منذ أيام قليلة نشأت مشكلة طائفية بسيطة في إحدي قري المنيا – قد تسمح الظروف بحكايتها في مقال آخر إن شاء الله – وقد سارع كبار البلدة من مسلمين ونصاري لاحتوائها حيث عقدوا جلسات حوار انتهت لاتفاق من بنود عشرة توافقوا عليها لمحاصرة هذه المشكلة وضمان عدم تكرارها ووقع علي وثيقة بهذه البنود كلا الطرفين – عشرة من أعيان كليهما – برعاية عمدة البلدة وبعض كبار المسئولين وانصرفوا في ظاهرهم متراضين ليفاجأ الجميع في اليوم التالي وقبل أن ينفذ أي بند من تلك البنود بأحد أولئك الموقعين من النصاري ضيفا علي إحدي القنوات الساويرسية يتحدث عن السلفيين الذين أحدثوا الوقيعة بين أهل البلدة ويصف أولئك السلفيين بأحط الألفاظ التي يعاقب عليها قانون العقوبات ثم وفي نفس اليوم تستضيف قناة من القنوات المسيحية مطران الابرشية التي تتبعها تلك القرية ليتحدث عن انتصارهم علي السلفيين الظلاميين مطعما كلامه بسيل من الشتائم والاتهامات .. والعجيب أن بلدهم ليس فيها سلفي واحد بل إن القري المحيطة بها أيضا لا تكاد تجد فيها سلفيا واحدا . تتبعت بعد هذه الواقعة ما نسب إلي السلفيين من وقائع كانت مرتكزا لتلك الحملة السخيفة عليهم بل وعلي الإسلام والإسلاميين جميعا لأكتشف أن الضريح الذي اتهموا بحرقه في المنوفية - كان وزير الأوقاف السابق قد أمر بإزالته منذ ستة أشهر لإعطاء الأرض إلي أحد رجال الأعمال – بالمناسبة لم يعترض أحد ساعتها علي هدمه – وقد أصدر إتحاد الطرق الصوفية المعني بشئون الأضرحة بيانا أنه لم يتم إحراق أي ضريح وكذب دعاوي المدعين في هذا الأمر أما عن حد قطع الأذن الذي كان عمدة الحديث لمهاجمي السلفية والسلفيين فقد صرح رئيس لجنة المصالحة في هذه المشكلة بقنا أنه لم يكن ثمة سلفيين في هذه الواقعة وأنها كانت مشكلة بين المجني عليه وجيرانه إذ ظنوا أنه علي علاقة جنسية بإحدي الساكنات في عمارته وأن قطع أذنه كان في مشاجرة جرت بينه وبينهم وقد أسفرت جهود المصالحة عن تنازل المدعي عليه عن القضية راضيا متراضيا .وليس هبلا كما تطاول عليه أحد رجال الأعمال الأقباط الذي ضايقه أن يتراضي الناس ويتسامحون في حق بعضهم البعض . عجيب أمر هذه الحملة التي تقوم علي مثل هذه الوقائع التافهة المدعاة أو المشوهة لتتخذ ذريعة لهجوم إقصائي غير موضوعي علي الإسلام بحجة الهجوم علي السلفيين .. هل تستطيع أن تبرئ فلول الحزب الوطني وأمن الدولة من إدارة تلك الحملة يمكنك أن تدرك ذلك من متابعة أولئك الذين يديرون تلك الحملة فقد بدأ الحملة الدكتور يحيي الجمل بهجوم شديد شرس غير مبرر عليهم وبألفاظ غير لائقة قد يعاقب عليها القانون بتهمة القذف والتشهير حتي قبل أن تظهر تلك الوقائع التي برروا هجمتهم بها ومن ثم بدأ العازفون يطبلون علي إيقاع الدكتور المذكور فكان أولهم الإعلاميون العلمانيون الذين تسلطوا علي الإعلام المصري وتمرسوا في خدمة النظام السابق واستخدموا كجوقة تطبل لهم وتزمر سواء منهم من كان يمثل دور المعارضة استكمالا للديكور أو من كان صريحا في تأييده والذين اتفقت كلمتهم علي استخدام الإسلام والإسلاميين كفزاعة للمجتمع وللحكام واستخدموا في ذلك أحط الأساليب غير المشروعة في خصومتهم خاصة وأن النظام السابق أغدق عليهم من مال الشعب ماأغناهم فارتبطت مصالحهم به فجمعوا إلي جانب عدائهم للدين مصالح مالية لم يدركوا بعد أن أيامها قد ولت ثانيها أولئك الطائفيون من المتطرفين أو من أولئك المتخمين من المال الطائفي الذين لايشغلهم كثيرا حاجة الوطن في مثل هذه الظروف للتكاتف والتعايش وتضافر الأيدي لإنقاذ الوطن من أزمته دون إقصاء أو تهميش وإنما بالإفساح للجميع ليكون لكل دوره ومكانه مع تجاهل المصالح الشخصية والفئوية الضيقة والذين اعتاد النظام السابق أن يستخدمهم مستجيبا لمطالبهم فنشأت بينهما علاقة تبادلية جعلت زعيمهم ينهي شبابهم عن المشاركة في الثورة حفظا لتلك العلاقة وحرصا عليها ويسعي في إثارة القلاقل للثورة في أيامها الأولي سعيا لإجهاضها أو علي الأقل إرهاقها مثل هذه الظروف أطرافا في الحملة حتي أن المفتي في مشهد درامي مؤثر يبكي علي منبر الأزهر محذرا من أولئك المجرمين الذين يريدون هدم قبر الرسول صلي الله عليه وسلم – تصور – ويطوفون في المجامع يهاجمونهم بشراسة كما لم يهاجموا كفار مكة في خطبهم في وقت ينتظر الجميع من الأزهر ورجاله موقفا غير ذلك يناسب الواقع الجديد الذي يفتح فيه المجتمع ذراعيه للجميع دون استبعاد أو إقصاء تلك السياسة القميئة التي ذهبت مع النظام السابق ورغم أن لكل منهم أجندته الخاصة إلا أنهم توافقوا علي هذه الحملة مستدعين أسلوبا المفروض أن يكون قد زال بقيام الثورة بما تحمله حريات وحقوق افتقدناها سنينا طوال .. وبما تحمله من دعوة لكل ابناء الوطن للمشاركة في رفعته دون اقصاء أو تخوين أو تكفير أنا مؤمن أن هذه الحملة لن تفزع الناس من السلفيين أو تصرفهم عنهم فإن الشعب المصري شعب واع يدرك ماوراء الأشياء وقد تمرس طوال السنوات الطوال السابقة علي مثل هذه الحملات وأدرك بخبرته مراميها وأحسب أن هذه الحملة ستزيد من اجتماع الناس حولهم واقبالهم عليهم وستكون بمثابة دعاية مجانية للدعوة السلفية بل وللإسلاميين عامة .. فالحملة لاتحمل مضمونا ذا قيمة ولامبررا منطقيا مقبولا وهي تقوم علي أكاذيب ومبالغات مفضوحة وهي كلها أسباب لن تنتج إلا المزيد من الرواج والإقبال