ضرب موعدا مع الأهلي.. الاتحاد يهزم الزمالك ويتأهل لنهائي كأس مصر (فيديو)    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    جامعة الأقصر تنظم أول ملتقى توظيف لخريجي جنوب الصعيد    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    داج ديتر يكتب للشروق: ذروة رأسمالية الدولة.. ماذا بعد؟    رئيس الوزراء يهنيء السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    وزير الدفاع الأمريكي: نعارض أي عملية عسكرية إسرائيلية برفح الفلسطينية دون خطة تؤمن سلامة المدنيين    إعلام عبري: حزب الله هاجم بالصواريخ بلدة بشمال إسرائيل    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    الدولار يصعد 10 قروش في نهاية تعاملات اليوم    روديجر يحذر مبابي من نهائي دوري أبطال أوروبا    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    ستبقى بالدرجة الثانية.. أندية تاريخية لن تشاهدها الموسم المقبل في الدوريات الخمسة الكبرى    حالة وحيدة تقرب محمد صلاح من الدوري السعودي    طليقة قاتل جواهرجي بولاق ابو العلا: «اداني سبيكة 2.5 جرام وسلاسل ل بناته»    مصرع زوجين وإصابة طفليهما في حادث انقلاب سيارة بطريق سفاجا - قنا    مي القاضي تكشف أسباب عدم نجاح مسلسل لانش بوكس    الخميس..عرض الفيلم الوثائقي الجديد «في صحبة نجيب» بمعرض أبو ظبي للكتاب    بالأبيض.. لينا الطهطاوى رفقة هنا الزاهد وميرهان في ليلة الحنة    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    إحالة فريق تنظيم الأسرة و13 من العاملين بالوحدة الصحية بالوسطاني في دمياط للتحقيق    هيئة سلامة الغذاء تقدم نصائح لشراء الأسماك المملحة.. والطرق الآمنة لتناولها في شم النسيم    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    حمد الله يتحدى ميتروفيتش في التشكيل المتوقع لكلاسيكو الاتحاد والهلال    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    ثوران بركان جبل روانج في إندونيسيا مجددا وصدور أوامر بالإخلاء    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفضل عالم فى إفريقيا ل"المصريون": فقدنا زعامتنا لهذه الأسباب
نشر في المصريون يوم 10 - 04 - 2014

الدكتور جلال الدين الجميعى: عودة مصر لأحضان الأفارقة مرهونة بعودة الأستاذ والباحث إلى أبناء القارة السمراء

- دول حوض النيل تجرأت على مصر بعد أن استغنت عن علمائها رغم أنها تستقبل 15 ألف طالب إفريقى
- إسرائيل استغلت فراغ ابتعاد الخبير المصرى عن دول حوض النيل بالاعتماد على يهود الفلاشا
- المبعوث الواحد يكلف الدولة 167 ألف دولار و30% منهم تنقطع صلته بالجامعات المصرية.. والنهضة لن تتحقق إلا باستعادة 60 ألف مبعوث
- 400 كلية مصرية تقدم سنويًا 600 مبعوث يكلفون الحكومة 60 مليون دولار.. والمبعوث الواحد يحصل على 72 ألف دولار طوال فترة الدراسة

أكد الدكتور جلال الدين الجميعي، أفضل عالم فى إفريقيا, المدير السابق للإدارة العامة للبعثات، أن عودة مصر لأحضان الأفارقة مرهونة بعودة الأستاذ والباحث إلى أبناء القارة السمراء، مشيرًا إلى أن دول حوض النيل تجرأت على مصر بعد أن استغنت عن علمائها رغم أنها تعلم 15 ألف طالب إفريقي، وأن إسرائيل استغلت ابتعاد الخبراء المصريين عن دول حوض النيل بالاعتماد على يهود الفلاشا.
وأوضح الجميعى فى حواره مع "المصريون"، أن النهضة الحقيقية لمصر لن تتحقق إلا باستعادة 60 ألف مبعوث مصرى والاستفادة بعلومهم المختلفة، مبينًا أن المبعوث الواحد يكلف الدولة 167 ألف دولار، ورغم ذلك هناك ما لا يقل عن30% منهم تنقطع صلته بالجامعات المصرية.

وإلى نص الحوار:

** فى البداية.. كأفضل عالم فى إفريقيا كيف ترى البحث العلمى فى مصر؟
نحن لدينا القدرات فى البحث العلمى ولدينا أيضًا الأبحاث، ولكن ما ينقصنا يحتاج إلى التوجيه وهو الرؤية المستقبلية بحيث ننفذ الأبحاث ونرى مدى إضافته للاقتصاد، فى هذه الحالة يصبح البحث العلمى قيمة مضافة ويمكن تقييمه بالمدخلات والمخرجات، فإذا كانت المدخلات أكثر من المخرجات فيكون هذا البحث مكلفًا وليس له قيمة، أما إذا كانت مخرجاته أكثر فقد أصبح قيمة مضافة، وإذا كانت المدخلات والمخرجات متساويتين فهو بحث جيد لأنه على الأقل يصنع خبرات وبشرًا قادرين على الإنتاج، والبحث العلمى أصبح فى العالم الغربى له قيمة مضافة للاقتصاد، إنما فى مصر دائمًا ما نبرر احتياجنا للمال، وبدلًا من تكرار هذه الاسطوانة التى لا عائد منها، يمكننا أن نقول أن لدينا إمكانيات بسيطة تحل مشاكل بسيطة.

** وكيف نعيد للبحث العلمى دوره المفقود؟
عملية بناء البلاد لا يمكن أن تقوم فى يوم وليلة، فما سقط فى أعوام لا يعود إلا بضعف هذه الأعوام، ولكن يمكن اختصار الفترة بالجهد الذى يبذل، فإذا أردنا أن يكون للبحث العلمى دور فلابد أن نبدأ بمشاكل بسيطة يمكن حلها، ومع اكتساب الخبرات نعلو ونصعد بالتدريج فى حل مشاكل المجتمع، وما يقال فى بعض الجرائد المصرية بأنه يمكن لمصر الازدهار بسرعة فهذا غير صحيح وسيصطدم من يؤمن بذلك بسور الواقع المرير، لأن بناء مصر لن يحدث إلا على أسس منهجية علمية تدريجية قائمة على ما هو متاح.

**هل يمكن أن نعيد النظر فى نظام التعليم سواء فى المدارس أو الجامعات أو المراكز البحثية ؟
بالطبع .. يجب أن نبتعد عن التعليم التقليدى الذى يهدف إلى "الفنتزية"، فالخريج الآن لا يجد سوق عمل لأنه مرتبط بدراسة تقليدية، ويجب أن نتحرر ونضع البرامج التعليمية التى يحتاج إليها سوق العمل وهى التخصصات الفنية.

** بالرغم من أن الطفل المصرى يعد أذكى طفل فى العالم إلا أن الطفل الهندى أصبح مبرمجًا فى عمر صغير؟
هذا بسبب الظلم االذى يقع على عاتق الطفل المصرى وهو على درجة عالية من الذكاء، ولكن دولة كالهند تخرج من أطفالها مبرمجين لا تتجاوز أعمارهم عن 15 سنة، وذلك ليس لذكاء الطفل الهندى بقدر ما هو ذكاء النظام التعليمى الذى لا يهدر تركيز الطالب فى دراسات ليس لها علاقة بالكمبيوتر كالتاريخ والكيمياء، ولكن فى مصر نهدر من عمر الطالب 18 عامًا فى دراسة لن تساعده فى مواجهة السوق، مما يجعل الهندى يتفوق على المصرى ب 4 أضعاف.

** الاختراعات العلمية والأبحاث حبيسة الأدراج لماذا لا تخرج إلى النور؟
لا يوجد ما يمنع لخروجها أيا كان الموجود ولكن يجب أن نضع إطارًا عامًا لأفكار عديدة ومتعددة.

** من آن لآخر توجه الانتقادات للحكومة بعدم توفير ميزانية للبحث العلمى هل تعتقد أن الميزانية فى حاجة إلى زيادة أم إنها فى حاجة إلى ترشيد؟
لا الكلام عن الترشيد فى الميزانيات قد يكون هو الأمثل فى ميزانية المبعوثين، وذلك عن طريق الاستفادة القصوى بعمل الاتفاقيات مع الدول، ولكن عندما نتحدث عن البحث العلمى هنا الكلام يختلف، لأنه مطالب بالفعل أن تزداد فإذا قارنا بين ميزانية البحث العلمى فى مصر والتى تبلغ 0.2% من الناتج القومي، وبين ميزانيات بعض الدول المتقدمة التى تصل إلى 4%، يلاحظ فجوة شاسعة، ولذلك مطلوب مضاعفتها بالتدريج بشرط أن تفعل بصورة مثالية ينتج عنه ناتج، لأنه بغير ذلك قد نضاعف الميزانية حتى نصل بها إلى أكثر من الدول المتقدمة ولكن دون جدوى.

** رغم أن مصر من أقدم دول العالم فى إيفاد البعثات إلا أنها تعانى من مشكلات كبيرة فى نظام البعثات؟
كل المشاكل يتم حلها أول بأول، لأنها عادة ما تكون مشاكل خاصة بظروف أو مراحل معينة تمر بها الدولة، كمشاكل التمويل أو مشاكل قصور التعليم الذى يؤدى إلى تعثر الطالب فى دراسته بالخارج نظرًا لأنه لا يستطيع مواكبة العلوم الخارجية بسهولة.

** قدمت أكاديمية البحث العلمى تقريرًا يؤكد أن 70% من المبعوثين لا يعودون إلى مصر أولا لماذا لا يعودون؟
هذا هو الخطر الحقيقي… وعادة ما يكون بسبب المقابل المادى المغرى الذى يعرض عليه هناك، أو بسبب الإمكانيات التكنولوجية المتاحة له، فالمعمل الذى عمل عليه فى الخارج لا يوجد داخل مصر، وبالتالى يفضل الاستقرار لأنه لن يستطيع تطبيق ما تعلمه أثناء البعثة إذا عاد إلى أرض الوطن، وبهذه الطريقة تفقد مصر سنويًا جزءًا كبيرًا من الثورة الفكرية والطاقة البشرية التى تعد أهم عنصر فى تقدم الدول، ولكن أن نقول 70% لا يعودون فهذه مبالغة كبيرة جدًا، ولكن الحقيقة أن عدد الممتنعين عن العودة يقدر ب 30% فقط.

** لماذا لا يكون هناك قانون يلزمهم بالعودة إلى مصر؟
القانون بالفعل موجود ويطبق، وهذا القانون ينص على أن المبعوث له كفيل يمضى على إقرار قبل سفر المبعوث إلى الخارج، وإذا لم يعد يدفع أموال البعثة، وهناك بالفعل آلاف القضايا المرفوعة أمام القضاء ولكن لا يفصل فيها، خاصة وأن هناك كثيرًا جدًا من الحالات لا يمتلك فيها الكفيل المبالغ المطلوبة منه للسداد، وفى النهاية هذا طريق غير مرغوب فيه لأنه لا يؤدى إلى نتيجة سوى كثرة عدد القضايا المرفوعة من الدولة على المبعوثين أو على الكفيل لكل مبعوث، ولكن الأفضل أن نجد نحن الأسلوب لربط المبعوثين بالوطن، هذا بالإضافة إلى إننا لابد أن ننهض بالجامعات والمستوى العلمى بالجامعة بحيث تمثل عنصر جذب للمبعوث.

** كيف يمكننا أن نربط المبعوثين بالعودة مرة ثانية إلى أرض الوطن؟
هذا من خلال مبادرة نعكف عليها الآن بالفعل، وهى تضمن أن نسبة كبيرة من المبعوثين سوف تعود إلى أرض الوطن بعد فترة بسيطة، وهو عن طريق أنه لن يكون هناك بعثة خارجية وبعثة داخلية وإشراف مشترك، ولكن سيكون هناك مبعوث نختار له مشروعًا بحثيًا معين ويسافر إلى أرقى المعامل ليقضى سنتين لعمل التجارب العملية، ثم يعود للعمل سنتين فى مصر، وفى أثنائها ينشئ صورة طبق الأصل من المعمل الذى تعلم عليه فى الخارج هنا فى الجامعة، هذا مع الاعتبار أننا سنموله بشراء الأجهزة التى عمل عليها بالخارج، بالإضافة إلى أننا لن نقطع عنه الراتب الذى يتقاضاه كمبعوث.

** وبهذا نلزمه بالعودة مرة أخرى إلى مصر؟
بالضبط لأنه لن يقضى فترة طويلة بالخارج، وفى نفس الوقت نوطد التكنولوجيا فى الجامعات المصرية، هذا الأمر نشكل له لجانًا الآن وهى تعكف على وضع آلية التنفيذ، فهى إلى الآن مجرد فكرة، ولكن بهذا الأسلوب استطاعت الصين واليابان النهوض بشأنهما.

** فى الوقت الذى تفقد فيه مصر سنويًا جزءًا كبيرًا من ثروتها الفكرية تستقبل دول المهجر كل هذا الكم من الطاقة البشرية؟
هذا لأن العالم كله الآن يسعى إلى العقول، فالدول المتقدمة أدركت مبكرًا الملامح التى تحددت لهذا القرن مع حدوث الثورة العلمية، فامتلاك العقول هو الذى يصنع الحضارات، وببساطة نقدر نقول إن كم الاختراعات الموجودة أكبر بكثير من كم البحر، ولذلك فإن مشكلة الدول ليس فى الاختراعات ولكن فى من ينفذ هذه الاختراعات، وفى ظل هذا المناخ العالمى أصبح العالم المصرى مطلوب فى دول المهجر مثل اليابان وأمريكا ودول أوروبا، أى أن هجرة العقول أصبحت مشكلة عالمية ولكن مصر تعانى منها بشدة.

** إذا عدنا لمشاكل المبعوثين نجد الكثير منهم يعانون من قصر مدة البعثة وطالبوا بسنة خامسة مثل كل دول العالم؟
هذا صحيح .. فكثير من المبعوثين كانت شكواهم عدم كفاية المدة التعليمية، حتى أن الكثير منهم خالف المدة الزمنية بدعوى أنها لا تكفي، وأن الحصول على الدرجة العلمية يتطلب وقتًا إضافيًا، ولكن هذه المشكلة ناتجة من عملية إجرائية يتعثر فيها الطالب مثل مستوى اللغة.

** ولماذا لا يمكن تطويل المدة ليستطيع أن يتعلم اللغة أولًا؟
ولماذا.. ففى البعثات بنظام الإشراف المشترك لابد أن يحصل الطالب على مستوى لغة على الأقل 500، وفى نظام البعثات الخارجية يحصل على 550، وإذا قارنا هذا بالمستوى المعمول به عالميًا نجد أن هذا معدل بسيط وعادى لأنه يؤهل الطالب إلى السفر إلى دولة أجنبية، خاصة وأن اللغة الإنجليزية لغة عالمية، ولابد على المبعوث أن يتعامل مع لغة غير اللغة العربية، ولكن ما يحدث أن الطالب يتعثر فى أن يحصل على هذه الدرجة فى اللغة، والنتيجة الطبيعية أن إجراءاته تتوقف.

** اللغة ليست المشكلة الوحيدة التى تواجه المبعوثين هناك المادة العلمية أيضًا؟
عندما كنت مستشارًا ثقافيًا لمصر فى ألمانيا منذ عام 2006 وحتى 2009، وكان فى ذلك الوقت تتبعنى الدول الإسكندنافية بالإضافة إلى دولتى هولندا وبولندا، فقد رأيت الحقيقة التى لا جدال فيها وهى أن المستوى العلمى فى الدول المتقدمة مرتفع وفى المقابل حدث نوع من الهبوط النسبى فى مستوى التعليم فى مصر، وبالرغم من ذلك أرى أن الطالب مطلوب منه وهو حاصل على بعثة خارجية أن يستعد قبل سفره للوصول إلى هذا المستوى حتى لا يهدر الوقت.

** وإذا كان التعثر بسبب المستوى التعليمى الهابط فى البلد، فلماذا تلجأون للقضاء لاسترداد الأموال التى أنفقت عليهم بدعوى تجاوزهم فترة ال 4 سنوات؟
هذا غير صحيح .. لأن أى دارس يمكنه أن يستقر فى الخارج لفترة ولكن بشرط موافقة جهة العمل، ونحن لا نرفع القضايا على أى مبعوث إلا فى حالة وجوده بالخارج بهذه الصورة غير الشرعية، خاصة أن الكثير منهم يفضلون الاستقرار فى الخارج بعد الحصول على الدرجة العلمية على الرغم من حاجة جهة العمل له, وبالتالى لا نعطيه الموافقة، وقد يكون له زميل مبعوث أيضًا فى نفس البلد ونفس التخصص وتتم الموافقة له لأن جهة العمل الخاصة به ليست فى حاجة إليه وبالتالى نوافق على وجوده بالخارج، وفى كل الأحوال هذه القضايا تدور حول استرداد الأموال التى أنفقت على البعثة فقط.

** كم عدد المبعوثين فى الخارج؟
لا يوجد عدد ثابت.. فالرقم دائمًا متحرك على حسب الحاجة سنويًا، لكن يمكننا أن نقول إنه فى المتوسط يسافر سنويًا ما بين 600 و 700 مبعوث، وهذا مع الاعتبار أن هناك فى مصر 20 جامعة مصرية، وكل جامعة مصرية بها 20 كلية، أى أننا نتحدث عن كيان أكثر من 400 مؤسسة علمية، أى أن الكليات لا تقدم سوى 1.5 مبعوث سنويا فى المتوسط، هذا بجانب المراكز البحثية مثل المركز القومى للبحوث، وكل المعاهد العلمية التابعة لوزارة البحث العلمي.

** هل هناك قاعدة بيانات تربط بين إدارة البعثات والمبعوثين بالخارج؟
طبعًا.. عن طريق المكاتب الثقافية، فالإدارة العامة للبعثات بها إشراف مادي، المقصود منه مراقبة الحوالات للمبعوث، وبها إشراف علمى وهو مقسم إلى بلاد، وهناك عملية تنسيق بين الإدارة العامة للبعثات وبين هذه المكاتب للأشراف على عدد من المبعوثين إلى الدول التابعة لهذه المكاتب.

** يضطر الكثير من المبعوثين للعمل أثناء الدراسة للإنفاق على مصاريفهم العملية لعدم كفاية الحوالات مما يؤدى إلى إهدار الوقت وإهمال المستوى الدراسي؟
مقاطعًا.. كيف تقولين هذا والإدارة تنفق على المبعوث من 600 ألف إلى مليون جنيه فى الأربع سنوات، أى حوالى من 100 ألف إلى 167 ألف دولار، فالمبعوث المصرى يحصل على 1500 دولار شهريًا، أى حوالى 72 ألف دولار طوال الأربع سنوات والباقى يشمل التذكرة والتأمين الصحي، وهذا يؤكد أن مصر تدفع للمبعوث المصرى أكثر من أى دولة أجنبية أو عربية، فهناك ما يقرب من 600 مبعوث سنويًا ننفق عليهم ما يقرب من 70 مليونًا و60 ألف دولار سنويًا، إنما هذا قد يحدث مع الحاصلين على منحة شخصية، وقد يكون هذا طبقًا للمنحة التى يأخذها.

** هل توجد آلية محددة لاختيار المبعوث؟
كان المعمول به فى السابق لاختيار أفراد البعثات هو أن يكون السفر للأقدم وليس للأفضل، ولكننا نحاول الآن أن نطور فى نوعية اختيار المبعوث، ويكفى أن أذكر أن الاختيار يجرى الآن بصورة تنافسية 100%، بمعنى أن يعلن عن البعثة فى الجرائد الرسمية، ويتقدم لها من ينطبق عليه الشروط.

** وما المراحل التى يخضع لها المتقدم؟
يجب أولاً أن يحضر جواب قبول من الأستاذ، ثم يأتى بمشروع بحثى جيد تفحصه لجنة علمية بصورة نظرية، ومن يحصل على أكثر من 80% يدخل على الاختبار الشفوي، وفى هذا الوقت سوف يخضع للجنة متخصصة، وبجمع الدرجتين يسافر الأفضل، وهذا هو المتبع فى كل الدول المتقدمة مثل ألمانيا واليابان.

** وكيف يتم اختيار البعثات؟
هناك أكثر من طريقة لاختيار البعثات، أولاها البعثات التى نعلن عنها طبقًا لاحتياجات الجامعة، فنجد أن هناك جامعات بها نقص فى التخصص البيطري، وجامعات أخرى لديها نقص فى تخصص الأنفورماتيك، أما النوع الثانى للبعثات تكون للتخصصات النادرة فقط، كتخصصات النانوتكنولوجى والهندسة الوراثية، وهذا لعمل تمدد أفقى للعلم وليس تمدد رأسي، أما النوع الثالث فهى البعثات التنافسية التى تحدثنا عنها من قبل، بالإضافة إلى أن هناك البعثات الخاصة بالقنوات العلمية، وفيها يسجل الطالب الدرجة داخل الوطن ثم يسافر فى الإجراء العملى للخارج، وبدأنا بهذا مع اليابان عن طريق الجامعة المصرية اليابانية فى برج العرب، بحيث يقضى الطالب عام بحثى فى الجامعة ثم يسافر إلى اليابان لمدة عام آخر، وهذه اتفاقية ثنائية خاصة فقط بالجامعة المصرية اليابانية.

** وكيف يتم توجيه هذه البعثات؟
عادة ما نترك المكان الذى تتوجه فيه البعثة إلى رغبة الدارس والجامعة التابع لها، ولكن هناك شرط أساسى يجب أن يعلمه الطالب وهو أن من أهم الأشياء التى تضمن له السفر هو مستوى الجامعة التى يختارها، لأن الجامعات الخارجية تصنف إلى جامعات عالمية ومتوسطة وضعيفة، وكلما كانت الجامعة قوية والمشروع البحثى متقدمًا وتستفاد منه التنمية فى الدولة كلما كانت فرصته فى السفر جيدة، وهذا ما يحدث فى الاختبارات الشفوية.

** ما القوانين التى تطالبوا بها لتحسين قانون البعثات؟
القوانين الحالية هى قوانين قديمة وهى منظمة للعلاقات، ولكنى أعتقد أن الموضوع ليس فى حاجة إلى قوانين، لأنه بسيط وليس تكراري، فإذا كانت هناك مشكلة فى دولة ما، فليس من الضرورى أن تكون نفس المشكلة موجودة فى دولة أخرى، وهذه النوعية من المشاكل يمكن حلها من خلال المستشار الثقافى أو الإدارة العامة للبعثات.

** هل تعتقد أن الأزمات الاقتصادية التى مرت بها البلد هى السبب فى قلة عدد المبعوثين؟
هذا غير دقيق .. لا يمكن أن نقول إن هبوط الاقتصاد معناه هبوط عدد المبعوثين، خاصة أنه منذ بداية الثورة الصناعية1945 بدأت الدول تكتشف أن مواطن القوى لم تعد فى القوة العسكرية ولكن تقاس بمدى القوة العلمية، لأنها اكتشفت أن من يملك العلم يملك الاختراع وبالتالى يملك التكنولوجيا التى تقوم عليها الصناعة، وإذا امتلكت دولة الصناعة فهى تمتلك السوق، وهذا ما يجعلها تصبح قوة اقتصادية عملاقة، وهذا كله مرهون بالقوة العلمية المتمثلة فى عدد المبعوثين.

** هل تعنى أن ضعف مصر الحالى هو بسبب ضعفها فى المعمل؟
بالطبع .. والدليل على ذلك أنه فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات كانت العمالة فى الدول العربية مصرية بنسبة 100%، لأن مصر فى ذلك الوقت كانت تمثل قمة الخبرة، ولكن عندما انخفض مستوى التعليم فى مصر مع ظهور خبرات جديدة أفضل فى دول أسيوية مثل بنجلاديش وباكستان، كانت النتيجة الطبيعية تخلى الدول العربية عن العمالة المصرية واستبدالها بأخرى أجنبية.

** هل ترى أن مصر فقدت مكانتها الإقليمية لتدهور التعليم؟
الوضع اللائق للدولة لا يكون إلا باحتياج الآخرين لك، فمثلاً دولة إثيوبيا التى كنا نمدها بالأطباء وكان بينها وبين مصر مشروعات ومصالح مشتركة، هل كانت تتحدث فى ذلك الوقت أى دولة من دول حوض النيل عن المياه، ولكن عندما تخلت مصر عن تقديم الخبرة لانخفاض التعليم فأصبح وضع مصر الإقليمى يقل ولم يملئ هذا الفراغ سوى إسرائيل التى وجدت ضآلتها فى دول الحوض وإثيوبيا لارتباطها بيهود الفلاشا، وبالتالى وضع مصر الإقليمى والعالمى مرهون بالعلم.

** إذا كان الفقر لا يمثل السبب فى إهمال البعثات، فهل تعتقد أن هذا بسبب إستراتيجية الدولة ؟
مقاطعًا.. بقدر ما تتبنى الدولة إستراتيجية خاصة بالعلم بقدر ما تنجح فى جميع المجالات، فيجب أن تدرس كل احتياجات الدولة من خلال تخطيط منهجى طويل المدى لمدة 100 سنة، على أن يحترم هذا التخطيط كل من يتبدل فى الوزارات، بحيث عندما تنتهى المائة عام نكون قد أنجزنا ولو 70% من هذا التخطيط، ولكن الأهم أنه فى ذلك الوقت ستكون مصر وضعت قدمها على الطريق الصحيح.

** وكيف نضع خطة زمنية طويلة بالنسبة للتعليم؟
هى عبارة عن عملية حسابية نحسب فيها عدد الزيادة الطلابية وبالتالى نحتاج إلى كم مدرسة وكيفية التعليم والمقررات التى نحتاج لها، ولكن علينا أن نترك الاهتمام الزائد بعدد سنوات المرحلة الثانوية العامة، أو تغيير المرحلة الابتدائية من خمس إلى ست سنوات، فكل هذه أمور لا تفهم ووقتية، ولكن يجب أن يكون هدفنا الدولة بحيث نفكر فى المشاكل الموجودة ونحددها ونحاصرها ونقوم بحلها، لأنه بدون هذا نكون كمن يعيش اليوم بيومه، مما يؤدى إلى غياب الحقائق وهى متراكمة إلى أن تظهر بشكل فجائى وصعب، لذلك بعد أن يصبح للبلد رئيس أطالبه بأن يضع الآن وفورا هذه المنهجية.

** فى رأيك ما المشروع النهضوى الذى يمكن أن يفعل على أرض الواقع فى هذه المرحلة من تاريخ مصر؟
يوجد فى مصر ثروات طبيعية غير مستغلة خاصة كمية الشمس التى يمكن تحويلها إلى طاقة شمسية متجددة، بالإضافة إلى مساحة المياه التى يمكن أن تقام عليها صناعات السفن لرواج الثروة السمكية، أيضًا بحر من الرمال الغنية بالسيليكا فى سيناء صالحة لصناعة الكريستال، ويمكن أن يكون مشروع النهضة هو كيفية توظيف هذه الثروات الطبيعية بحيث تصبح قيمة مضافة إلى الاقتصاد المصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.