انتشرت في السنوات الاخيرة بصفة عامة والسنة الحالية بصفة خاصة ظاهرة الغش في إمتحانات الثانوية العامة بصورة بشعة وغير مسبوقة، وتنوعت وسائل الغش بصور شتي، فمنها ما هو جماعي، ومنها ما هو مدبر ومعد مسبقا من قبل البعض لمساندة اولاد الذوات وأولاد الصفوة واولاد الكلب ايضا، ومنها ما هو غش إلكتروني بإستخدام وسائل الإتصال الحديثة من هواتف محمولة وإنترنت وفيس بوك، ومنها ما هو غش بالطرق التقليدية الفردية المعروف. والغش هو وسيلة غير مشروعة للحصول علي ما ليس بحق من مال أو درجات أو عقار أو منصب أو أي من عرض الدنيا وزينتها، وكلنا علي يقين بأن ديننا الحنيف قد نهي عن مثل هذا السلوك الشائن، حيث قال رسولنا الكريم في حديثه الصحيح "من غشنا فليس منا" أي من غش المسلمين فليس منهم، ومع هذا نري أن ظاهرة الغش ليس في الإمتحانات فقط ولكن في كافة تعاملتنا تستشري بصورة مخيفة، وأسوأ ما في ظاهرة الغش في إمتحانات الثانوية العامة هو إشتراك بعض أولياء الامور من الأمهات والآباء في هذه العملية في مشهد مفجع لكل محلل وقارئ للاحداث، فلسان حال هؤلاء الآباء، مصلحة أولادي ومن بعدها الطوفان، وأولياء الأمور يظنون انهم يساعدون أبنائهم كي يحصلوا علي درجات مرتفعة كي يلتحقوا بإحدي كليات القمة مثل الطب أو الهندسة، ولكنهم للأسف يجهلون أنهم يحطمون أبنائهم بأيديهم ويساهمون بصورة مباشرة ومضمونة في صناعة جيل جديد لا يعرف معني الجد والإجتهاد والجلد والمثابرة في تحصيل العلوم والمعرفة كي يبنوا بلدا جديدا بسواعدهم، أي سواعد رخوة تلك التي ستبني؟، وأي عقول خاوية وأي ذمم خربة تلك التي نحلم بها أن تنتشل الوطن من عثراته وكبواته التي لا تنتهي بحماقات ابنائه؟، أي جيل جديد هذا الذي يساعده أبائه في الغش وييسر له سبل الحصول علي درجات ليس من حقهم الحصول عليها؟، والسؤال الاهم الذي يؤرقني و الذي اتوجه به إلي أولياء الامور الذين يشاركون ويساعدون أبنائهم في الغش، أي نوع من القيم تلك التي تعلموا ابنائكم و بناتكم إياها؟ وأي نوع من الاخلاق تلك التي تغرسوها فيهم؟ والغش بكافة أنواعه الإلكتروني منه وغير الإلكتروني في إمتحانات الثانوية العامة يخل بمبدأ تكافؤ الفرص، ويحرم الطالب المتفوق من الإلتحاق بالكلية التي يستحقها ليدخلها الغشاشون ويفرح بذلك ذويهم فيقيموا الافراح والليالي الملاح لتفوق أولادهم، والغش يصيب الطالب المتفوق باليأس وفقدان الأمل في الغد وفي البلد أيضا، ويجعله يعزف عن الإجتهاد والمذاكرة ولسان حاله يقول "وايه لزمتها المذاكرة طالما غيري بيغش وبيدخل كليات القمة بدلا مني". والغريب والمريب أيضا أن يخرج عليك المسؤول - الذي يخشي علي كرسيه أكثر من دوا عنيه- ليؤكد ان الوزارة نجحت في محاربة الغش، لابد من إيجاد آلية ناجعة لمحاربة كافة أنواع الغش بقوانين وقرارات صارمة ورادعة كي نتخلص من هذه الظاهرة التي تهدد مستقبل التعليم في مصر.