بلغني من مصادر قريبة وموثوقة، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان مستاء وغاضبا، من أحكام الاعدام الجماعي، التي صدرت عشية الدعاية الانتخابية. الأحكام كانت أسوأ دعاية له، واحرجته أمام الرأي العام الحقوقي في العالم، وتحمل وزرها وحده، لأنه رغم أنه كان مرشحا ولم يكن قد تولى السلطة رسميا يعتبره مصريون داخل مصر وعواصم العالم الأخرى، هو الحاكم الفعلي وصانع السياسات الحقيقي، أوعلى الأقل كان الضامن للفترة الانتقالية، وذلك بحسب بيان عزل مرسي في 3 يوليو 2013. ولم تتوقف أحكام الإعدام بالجملة، بعد توليه السلطة اعدام 183 معارض سياسي يوم 21/6/2014 وحبس ناشط من 6 ابريل 15 عاما عقوبة على التظاهر أمام مجلس الشورى.. لترتسم صورة للسيسي بوصفه رئيسا قاسيا معاديا للحريات ولحقوق الإنسان وتزعجه المعارضة حتى لوكانت "حانية" سلمية. ويوم أمس 23/6/2014، عاقبت محكمة مصرية صحفيي الجزيرة بالحبس 7 سنوات في حكم غير مسبوق في تاريخ العلاقة بين الصحافة والسلطة.. والذي لا مثيل له، في أية دولة حتى في تلك التي لا زالت بكرا في علاقتها بالقانون والمحاكم. المشكلة أن الأحكام شديدة القسوة، تصدر في حق "المعارضة" لا في غيرهم، والمجتمع الدولي يحصرها في معارضي السيسي، ما ينزل الأخير في التصنيف الحقوقي منزلة "الديكتاتور".. رغم أنه بالقطع لم يأمر بها، وأنها صدرت من ضمير المنصة مستقلا عن السلطة التنفيذية. الأسئلة تتمحور حول : لماذا الإخوان يعدمون جماعيا؟!.. ولماذا رموز ثورة يناير يحبسون 15 عاما؟!. ولماذا صحفيو الجزيرة تحديدا يعاقبون بالحبس سبع سنوات؟! المشكلة ليست في السيسي، لأنه بالتأكيد هو أكثر المتضررين منها في سمعة نظامه السياسي، وعلاقته بالعالم.. فمنذ يوم أمس على سبيل المثال والدنيا مقلوبة عليه، بعد الحكم على صحفيي الجزيرة.. بلغت حد استدعاء السفراء.. وقد تتطور الأحداث بدخول مصر في أزمة دبلوماسية مع عدد من عواصم القوة في أوروبا. المشكلة في أن ثمة "خصومة" بين القضاء والإخوان من جهة وبينه وبين ثورة يناير من جهة أخرى.. وتتجلى تلك الأزمة من خلال سلسلة الأحكام الأخيرة والصادمة بحق الجماعة وثوار يناير وفضائية الجزيرة، والتي هزت ضمير العالم. هذه هي الحقيقة التي تحتاج إلى الشجاعة في الاعتراف بها.. لأنها لا تتعلق فقط بأنها تهديد حقيقي لكل العاملين في السياسة.. إنما أيضا تمس أمن مصر الاقتصادي وتضعه على حافة الانهيار.. لأن الاستثمار يحتاج إلى من يطمئنه بأنه في كفالة نظام قضائي عدالته عمياء فعلا.. فهلا قدم القضاء المصري هذه الضمانة للرئيس السيسي، لتسانده في اقناع رجال الأعمال المصريين والعرب والأجانب بالاستثمار في مصر؟! على الرئيس أن ينقذ نفسه.. ويعيد قراءة مطالب ثورة 25 يناير.. ونأمل أن يكون قد تأكد الآن، على وجه اليقين بأنه سيفشل حتما حال ترك "مؤسسات السيادة" على حالها الذي كانت عليه أيام مبارك بدون إصلاح. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.