صديقي حسن عبدالله من صحفيي الأهرام الشرفاء يوصف بأنه اسلامي معتدل جدا يصلح لاعب «سومو» - متقاعداً طبعا – دخل مكتبي بقامته الفارعة طولا وعرضا ووزنا وهو يلهث ويتصبب عرقا من شدة الانفعال والكلمات تتدافع من فمه المهذب – عادة – ولسانه الذي لا ينطق العيب – إطلاقا – وفاجأني: «شفت ال(.....) ابن ال(.....) بعدما (تييييت) الشعب المصري كله عايز كمان ي(تيت.. تيت.. تيت)... أنا والله لولا ال.....». أشرت إلى صديقي وزميلي ما معناه انني أتحدث في الهاتف مكالمة دولية، وواصلت محاولة الاستماع ل«خالتي» التي كانت تبكي بحرقة شديدة لدرجة انني لم أفهم من كلامها سوى.. «يا حرام- الريس – قطع قلبي» أعقبها (شحتفه متقطعة) غلبان طب عايش إزاي بعد العز والنغنغة (شهقة.. طويلة) والنبي باين عليه (...) لم افهم الباقي، وسمعت (نهنهة) وشهقات متكررة ثم موجة بكاء هيستيرية وانقطع الخط، ربما «أغمي عليها» من الحزن، حاولت إعادة الاتصال للاطمئنان على صحة خالتي.. فلم ترد. التفت للأستاذ حسن كان قد خرج متمتما.. غاضبا.. منفعلا.. مترجرجا بقامته المديدة ولم أفهم سوى عبارة: «والله د.حسن نافعة الراجل المحترم قاللي كده بعضمة لسانه» واعقب عبارته بهمهمات من الاستغفار والحوقلة والبسملة وهو يبتعد. حاولت ان أتناسى «شحتفة» خالتي، ودمدمة الحاج حسن عبدالله، وأعود للتركيز في محاولة لفهم خطاب الرئيس «المتخلي» حسني مبارك، واثناء محاولة «اعتصار» الذهن لفهم الابعاد العميقة للكلمة وقبل ان اصل الى كبد الحقيقة، دلف الى مكتبي زميل من قسم التصحيح اللغوي بالجريدة – قضى عدة اعوام في الخليج – وجلس – حتى قبل ان ادعوه – وبدا مهموماً وهو يسأل: «أستاذ اعلم انك بدأت حياتك محررا للشؤون الاقتصادية، قبل ان يفتح الله عليك وتصبح مديرا للتحرير، ممكن تنصحني لو عاوز اشتري شقة صغيرة للمصيف والاستثمار، هل اشتريها في لبنان أم سورية.. ولا بينصحوني بتركيا أهي مستقرة؟ ويمكن تدخل الاتحاد الاوروبي، وساعتها يبقى عندي شقة في اوروبا» ايه رأيك؟ اعتذرت للرجل بلباقة بدعوى ان «بقالي كتير سايب الاقتصاد.. وعمري ما كنت وسيط عقاري». وعدت للتفكير في الكلمات المؤثرة للرئيس السابق، ليقاطعني اتصال هاتفي من صديقي جراح التجميل السكندري الشهير يشكو ان البنك الذي يتعامل معه رفض ان يحول جزءاً من مدخراته باليورو الى بنك أسباني بدعوى ان الظروف الحالية تستدعي الانتظار عدة ايام ليتم التحويل، وقبل ان أسأله شرح «انت عارف.. مستقبل الجنيه مش مضمون، ووجود مدخراتي باليورو في اسبانيا جنب الشقة «المحندقة» اللي اشترتها السنة اللي فاتت اضمن وأأمن». أنهيت المكالمة وأوقفت التفكير في القضية المهمة التي شغلت تفكيري، وانا اتمتم يا عم «.. اذا كان اللي بيتكلم مجنون، لازم اللي بيستمع يبقى عاقل». سرحت مفكرا.. هل العائدون من الخليج، وأستاذ الجراحة، وغيرهم الكثيرون اموالهم باليورو والدولار، وشققهم وشاليهاتهم في سورية ولبنان وتركيا واسبانيا.. ومبارك واسرته بعد 30 عاما من الحكم المطلق، لا يملكون سنتا ولا شاليها، حتى على سبيل الاستثمار في الخارج؟! وما تحاولوش تدورا في القواميس على معنى عنوان المقال ف«الهرتلة» باللهجة المصرية الحديثة هي الكلام بدون منطق ولا معنى ولا فهم، واقرب معنى في قاموس «الوسيط»: «هرت» الرجل أي اتسع شدقه، وهرت الشيء أي شقه ليوسعه.. وصاحبنا وسعها أوي أوي. حسام فتحي [email protected] twitter@hossamfathy66 نوح راح لحاله والطوفان استمر مركبنا تايهه لسه مش لاقيه بر آه م الطوفان وآهين يا بر الأمان ازاي تبان والدنيا غرقانه شر عجبي!! صلاح جاهين - رباعيات