توفى الروائى الكولومبى غابرييل غارسيا ماركيز فى منزله بالعاصمة المكسيكية مكسيكو سيتى عن عمر يناهز 87 عامًا. وغارسيا ماركيز من أعظم المؤلفين بالإسبانية على مر العصور، واشتهر برواية "مائة عام من العزلة"، التى نشرت فى عام 1967، وبيع منها أكثر من 30 مليون نسخة، وقد حصل غارسيا ماركيز فى عام 1982 على جائزة نوبل فى الأدب. والعجيب منذ عامين، إعلان أخيه الأصغر إصابته بالخرف وتوقفه عن الكتابة. ومن الروايات الشهيرة له، والتى علّمت مبدعين كثر.. "الحب فى زمن الكوليرا" و"وقائع موت معلن" و"الجنرال فى متاهته".. لقد رحل صاحب الكتابة المبهجة.. تاركًا وصيته الأخيرة.. لن أتكلم كثيرًا عنه، لكننى سأترككم مع تلك الوصية التى ستجدون أنها تعبر عنكم، متأكدة أنكم ستحاولون تنفيذها بقدر الإمكان، فتنفيذها أو بعضها لن يكلفنا / يكلفكم سوى الكثير من الحب والتفاؤل والرحمة والاستمتاع بالحياة، وعمل ما أنت مقتنع به.. ببساطة هذه الوصية وصية للإنسان ليعود إلى إنسانيته الحقيقية، بوجهها البكر النظيف.. انظروا فقد اخترت لكم بعضًا مما قاله ماركيز فى وصيته التى كتبها قبل وفاته بفترة من الزمان.. "لو وهبنى الله حياة أطول لكان من المحتمل ألا أقول كل ما أفكر فيه، لكننى بالقطع كنت سأفكر فى كل ما أقوله. كنت سأقيّم الأشياء ليس وفقًا لقيمتها المادية، بل وفقًا لما تنطوى عليه من معان. كنت سأنام أقلّ، وأحلم أكثر فى كل دقيقة نغمض فيها عيوننا نفقد ستين ثانية من النور، كنت سأسير بينما يتوقف الآخرون. أظل يقظًا بينما يخلد آخرون للنوم، كنت سأستمع بينما يتكلم الآخرون، كنت سأستمتع بآيس كريم لذيذ بطعم الشيكولاتة. لو أن الله أهدانى بعض الوقت لأعيشه، كنت سأرتدى البسيط من الثياب، كنت سأتمدد فى الشمس تاركًا جسدى مكشوفًا بل وروحى أيضًا. يا إلهى.. لو أن لى قليلاً من الوقت لكنت كتبت بعضًا منى على الجليد وانتظرت شروق الشمس. يا إلهى.. إذا كان مقدرًا لى أن أعيش وقتًا أطول، لما تركت يومًا واحدًا يمر دون أن أقول للناس إننى أحبهم، أحبهم جميعًا، لما تركت رجلاً واحدًا أو امرأة إلا وأقنعته أنه المفضل عندى، كنت عشت عاشقًا للحب. كنت سأثبت لكل البشر أنهم مخطئون لو ظنوا أنهم يتوقفون عن الحب عندما يتقدمون فى السن، فى حين أنهم فى الحقيقة لا يتقدمون فى السن إلا عندما يتوقفون عن الحب.. لو كنت أعرف أن هذه هى المرة الأخيرة التى أراك فيها تخرج من الباب لكنت احتضنتك، وقبلتك، ثم كنت أناديك لكى أحتضنك وأقبلك مرة أخرى. لو كنت أعرف أن هذه هى آخر مرة أسمع فيها صوتك، لكنت سجلت كل كلمة من كلماتك لكى أعيد سماعها إلى الأبد. لو كنت أعرف أن هذه هى آخر اللحظات التى أراك فيها، لقلت لك 'إننى أحبك' دون أن أفترض بغباء أنك تعرف هذا فعلاً. لو كنت مخطئًا وكان اليوم هو فرصتى الأخيرة، فإننى أقول كم أحبكم، ولن أنساكم أبدًا. ما من أحد، شابًا كان أو مسنًا، واثق من مجيء الغد، لذلك لا أقلّ من أن تتحرك، لأنه إذا لم يأت الغد، فإنك بلا شك ستندم كثيرًا على اليوم الذى كان لديك فيه متسع كى تقول أحبك، لن تبتسم لأن تأخذ حضنًا أو قبلة أو تحقق رغبة أخيرة لمن تحب. حقًا.. نعم.. لقد رحل ماركيز وبقى أثره.