولادها- ما معه من مال ورجع من فوره إلى بلدته ولم يذهب لأداء الحج في هذا العام..!! وبعد انتهاء موسم الحج جاء إليه الناس يهنئونه على دروسه القيمة التي كان يلقيها في الحج التي كانوا يسمعونها منه هناك _وهو لم يذهب_ فتعجب ابن المبارك من ذلك كيف يسمعونه وهو لم يذهب أصلاً !! فنام فرأى في منامه الرسولَ (صلى الله عليه وسلم) يقول له: أكرمك الله كما أكرمت أُمَّ اليتامى.. يا عبد الله: إنَّ الله كتب لكل حاجٍ حجةً واحدةً وكتب لك سبعين حجة لإكرامك اليتامى. وبعد انتهاء موسم الحج جاء إليه الناس يهنئونه على دروسه القيمة التي كان يلقيها في الحج والتي كانوا يسمعونها منه هناك. فتعجب ابن المبارك من ذلك كيف يسمعونه وهو لم يذهب أصلاً !! فنام فرأى في منامه الرسولَ (صلى الله عليه وسلم) يقول له: يا عبد الله أكرمك الله كما أكرمت أُمَّ اليتامى.. يا عبد الله: إنَّ الله كتب لكل حاجٍ حجةً واحدةً، وكتب لك هذا العام ثواب سبعين حجة؛ لإكرامك اليتامى. إن من أهم الدروس التي يجب علينا أن نزرعها في قلوبنا وقلوب أبنائنا من خلال الصيام خلق الرحمة.. فالقلب الرحيم له مكانة عظيمة عند الله تعالى وعند الناس بل عند سائر الخلق.. فما أحوجنا إلى ذلك.. وهكذا فالصيام يحقق التكافل الاجتماعي والرحمة في ربوع الأرض، كما يحقق الأمن القومي للمجتمع، إذ الغني يعطف على الفقير ويحنو عليه، فيزول الحقد والحسد من قلب الفقير، ويُشعر الفقير بالعزة والكرامة والفخار؛ لأن له حقا معلوما في مال الغني–وليس منة أو تفضلا-، فيحرس أموال الأغنياء ويدافع عنها.. * المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية – عضو اتحاد كُتَّاب مصر