بات من المؤكد أن يترشح المشير عبد الفتاح السيسي لمنصب الرئاسة، كل الدلائل تشير إلى ذلك بما فيها تصريحاته الأخيرة، إذ لم يستطع كما قال أن يرفض رغبة الشعب في رئاسته. يعني.. السيسي بات "مرشحا"، وهو وضع جديد، له استحقاقاته القانونية والأخلاقية والوطنية، ومن المفترض أن تتوفر العدالة في حصة كل مرشح من الدعاية والدعم، ذلك إذا تحدثنا عن "الدعم الوطني".. غير أن المسألة في الأيام الأخيرة تخطت كل الخطوط الحمراء، وبات مجرد وجود المشير السيسي على رأس قائمة المرشحين، سببا يبيح للمجتمع وللدولة وللمؤسسات أن تقبل ب"الدعم الخارجي" من خلال قوى نفطية ومالية كبيرة، تقف وراء السيسي وتدعمه. أعرف أن دولا خليجية تعتبر مشروع السيسي مكافحة الإخوان هو مشروعها الأكبر حاليا.. وأن انتصاره أو انكساره في مصر، سيكون له تبعاته على الأنظمة الخليجية الداعمة الآن للمشير. هم يبحثون عن مصالحهم.. ولكل دولة حق الدفاع عن مصالحها، لكن تقاطع المصالح بين مشروع السيسي وبعض الدول الخليجية، لا يعني قبول المال السياسي الخليجي لدعم هذا المشروع أو غيره.. ولا اتحدث هنا عما يسببه ذلك من إخلال في مبدأ تكافؤ الفرص بين المنافسين، فهو في واقع الحال قد تم مصادرته، وبات الإعلام الرسمي والخاص في خدمة السيسي وحده، ويستخدم في ذات الوقت في تأديب أي مرشح آخر، يفكر مجرد التفكير منافسة القائد العسكري الأقوى في مصر حاليا.. على النحو الذي يقطع بأن المشير حاليا هو الرئيس القادم، وأن الانتخابات مجرد "منظرة" وتحصيل حاصل، ومن قبيل "الميكب" لتجميل الدولة القمعية التي ورثت الإخوان بعد 30 يوليو 2013 المشكلة لا تتعلق كما قلت بمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، لأن الكلام فيها مضيعة للوقت، في ظل ما نراه الآن من تأميم الإعلام لصالح الدعاية الميري لمرشح المؤسسة العسكرية.. المشكلة تتعلق بالسيادة الوطنية والاستقلال والكرامة الوطنية.. فأنا لا أفهم كيف تقبل الدولة بوقوف دول خليجية مع مرشح معين وتدعمه بمشاريع إعمارية كبيرة وغير مسبوقة. الدعم الإماراتي (5 مليون شقة).. وقرار مجلس التعاون الخليجي بدعم مماثل، يأتي قبل أيام من فتح بات الترشح للانتخابات الرئاسية، وهو اجراء فج وفظ.. مهما اتشح بوشاح مناور ومخادع يستخدم فيه الشعب للمزايدة عليه، بزعم مساعدته .. فهو لا يحتاج إلى تفسير بأنه دعم ل"مرشح معين السيسي".. وليس مساعدة الشعب المصري كما يخادعون. الحنان الإماراتي على المصريين.. غائب من زمان، ولم يكن الإمارات الرسمية ودودة ولا سخية إلا مع خلاياها الزاعقة من الإعلام المصري.. والسيرة الذاتية لعلاقة الإمارات بالإعلاميين المصريين مخزية ومذلة لمصر كلها .. ولم يدرج الشعب المصري "الغلبان" على أجندة "الصدقات" الإماراتية إلا مع ظهور المشير السيسي!! لا مانع من قبول الدعم والمساعدات.. ولكن يفضل أن تعلق إلى ما بعد الانتخابات .. حرصا على كبرياء مصر الوطني.. وعلى مؤسسات الدولة إذا كانت موجودة وفاعلة حقا أن ترفض رسميا مثل هذه "الاعانات" في هذا الوقت بالذات.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.