لم يكن وزير الخارجية السابق نبيل فهمي، من بين الوزراء المغضوب عليهم من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فهو الذي صحبه عندما كان وزيرا للدفاع خلال الزيارة التي قام بها إلى روسيا في شهر فبراير الماضي، كما أنه تولى المسئولية عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ودافع دبلوماسيا بقوة عن خطوة العزل. وبينما كانت كل المؤشرات تتوقع بقاء الرجل، جاءت المفاجئة في التشكيل الوزاري الذي أدى اليمين الدستورية اليوم، بتعيين وزيرا جديدا هو السفير سامح شكري، الذي أحيل للتقاعد منذ عامين، وأعاده محلب للمنصب الأهم في الدبلوماسية المصرية، وهو منصب الوزير. تاريخ شكري في الدبلوماسية المصرية لا يختلف كثيرا عن سابقه نبيل فهمي، فالاثنان تحمل سيرتهما الذاتية أنهما توليا مسئولية السفارة المصرية الأهم في الخارج، وهي السفارة المصرية في العاصمة الأمريكيةواشنطن، غير أن الاختلاف الذي ربما يبدو واضحا بينهما هو "صلابة " شكري التي تطغى أحيانا على سلوكه الدبلوماسي، وفق وكالة "الأناضول". ويعرف "السلوك الدبلوماسي" بأنه التفاعل الهادئ البعيد عن العصبية مع الأحداث، وعلى الرغم من أن فهمي تحلى بهذا السلوك في تعامله مع انتقادات المنظمات الحقوقية الدولية لملف الحريات وحقوق الإنسان في مصر، إلا أن الإعلام كان ينتقد فهمي بشدة، مطالبا إياه بالحزم والشدة في التعامل مع تلك المنظمات، ووصل الأمر إلى حد المطالبة بإقالته أكثر من مره واستبداله بوزير شديد. لم يستجب الرئيس المؤقت عدلي منصور حينها لمثل هذه المطالبات، ربما لأن المرحلة الانتقالية حينها كانت تحتاج إلى دبلوماسية فهمي في التعامل مع العالم الخارجي لاسيما الغرب والولاياتالمتحدة، ولكن مع تزايد الانتقادات الحقوقية من المنظمات الدولية تبدو المرحلة الجديدة بحاجة إلى وزير "ناشف" ( قوي في مواقفه وقراراته)، كما وصفه الإعلامي أحمد موسى أمس في برنامجه على قناة " صدى البلد " الخاصة، ولا سيما إذا كان لهذا الوزير خلفيه في الملف الحقوقي. ومن بين المناصب التي تولاها الوزير الجديد مندوب مصر الدائم في مقر الأممالمتحدة بجنيف من عام 2005 وحتى عام 2008، وهو ما أتاح له الاقتراب من نشاط مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث كان يمثل مصر في جلسات المجلس، وله مواقف وصفت حينها بأنها تخرج عن الخط السياسي للحكومة المصرية. وكشفت وثيقة سربت في مارس عام 2011 ضمن وثائق "ويكيليكس" عن أحد هذه المواقف، وكانت عبارة عن برقية صادرة عن البعثة الأمريكية في الأممالمتحدة موجهة للخارجية الأمريكية بتاريخ في 2 يوليو 2008. وقالت البرقية إن الوفد المصري الذي يرأسه شكري هو من أكثر الوفود صعوبة في التعامل، حيث يحشد الدعم لمواقف لا تؤيدها الولاياتالمتحدة. وأعطت البرقية مثالاً على تصرفات شكري بسردها لمداخلته في مارس 2008 في جلسة مجلس حقوق الإنسان التي أكد خلالها أن هناك مقاومة فلسطينية تقاتل محتلا أجنبيا لأرضها، وأن ما تفعله هو دفاع مشروع عن النفس، وأن تلك المداخلة كانت أثناء انخراط الحكومة المصرية في جهود السلام في الشرق الأوسط، وجاءت بعد تصريح وزير الخارجية المصري (وقتها أحمد أبو الغيط) بأن على الفصائل الفلسطينية ضبط النفس لتجنب الإضرار بعملية السلام. غير أن الموقف الذي سربته "ويكيليكس" في عام 2011 بعد ثلاثة أعوام من حدوثه، لم يزعج الحكومة المصرية حينها، والتي نقلت الرجل ليعمل سفيرا لمصر لدى واشنطن، وهو المنصب الذي شغله من 2008 حتى أحيل للتقاعد في 2012. والتحق شكري الحاصل على ليسانس الحقوق بجامعة عين شمس بالسلك الدبلوماسي في عام 1976، وتدرج في المناصب حتى عمل سفيرًا لمصر بلندن وبوينس آيرس، والبعثة المصرية الدائمة في نيويورك، كما أنه رأس القسم الخاص بالولاياتالمتحدة وكندا في وزارة الخارجية المصرية عامي 1994 و 1995. وعمل في منصب سكرتير رئيس الجمهورية للمعلومات (1995 - 1999)، مديرا لمكتب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط (2004-2005)، سفيرا لمصر في النمسا والممثل الدائم لمصر لدى المنظمات الدولية في فيينا (1999- 2003 ). سياسيا، كان لشكري موقف واضح من ثورة 25 يناير 2011 ، وهو قوله أن جماعة الإخوان المسلمين اختطفتها، ويرى أن 30 يونيو ثورة تصحيح لها، غير أن تلك التصريحات دائما ما كان يواجهها شباب ثورة يناير بقولهم إنها صادرة من دبلوماسي عمل سكرتيرا عدة سنوات للرئيس الذي قامت ضده الثورة.