بدأت قافلة علماء الأزهر والأوقاف في فعالياتها بشمال سيناء حيث انطلقت ألسنة العلماء بالمنهج الأزهري الوسطي في مدينة العريش وفي حي المساعيد، ففي مسجد الخير والبركة ألقى الدكتور نادي حسين عبد الجواد محاضرة أكد فيها أن الله سبحانه وتعالى أمر عبادة بالاستقامة والاعتدال، وإن الدين الإسلامي يعارض التطرف والتعصب، ويحترم التعددية الثقافية والدينية والحضارية وينبذ العنصرية، ويدعو للوسطية التي شَرَّفَ بها أُمّةَ الحبيب المصطفى "صلى الله عليه وسلم"، وجعلها أُمَّةً وسطًا بين سائرِ الأُمم، فقال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة: 143]، ونهاهم عن الغلو والانحلال، فقال تعالى: "يَا أَهْلَ الكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ" الآية 171 سورة النساء، فلا إفراط ولا تفريط، لا غلو ولا تطرف ولا تشدد في الإسلام، إنه دين الوسطية والاعتدال والعدل، دين الرحمة والتسامح والوفاء والصدق، دين الأخلاق الحميدة الفاضلة، لذلك حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو في التدين، وأنكر على من بالغ من أصحابة في التعبد والتقشف مبالغة تخرجه عن حدّ الاعتدال، وفى مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه المجتمع من الجماعات التكفيرية التي تتبنى الإرهاب والتطرف، ومن دعاة العنف والتخريب والمتسرعين في الفتوى بغير علم، حثّ الإسلام على الدعوة بالتي هي أحسن، فقال تعالى "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" العنكبوت 46 . وقال تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" وفي مسجد عثمان بن عفان أشار الدكتور عاصم قبيصي إلى أن ما يحدث من تكفير وتطرف وغلو في مجتمعنا.. وما ينشأ عنه من ترويع وإرهاب و سفك للدماء البريئة، وتفجير للمساكن والمركبات والمرافق العامة والخاصة، وتخريب للمنشآت ، فكلها أعمال إجرامية دخيلة على بلادنا وعلى عاداتنا وتقاليدنا، إنها إفساد في الأرض وإشاعة للرعب والخوف، واستهداف للأمن والأمان والاطمئنان، والإسلام برىء منها، وكذلك كل مسلم يؤمن باللّه واليوم الآخر برىء منها، فديننا الحنيف حذّر من إرهاب الآخرين، ونهى عن ترويع الآمنين وتخويفهم، وحرّم التعدي عليهم، لأنه إجرام تأْباه الشريعة والفطرة، يقول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ" وفي محاضرته التي ألقاها بمسجد السلام بيّن الدكتور هاني عويضة أن للتكفير أخطاراً عظيمة، ويترتب عليه أمور عظيمة، فقف عند حدك أيها المسلم ولا تحكم إلا بحكم شرعي، فإن أثر التكفير على الفرد، والجماعة المسلمة ، وعلى الإسلام عموماً، فضرره على الفرد: إذا حكمت عليه بالكفر فمعناه أنك حكمت بردته، وحكمت عليه بالخلود في النار، وفرقت بينه وبين امرأته، ولم تجعل له ولاية على أولاده، ولا ميراث له، ولا تصلي عليه، ولا تدفنه في مقابر المسلمين، ولا يجوز التوارث بينه وبين أبنائه وزوجته؛ لأنك حكمت عليه بالكفر ، فيترتب على هذا الحكم أمور كثيرة فكيف ترضاها أيها المسلم بلا دليل ولا روية! إن ذلك خطر عظيم