ربما لو رأى الشاعر أحمد شوقي، ما آلت إليه مصر وقراها فى وقتنا الحالى، لأسهب فى رثاء النهر الذى تعانى شرايينه جلطة مزمنة، تحبس الماء عن حلوق العطشى.. ولاستبدل قصيدته "النيل نجاشي" ب"النيل مجاشي"، ولما تغنى له "عبد الوهاب".. فبجولة سريعة على قرى مركز منية النصر، وخصوصًا عزبة "السودة "، وقرية "الجنينة"، ستجد أن عليك تحمل العطش على أن ترتوى بالماء، لا لشيء إلا أن المياه المتاحة، هى مياه الصرف، كما ستجد أن عليك الرحيل مبكرًا حتى لا تقع فريسة للظلام وصعوبة التنقل عبر الطرق المتقطعة والمتهالكة التى لا تصلح حتى لسير الدواب. مأساة قرى منية النصر، كما يرويها الأهالى هى أنهم خارج حدود الزمان والمكان، ففى قرية "الجنينة" التى ليس لها أى حظ من اسمها، تُروى المحاصيل والخضر، بمياه الصرف القادمة من المنصورة، كما تختلط بمياه الشرب. يقول محمد حمدي، أحد مزارعى القرية، إن زمام قريتهم يضم نحو 15 ألف فدان، تُروى كلها بمياه الصرف الصحي، ما يسبب العديد من الأمراض، وأدى إلى ارتفاع نسبة الفشل الكلوى بين الأهالى بشكل كبير. فيما قال الحاج عباس طه، إن شبكة الصرف، فيها تسريبات، تجعل مياهها، تختلط بشبكة مياه الشرب، ما يؤثر على صحة الأهالي، لافتًا إلى أن مشاكل "الجنينة" لا تتوقف عند أزمة المياه، فهناك انقطاع مستمر للكهرباء، فضلاً عن غياب المرافق والخدمات، خصوصًا الصحية، وتهالك الطرق. وتعتبر عزبة "السودة" من أكثر المناطق المحرومة فى الدقهلية إن لم يكن فى مصر كلها، ففي الوقت الذى تتكدس فيه شواطئ المراكز الساحلية بالمصطافين، يتكدس شاطئ مصرف "السودة" الذى يقطع القرية بالفتيات والسيدات اللاتى يغسلن الأوانى والملابس، فيه نتيجة انقطاع المياه عن القرية من أكثر من 3 شهور، بينما أطفال القرية وفتيانها يقضون يومهم ذهابًا وإيابًا من وإلى القرى المجاورة، من أجل الحصول على مياه صالحة للشرب. وتقول "أم حسين"، ربة منزل، إنها مع كل صباح تذهب إلى المصرف لغسيل الأوانى والملابس فى ظل انقطاع المياه عن القرية، الأمر الذى ساعد على انتشار الأمراض والحشرات، فضلاً عن اللجوء إلى القرى المجاورة للحصول على مياه صالحة للشرب. ويقول الحاج أحمد عثمان، أحد الأهالي، إنه على الرغم من انقطاع المياه، إلا أن الشركة تطالبهم بسداد فاتورة المياه، دون أن يعرفوا مبررًا لانقطاعها، أو لجمع أموال على خدمة غير متوفرة، لافتًا إلى أنه فى ظل تفاقم الأزمة، فإنهم لا يجدون إلا مياه الصرف لتغسيل موتاهم. وأضاف "عثمان"، أنه على الرغم من تناول العديد من وسائل الإعلام لمشاكلهم، بعد زيارتهم للعزبة والقرى المجاورة، إلا أن أحدًا لم يحرك ساكنًا، ورغم كثرة شكاويهم، إلا أن أحدًا من المسئولين لم يتدخل لحلها، وكأن أهالى القرى والعزب مواطنون من الدرجة الثالثة.
-"فضفض" بقصصك الإنسانية وقصص من يهمونك .. ارسل مشاكلك مع المسئولين والوزارات المختلفة ..للتواصل والنشر في صفحة " ديوان المظالم .. مع الأستاذة: صفاء البيلي موبايل: 01124449961 فاكس رقم25783447 إيميل: Bab.almesryoon@ gmail.com