العراق يشبه مصر.. دولة نهرية.. المزاج العام فيها يميل إلى التوسط والاعتدال، وبالتالي لا مستقبل للتطرف فيهما.. وهما كذلك دولتان قديمتان، ما يجعل "الفوضى" استثناء على هامش متن "الاستقرار" الذي يعد مكونا أصيلا للضمير العام في المجتمعات المحافظة. هذا استهلال ضروي.. لاسشراف مستقبل التطرف والعنف والفوضى في العراق وفي مصر.. ولذا يظل مثيرا للاستغراب وللتساؤلات المشروعة.. ظهور جماعات تطرف مسلحة مثل "داعش" في العراق.. و"أنصار بيت المقدس" في مصر. في أفغانستان تقاطعت مصالح الأمريكيين مع المقاتلين العرب وغيرهم ضد الاحتلال الروسي، فظهر بالتراكم ومع تطور الأحداث تنظيم القاعدة.. وفي سوريا تقاطعت مصالح النظام البعثي مع مصالح بعض المقاتلين العرب وغيرهم في العراق فظهرت "داعش". وبمعنى آخر: فإن ثمة جهاز أمني عادة ما يقف وراء تأسيس الجماعات المقاتلة، ليس بالضرورة أن تكون علاقة "عمالة".. وإنما في الغالب تكون علاقة تبادل منفعة، فرضها التقاء المصالح. غير أن مصر حالة مختلفة، فهي ليست منطقة توتر إقليمي، وفي حالة سلام مع الكيان الصهيوني منذ اربعين عاما.. وليس ثمة تطابق بينها بين أفغانستانوالعراقوسوريا.. فكيف دلفت إليها جماعات العنف عابرة الحدود ومتعددة الجنسيات؟! في عهد مبارك شهدت سيناء عدة عمليات إرهابية، ضد أهداف سياحية، إحداها في "شرم الشيخ"، قيل حينها أن أحد أبناء الرئيس المخلوع على علاقة بها، تصفية لحسابات مع وزير الداخلية آنذاك حبيب العادلي.. ولا ننسى أن محامي الكنيسة المصرية اتهم صراحة أرفع مسؤول أمني في عهد مبارك بأنه وراء حادث "القديسين" الدامي الذي وقع بالأسكندرية في شتاء عام 2010. فضلا عن أن ظهور الجماعات المسلحة وعلى رأسها "أنصار بيت المقدس" في سيناء وتركه يتضخم بشكل أحاله إلى تنظيم قادر على توجيه ضربات مؤلمة ضد مؤسسات أمنية لها دلالتها كرمز لهيبة الدولة.. ثم تنامي عملياته في ذروة مواجهة سلطة ما بعد 3 يوليو مع الإخوان.. ثم اختفائها تقريبا قبيل وبعد انتخاب السيسي رئيسا للجمهورية.. كل ذلك من شأنه أن يغري الباحثين والمراقبين على التساؤل وفتح ملفات جماعات العنف في سيناء والتي ظهرت أثناء حكم مبارك والمجلس العسكري ومرسي. القرائن العقلية تقطع بأن سيناء في ظل إهمال الحكومة المركزية ظلت الفناء الخلفي لأجهزة أمنية اقليمية وغيرها، وعلى رأسها استخبارات حزب الله اللبناني وإيران والفصائل الفلسطينية التابعة لمحمد دحلان.. أخطر رجل استخبارات عربي.. والذي اعترف بأن عناصره موجودة في سيناء !! وذلك في لقاء متلفز على فضائية مصرية، بدون رد من السلطة! ولكن السؤال الأهم، وسط هذا الصخب الذي دوخ المصريين وغيبهم عن الحقائق، هو أين كانت الأجهزة الأمنية المصرية في سيناء، طوال الأربعين عاما الماضة.. وماذا كانت تفعل؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.