رأيت مرة أحد الطلاب المقبولين حديثاً بكلية الشرطة - وفي أول أجازة حصل عليها وكان حليق الرأس تعلو أنفه لمحة عجرفة لم أعهدها عليه – فسألته: ماذا علموك في الشهرين الأولين من دراستك؟ فقال: علموني أن الشعب المصري مثل الياي ( الزنبرك) طالما أنت ضاغط عليه بقدميك فهو ساكن، وإن خففت الضغط عنه انطلق في وجهك. والحقيقة أننا يمكن أن نلمس زرع تلك الخصومة بين أفراد الشعب بكل طوائفهم ومستوياتهم وفئاتهم من ناحية وبين جل منسوبي الشرطة المصرية بكافة فروعه: أمن دولة - مباحث – نجدة – مرور – جمارك – مطار – مسطحات مائية – مرافق – إلخ إلخ. فما من مواطن إلا وناله قسط من الإهانه إلا أصحاب الحظوة بالطبع والذين تعمل الشرطة في خدمتهم. وطبيعة التربية الشرطية في مصر أن يتحمل الضغط ممن فوقه أياً كان نوعه ثم يمارس التنكيل بالمواطنين. وهي طبيعة جُبِل عليها العاملون بهذا الجهاز والذي بلغ مستوى الإساءة للمواطنين مداه الأعلى أيام اللواء زكي بدر وزير الداخلية الأسبق، ولم ينزل مستوى الإنجراف في إهانة المواطن من بعده بل زاد. ومن لا يرض برأيي هذا ويعتبرني مبالغاً أتركه مع هذه العناوين، التى استقيتها من هذه الجريدة الموقرة، وأعود إليه بعدها: ° سحل مواطن حتى الموت في شوارع فايد بالإسماعيلية ° بقسم شرطة العامرية : علقة ساخنة لسائق رفض توصيل حضرة الضابط ° تعذيب أسرة بأكملها.. مجاملة لرئيس مباحث القسم ° رفض المحامي التنازل عن بلاغه .. فربطه مأمور قسم بورفؤاد بالكلبشات في سريره بالمستشفى ليلة كاملة ° في قسم حدائق القبة : تلفيق تهمة سرقة سيارات لموظف باحدى شركات الادوية ° في قسم شرطة طوخ : تعذيب مواطن لحمله على الاعتراف بجريمة قتل ° تهديد أسرة بأكملها بالزاوية الحمراء بتلفيق تهم اتجار بالمخدرات أو حيازة سلاح أو قضايا آداب لبناتهم ° لحمله على الاعتراف ب"سرقات" مقيدة ضد مجهول : احتجاز وتعذيب طفل عمره 14 سنة ° ضابط قسم المنيل يوقف شابين بتهمة الحض على حب الرسول! ° نيابة وسط القاهرة تحقق في ملابسات وفاة مواطنيين بقسم شرطة الأزبكية ° معتقلوا سجن وادي النطرون لوزير الداخلية : هل المعتقلات في مصر ترفع علم بنما ؟ ° في قسم شرطة حلوان : تعذيب أسرة بالكامل مجاملة لصاحب "واسطة" ° اعتقال 16 شابا بالاقصر اضربوا عن الطعام احتجاجا على منعهم من ممارسة عملهم ° زوجة تنتظر استلام زوجها جثة هامدة بعد القاء القبض عليه ° ضابط مرور يسحل صحفيا حكوميا في الشارع ويلفق تهمة له ° شمال سيناء : اعتقال مواطن وخالته العجوز وعمه لا حد ولا رادع للإنتهاكات .... لا كرامة للمواطن أمام شرطة المحروسة صغيراً كان أم كبيراً ، رجل أو إمرأة، صبيا أو فتاة ---- فلاحاً ، عاملاً، طبيباً، مدرساً، صحفياً حكومياً كان أو معارضاً أو حتى أستاذاً جامعياً. وكأننا أمام مليشيات لإهانة بني مصر وما حولها ممن قادهم حظهم التعس إلى نزول أرض مصر وما حادث السودانيين ببعيد. المتأمل في ما يحدث يجد أننا بناء نفسي متكامل ضد البشر من خارج هذا النطاق البوليسي... بناء لا يوجد له مثيل في أعتى الدول فساداً. ممارسات تنافس ما يفعله المحتلون ضد الفلسطينيين وليس ضد أبناء جلدتهم كما تفعل شرطة مصر. أخشى ما أخشاه أن يطمئن المتمادون في إهانة بني جلدتهم أن لا عقوبة حتى بعد رحيل النظام. وها نحن نجد الجلادين السابقين يُنظِّرون لنا أمام الفضائيات. آمنين مطمئني الفؤاد. علام يخافون؟ أليست القوانين تُفصَّل الآن لحماية الجلادين والقتلة في المغرب العربي؟ فلماذا نستبعد صدور قانون في مصر لحماية من يهدرون كرامة المواطن بإسم حفظ الأمن؟ وربما أن القانون صدر فعلاً بمرسوم، واطَّلع عليه رجال الأمن واطمئنوا، وصاروا لا يعبأون لا بحقوق إنسان ولا صحافة ولا إنترنت. إن أي ضابط بل أمين شرطة أو أدني من ذلك يفعل ما بدا له وما عن بخاطره وهو يأمن أن لا عقوبة. ومن أمن العقوبة أساء الأدب. *مصري مغترب