تعد مؤسسة فورد الأمريكية من أنشط المؤسسات التمويلية الدولية التي تدعم الباحثين، الكتاب، الصحفيين، الإعلاميين، موجهي الرأي، وسائل الإعلام، والمراكز البحثية والفكرية في العالم العربي وبصفة خاصة مصر، ولا تعتبر مؤسسة فورد مجرد مؤسسة "خيرية" بل يتداخل نشاطها بشكل مباشر مع نشاط المخابرات الأمريكية. وارتباط مؤسسة فورد بالمخابرات الأمريكية لم يكن فقط على مستوى الأهداف بل أيضاً على مستوى الإدارة المباشرة ففي 14 أبريل 2007 نشرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على موقعها الإلكتروني وثيقة تاريخية استعرضت من خلالها كتاب (الحرب الباردة الثقافية: المخابرات المركزية الأمريكية وعالم الفنون والآداب) الصادر في نيويورك عام 2000، ذلك الكتاب الذي وثق العلاقة بين المخابرات الأمريكية ومؤسسة فورد وبعض المؤسسات الأخرى، ووضح بالشواهد العملية والمقابلات الشخصية مع ضباط المخابرات كيف تتخذ المخابرات الأمريكية مؤسسات التمويل كغطاء لأنشطتها السرية، وقد أشادت وثيقة المخابرات الأمريكي بهذا الكتاب التوثيقي الهام. وفي دراسة بعنوان "مؤسسة فورد ووكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية" للأكاديمي الأمريكي "James Petras" استاذ الاجتماع بجامعة "Binghampton" بنيويورك جاء في هذه الدراسة الهامة:" وكالة الاستخبارات المركزية تستخدم مؤسسات المجتمع باعتبارها قناة فعالة أكثر لتوجيه مبالغ كبيرة من المال لمشروعات وكالة الاستخبارات الأمريكية، وقد سمحت وكالة المخابرات الأمريكية لتلك المؤسسات أن تقوم بتمويل مجموعات من الشباب، والنقابات العمالية والجامعات ودور النشر وغيرها من المؤسسات الخاصة ووسائل الإعلام بما يخدم برامج العمل السري لوكالة المخابرات الأمريكية، وتعد مؤسسة فورد واحدة من أهم وأكثر المؤسسات التي لعبت دوراً كبيراً في التعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية". وقد أشار الأكاديمي الأمريكي إلى أحد الباحثين الذي أثبت وثائقياً أن " مؤسسة فورد هي مجرد امتداد للحكومة الأمريكية في مجال الدعاية الثقافية الدولية، وأنها مؤسسة لديها سجل للمشاركة الوثيقة في العمليات الاستخباراتية السرية، وأنها تعمل بشكل وثيق مع مسئولين في الاستخبارات الأمريكية بشأن مشاريع محددة". ويضيف "James Petras"" ومن خلال التعاون الوثيق المستمر بين المخابرات الأمريكية ومؤسسة فورد، يتم تأمين العديد من فرص العمل لعملاء المخابرات المركزية داخل مؤسسة فورد، فمن القواعد الهيكلية الأصلية أن هناك علاقة وثيقة وتبادل للموظفين على أعلى المستويات بين وكالة المخابرات الأمريكية ومؤسسة فورد، وكان من ثمرة هذا التعاون الهيكلي هو نجاح عملاء المخابرات الأمريكية في الوصول لوسائل الإعلام، وموجهات الفكر تحت الغطاء القانوني لمؤسسة فورد". ويؤكد الأكاديمي الأمريكي على أن " تاريخ تعاون وتشابك مؤسسة فورد مع وكالة المخابرات الأمريكية في السعي لتحقيق هيمنة الولاياتالمتحدةالأمريكية على العالم هو الآن حقيقة موثقة بشكل جيد". وفي تعليقه أيضاً على العلاقة بين مؤسسة فورد والمخابرات الأمريكية في المرحلة الراهنة يقول "James Petras" " في الفترة الحالية تطرح واشنطن الموضوع بأنه "الإسلام أو المجتمع المدني الليبرالي"، تماماً كما كان الأمر خلال الحرب الباردة، وفي كلتا الحالتين الإمبراطورية الأمريكية تقوم بتجنيد وتمويل منظمات واجهة "إعلامية وفكرية"، مثقفين وصحافيين، للقيام بهذا الدور، وتعد مؤسسة فورد إحدى المؤسسات الهامة التي تتعاون مع الحكومة الأمريكية وتقوم بدورها في تشكيل الغطاء الثقافي في الحرب الباردة الجديدة". في الحقيقة فإن الأمثلة لدي كباحث مهتم بهذا الشأن كثيرة وقد ذهلت وأنا أقرأ أسماء مصرية، باحثين، صحفيين، إعلاميين، كتاب، مثقفين، موجهي رأي، مراكز فكرية وبحثية، وسائل إعلامية جميعهم حصلوا على تمويلات غربية من مؤسسة فورد ومن مؤسسات تمويلية غربية أخرى وسفارات أجنبية، نظير تبني الهجوم على الإسلام والتدين، مستبدلين ذلك بالليبرالية، والدعوة لما يسمى بالمجتمع المدني اللاديني صاحب الموروث الكنسي المعادي لكل ما هو ديني. ويكفي الآن أن نذكر أنه في السنة المالية 2009، قدم مكتب مؤسسة فورد في القاهرة أكثر من 15 مليون دولار في شكل منح مباشرة، هذا فضلاً عن عشرات المؤسسات والسفارات الأخرى تحديداً السفارة الأمريكية والسفارة البريطانية "ملتقى الأحبة" التي قدمت ملايين الدولارات وآلاف الامتيازات والسفريات لبعض الباحثين، الإعلاميين، الصحفيين، والنشطاء المصريين الذين هم مدفوعون الآن بحكم تورطهم التاريخي الممتد مع التمويل الغربي للهجوم على كل ما هو ديني. وأجدني متريثاً قليلاً في نشر الأسماء المتورطة مع التمويل الغربي المشبوه عسى أن يتبرأوا من هذه التمويلات المشبوهة ذات الصلة المباشرة بالاستخبارات الأمريكية. كما أجد أن لهم علي حق شرعي في أن أدعوهم للتوبة وأن يراقبوا ربهم فيما يقولونه ويكتبونه فالآخرة خير وأبقى، يقول ربي العظيم سبحانه وتعالي " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" الأنفال 36..