و أقصد بعصر هو اعتصار و ليس زمن و ان كان بالفعل هذا هو زمنهم و عهد اعتصار جيوبهم ، أما التروس فهم " العمال" الذين يمثلون تلك التروس الصغيرة في ماكينات الإنتاج العملاقة و التي غالبا ما يكون استبدالها بأخرى جديدة أرخص ثمنا و أريح بالا من شغل التفكير في كيفية و زمن و ثمن الإصلاح ، و عودة الى عنوان المقال فنحن نعيش زمن اعتصار جيوب العمال لنرى كم قطرة نستطيع الظفر بها لاجل مصر ! فبين هدير ثورة يناير و تقديم الخبز على الحرية و العدالة الإجتماعية و بين ما نعيشه من أحداث بعد 30 يونيو اتسمت بالضغط على الطبقات الكادحة بشكل غير مسبوق او مفهوم في ظل أزمة إقتصادية فادحة تلوح على الأبواب خرج علينا المشير السابق عبد الفتاح السيسي بفكرة صندوق مصر و التي استجاب لها هشام رامز محافظ البنك المركزى المصري و أعلن عن فتح حساب به باسم "صندوق تحيا مصر" لتلقى تبرعات دعم الاقتصاد المصري رقمه3070307 تيمنا باليوم الذي أعلن فيه السيسي عزل الرئيس مرسي و تبركا باسم حملة السيسي "تحيا مصر " و ان كانت الفكرة لم تأت بجديد بعد أن استهلكت في حسابات سابقة قومية لم يعرف المواطن العادي ماذا فعلت الحكومة بنقوده كما حدث في صندوق العشوائيات و حساب تبرع لمدينة زويل و العديد من حسابات التبرع الصحية كمستشفى سرطان الأطفال،الا ان التنفيذ جاء كارثيا إما لأغراض التملق أو المداهنة أوتصعير الخدين لإرضاء القيادة الجديدة تفعيلا لمفهوم مات الملكعاش الملك . اتفهم تبرع السيسي بمرتبه المضاعف بقرار من عدلي منصور الرئيس الموقت السابق و اتفهم تبرع رجال الأعمال بجزء من ارباحهم و لا أتعجب بالطبع من حذو لميس و زملائها العاملون بالتليفزيون المصري حذو السيسي و التبرع بنصف رواتبهم ، الا انني لا افهم و لا أستوعب قيام اللواء محمود زغلول مدير الهيئة العربية للتصنيع بالتبرع بنسبة 10% من اجور العاملين بالهيئة لصالح الإقتصاد و لمدة سنة كاملة !! فكيف يتبرع شخص بما لا يملك ؟ و ما الكيفية التي سيتحصل بها على التبرعات الا اذا طبق نظام الاستقطاع الاجباري من الراتب ، فاذا حدث ذلك أصبحنا أمام حالة فرض إتاوة و ليس تبرع ، فهل عدنا الى عهود الرق حيث يفعل رب العمل ما يحلو له مع مخدوميه ؟ و لو عكسنا الأدوار و قرر العاملون استقطاع جزء من أوقات عملهم في الراحة مثلا فهل كان سينقدهم اجورهمكاملة ؟ و هل فكر مدير الهيئة و لو قليلا في هيكل أجور العاملين ووجد بها فائضا يزيد عن كفاية العاملين فقرر استقطاعه ؟ و هل تغطي أجور العاملين اصلا حد الكفاف الذي يقيهم حاجة السؤال ؟ و هل من مصلحة مصر ان يزيد العمال فقرا و ظلما و قهرا على قهرهم ؟ ثم اليس الصندوق قد اقيم في الأساس لأجلهم فكيف نأخذ منهم ماهو لهم ؟ الا يكفيهم غلاء الأسعار و تشمير الحكومة عن ساعديها في رفع الدعم عنهم؟أما يكفيهم غلاء السولار و البنزين و ما سيترتب عنه من كوارث اقتصادية سيعاني منها الغني و الفقير على السواء ؟ فغلاء المحروقات سيؤدي الى غلاء وسائل نقل البضاعة و التي بدورها سيترتب عليها غلاء البضاعة نفسها لنجد أن الدائرة تغلق على المواطن العادي الذي سيتحمل التكلفة مضاعفه من غلاء في البنزين يصيبه شخصيا بصورة مباشرة و غير مباشرة .كما أن ألغاء البطاقات التموينة و استبدالها بمبلغ زهيد يشتري به المواطن احتياجاته من السلع الأساسية بسعرها السوقي و ليس سعر المصنع أضافت عبئا غير محتمل على كاهله ، ناهيك عن ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 20% في بلد يعيش أكثره تحت خط الفقر ! فضلا ، فسروا لنا ماذا يحدث تحديدا ، لأن ما سبق ذكره لا ينذر الا بثورة جياع قادمة لا محال اذا لم تتراجع الحكومة عن تلك القرارات الغير المفهومةو تخرج بحلول مبتكرة بعيدا عن الحلول التقليدية التي عفا عليها الزمان ، لربما كانت صحيحة على حسب معايير الإقتصاد الحديث و الحر ، الا أن توقيتها ليس مناسبا للتطبيق بتاتا و قد طمس المصريون ثورتهم بأيديهم بحثا عن استقرار ولو قصير الأمد بعد لهث الأنفاس لثلاثة سنوات متتالية هي عمر الثورة الموؤدة .
الفقراء لا تهمهم ثورة و لا حرية و لا كرامة و لا حتى عدالة اجتماعية ، لا تقربوا خبزهم يرحمكم الله و الا فهي بداية فوضى ستستمر طويلا و لن يستثنى منهاأحد .