على الرغم من وجود الرئيس المعزول محمد مرسي داخل محبسه قيد الاحتجاز، إلا أن ذلك لم يبدد المخاوف لدى السلطة الحالية من إمكانية خوضه الانتخابات الرئاسية المحتمل إجراؤها في إبريل المقبل، واستعادة السلطة مجددًا عن طريق صندوق الاقتراع، بعد أن أطاح به الجيش كأول رئيس مدني منتخب في الثالث من يوليو الماضي عقب احتجاجات شعبية. الأمر الذي شكل كابوسًا مزعجًا أعرب كتاب وإعلاميون مقربون من السلطة عن خشيتهم من تحققه، وتعززت تلك المخاوف خصوصًا بعد تصريح المستشار حاتم بجاتو الأمين العام السابق للجنة الانتخابات الرئاسية بأن اللجنة العليا الانتخابات ملزمة بقبول أوراق ترشح الرئيس المعزول حال تقدّمه بها. وأشار إلى أن الفيصل في قبول أو عدم قبول أوراق أيّ مرشح هو صدور حكم نهائي ضده، حيث يشترط القانون ذلك حتى لا يتمّ حرمان أيّ شخص من ممارسة حقوقه السياسية، مضيفًا أن اللجنة لم يكن لديها خيار في قبول أوراق مرسي وقتها وذلك لعدم صدور حكم نهائي ضده. لكن الحكومة سارعت إلى إقرار تعديلات على قانون مباشرة الحقوق السياسية خلال اجتماعه في الأسبوع الماضي بمنع ترشح المحبوسين على ذمة قضايا، حتى يتم البت في القضية، مستهدفة بذلك قطع الطريق على إمكانية قيام "الإخوان المسلمين" بترشيح مرسي في الانتخابات المُقبلة، عن طريق جمع 25 ألف توكيل، خاصة وإنه لم يصدر بحقه حكم قضائي. إلا أنها اصطدمت برفض قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار مجدي العجاتي، نائب رئيس مجلس الدولة الذي عبر عن رفضه حرمان المحالين إلى المحاكم الجنائية بتهم جنائية من مباشرة حقوقهم السياسية حتى صدور حكم قضائي في الاتهامات الموجهة إليهم، وذلك بعد مداولات استمرت لأكثر من 4 ساعات اليوم السبت انتهت إلى رفض التعديل المقترح على قانون مباشرة الحقوق السياسية. وأكد العجاتي التشريع أن مشروع التعديل المقترح يقيد من الحرية الشخصية دون سند من الدستور، كما أنه يخالف المبدأ الدستوري والشرعي والدولي الذي يقضي بأن الأصل في الإنسان البراءة. وأضاف أن النص المقترح يرتب جزاءً يوقع على الشخص المحال تلقائيًا ودون حكم قضائي بما يمثل اعتداء من السلطة القائمة على التشريع على اختصاصات السلطة القضائية، كما أنه يمثل وقف مباشرة الحقوق السياسية للمحال إلى المحاكمة الجنائية ومن المشاركة في الحياة العامة طيلة المدة التي حددها النص المقترح دون مقتضى من الدستور. من جهته، قال المستشار أحمد الخطيب، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، إن تعديل الحكومة على قانون مباشرة الحقوق السياسية بحرمان المحبوسين احتياطيًا من حق الترشح، يتعارض مع صحيح الدستور والذي نص صراحة على أنه لا يجوز توقيع عقوبة إلا بحكم قضائي. وأضاف الخطيب، أن "الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية عقوبة ومن ثم لا يجوز تطبيقها على من يتم محاكمته طالما لم يقضى بإدانته حتى لا تتحول إلى مدخل لتصفية الحسابات السياسية ومنع المرشحين المحتملين من مباشرة ذلك الحق". وأشار إلى أن الشعب المصري ليس في حاجة لمثل هذه النصوص لحمايته من ترشح رموز الأنظمة السابقة، فلديه القدرة على رفضهم إذا ما أرادوا خوض انتخابات الرئاسة أو غيرها بعيدًا عن إصدار تشريعات مثيرة للجدل القانوني. ووصف ما يثار حول أن هذا القانون يحول دون ترشح الرئيسين السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي والمحبوسين احتياطيًا بأنه "انحراف تشريعي"، مبررًا بأن "القوانين لاتصدر لمواجهة أشخاص بذاتهم وإنما يتعين أن تتسم بالعمومية والتجريد حتى لا تكون محلاً للطعن بعدم الدستورية تفاديًا لأية أزمات سياسية تعرقل عملية التحول الديموقراطي".