العشوائية شعار الحملات والمداهمات.. وقنص مواطن داخل مزرعته.. والأهالى: "اللى حضّر الإرهاب يصرفه" تعيش مدن وقرى شمال سيناء حياة أصعب من تلك التى يعيشها أهل المجاعات الإفريقية وغيرها، حيث لا توجد خدمات جديدة، فالمياه والكهرباء قد حُكم عليهما بالإعدام، أسلاك الكهرباء متهالكة وتحتاج إلى إحلال وتجديد منذ أكثر من 20 عامًا، والاتصالات مقطوعة بسبب ما يسمى بالحرب على الإرهاب وملاحقة المسلحين، حيث يصل انقطاع الشبكات لأكثر من 10 ساعات نهارًا، ناهيك عن قطعها أحيانًا فى فترات الليل. فى البداية، يقول مصطفى نصير، من أبناء الشيخ زويد: "إذا كان الإرهاب دخيلاً على أبناء سيناء، وخصوصًا مناطق المدن مثل العريش والشيخ زويد وبئر العبد ورفح أكبر المدن والقرى الرئيسية بشمال سيناء، فلماذا يتم ملاحقة الشباب فى الأسواق والمقاهى والشوارع العامة، ويؤخذون ويحجزون تحت التعذيب لأكثر من أسبوع بين الشيخ زويد والعريشوالإسماعيلية، ومنهم من يخرج ومنهم من يوضع رهن الاعتقال بمدينة الإسماعيلية، ولا يستطيع أهله زيارته أو معرفة مكانه، غير أن الذى يخرج يخبر إن رأى ابنهم أم لم يره، ناهيك عن الذين حوكموا وصدرت بحقهم أحكام قالت المصادر الأمنية إنهم متورطون فى أحداث".
وأضاف أحمد على، من أبناء قبيلة السواركة: "الكل يعرف أن الإرهاب دخيل، وليس من عادات وشيم العرب قتل الضيف أو عابر السبيل أو الإنسان المسلم وغير المسلم، فلماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد من الملاحقات والمداهمات لبيوت الأبرياء، فمن أتى بالإرهاب عليه أن يصرفه، فأنتم تركتم شعب لأكثر من 30 عامًا دون خدمات أو وظائف، وحينما تورط بعض من الشباب العاطل عن العمل فى بعض الانفلاتات الأمنية، صنفتم سيناء كلها كبلد للإرهاب، فلم يترك الأمن بيتًا أو شارعا ولا مدينة ولا قرية صغيرة، إلا نكل بأهلها، مؤكدًا أن المرشح المشير عبد الفتاح السيسى، فى حواره قال إن هناك تجاوزات حدثت بحق الأبرياء من أهل سيناء، ولكن لم يتكلم عن محاسبة الذين تجاوزوا، ولم يتكلم عن الرصاصة الطائشة التى ما زالت تقتل حتى يومنا هذا.
وتابع أن سليم.أ، 43عاما من قرية الوفاق، أتته رصاصة طائشة أثناء مرور مدرعات الجيش، وهو جالس بحقل "الخوخ"، حيث نقل إلى مستشفى رفح، ثم حُول إلى مستشفى العريش لخطورة حالته الصحية.
وأشار محمد أبوعلى، صاحب محل بمنطقة الميدان بالشيخ زويد، إلى أن أكثر من 200 محل تجارى و300 منزل بمنطقة الميدان لأكثر من 8 شهور متتالية مغلقة، ولا نجد أى بوادر أو انفراجة فى فتح الميدان المغلق، مع أن ميادين كثيرة ضربت فيها كمائن ومديريات ولم يتم غلقها، مضيفًا أن مديرية أمن المنصورة تم فتح الطرق التى بجانبها فى اليوم الثانى للعملية الإرهابية التى دمرتها بسيارة مفخخة، ولكن لم نسمع مسئولاً أمنيًا واحدًا يطالب بإغلاق ميدان المنصورة القريب من المديرية، أو أي ميدان أو شارع مجاور لمديرية أمن القاهرة، فلماذا سيناء بالذات مع أن الإرهاب فى سيناء يعتبر أقل؟ ولكن الإعلام صور للعالم أن الإرهاب فى سيناء فقط! وأوضح فرج العوابدى من مدينة رفح، أننا لا نستطيع التحرك ليلاً، فالحظر المفروض كبل حياتنا، فإذا أردنا زيارة الجيران قد تأتينا طلقة من ذاك القناص القابع أعلى المئذنة، أو الآخر الذي فوق القسم أو المعسكر الأمني، فالشيخ زويد ورفح ممنوعتان من التحرك من الخامسة عصرًا حتى السادسة صباحًا.
وأكد أهالى العريش، أن ميدان المالح مغلق للشهر الرابع على التوالى، وكنا نتوقع أن يتم افتتاحه فى أعياد سيناء فى 25 إبريل من الشهر الماضى، ولكن الحكومة أصرت على إبقائه مغلقًا لدواع أمنية.
وأضاف الناشط السياسى محمد خطابى، أن جميع الشوارع بالضاحية وأمام مديرية أمن شمال سيناء والمرور والسنترال والمحافظة، جميعها طرق مغلقة بسواتر ترابية.
ومن جنوب الشيخ زويد، علت صرخات المواطنين قائلين إن الميدان الوحيد لقرية الجورة تم إغلاقه منذ أكثر من خمسة شهور حتى هذه اللحظات، فنحن نشعر بأننا فى سجن كبير، فبسبب غلق الميدان أصبحنا لا نستطيع التحرك ليلاً، وكلما سألنا رجال الأمن متى ستفتح الميادين، كان الرد لن تفتح إلا بعد القضاء على الإرهاب.
وأشارت الناشطة السياسية منى برهوم من سكان رفح، إلى أننا لا نجد إلا وزارتى الداخلية والدفاع، فأين وزارات الصحة والتعليم والثقافة منذ أكثر من 30 عامًا، أيعقل أن تتركوا أكثر من 3000 شخص بدون عمل مشروع تحت رعاية الحكومة، وتم إغلاق الأنفاق ومحاصرة الناس فى الأسواق وأغلقتم الميادين العامة والطرق، ثم تحاسبون الشباب بحجة إرهاب، أى عقلانية نعيشها؟ فإن مدارس بأكملها لا يوجد بها معلمون بمناطق وسط سيناء، وقرى أخرى لا توجد بها شربة ماء، وعائل وحيد لأسرته تم حجزه، فهو الآن رهن الاعتقال، وقد شردت أسرته وتسولت زوجته.