شدد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، على أن مقاومة التطعيم الآمن ضد مرض شلل الأطفال والإفتاء بتحريمه يعد نوعًا من أنواع الاعتداء الموجب للعقاب شرعًا بقدر الضرر المترتب عليه. كما طالب شومان بضرورة قيام علماء الأمة بدعم حملات التوعية ضد مرض شلل الأطفال، ونشر الوعي السليم بخصوص مقاومة الأمراض وعلاجها، وضرورة التصدِّي لبعض الفتاوى التي ظهرت في الآونة الأخيرة، والتي تحرّم التطعيم ضد مرض شلل الأطفال في دول شرق آسيا وغيرها من الدول الأفريقية؛ حيث إنَّ هذا المرض يُمثِّلُ خطورة كبيرة؛ لأنه يُعرِّضُ الأطفال للموت أو الشلل في بعض الأطراف. كما أدان شومان استغلال حملات التطعيم ضد شلل الأطفال وغيرها من أعمال القوافل الإنسانية في غير الغرض الإنساني الذي خصصت له مطالبًا القائمين عليها خاصة منظمة الصحة العالمية بأخذ التدابير اللازمة لمنع المندسين بين صفوفها للقيام بأعمال غير مشروعة كالتخابر وجمع المعلومات والتبشير وغير ذلك من الأعمال التي تضر بمصداقية هذه الحملات وتسهم بقدر كبير في الترويج لهذه الفتاوى الباطلة المحرمة للتطعيم.
وطالب شومان في كلمته أمام الاجتماع الأول للفريق الاستشاري الإسلامي العالمي المعنيّ باستئصال مرض شلل الأطفال الذي عقدته الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بجدة, بتشكّيَل حملات للتوعية بالمناطق الموبوءة تتكون من الأطباء المتخصصين، وفي صحبتهم شيوخ وعلماء من الأزهر للمشاركة في التوعية بضرورة التطعيم ضد هذا المرض، ودحض الاعتقادات الفاسدة التي تعوق ذلك.
كما أكّد وكيل الأزهر ضرورة التواصل مع وسائل الإعلام لتبني حملات متتابعة لمكافحة شلل الأطفال بكل السبل.
كما أشار شومان إلي اهتمام الأزهر منذ إنشائه بالصحة العامة للناس ودعم قضايا الطفل، وإصداره لوثيقة الطفل في الإسلام عام 1992م، إضافة إلى الإصدارات التي تتعلق بحقوق الطفل في الإسلام بعناية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.
وثمّن وكيل الأزهر دور المؤسسات التي تعني بالطفل وتعمل على نشر الثقافة الصحية وسبل الوقاية، ومنها منظمة الصحة العالمية, مؤكدًا انزعاج الأزهر من بعض حملات التشكيك التي تتعرض لها منظمة الصحة العالمية وجهودها الخاصة بحملات التطعيم ضد مرض شلل الأطفال بمزاعم لم يثبت العلم صحتها وكذّبها الواقع, ما أدى إلى انتشار المرض في بعض الدول. وأشار شومان إلى أن التقارير التي تأتي للأزهر من المؤسسات والمنظمات المعنية بهذا الأمر تشير إلى أن السبب الرئيسي في انتشار هذه الأفكار في بعض المجتمعات الإسلامية هو الجهل من البعض ورفض التطعيم خوفًا من الإصابة بالعقم وهذا الأمر أوجب على الأزهر أن يتحمل المسئولية لتوضيح الحقائق للجميع والتأكيد علي أن التطعيم كعلاج وقائي للأمراض هو من مقاصد الشريعة الإسلامية.
وأضاف شومان أن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ناقش أكثر من مرة بعض الآراء التي تحرّم تطعيم الأطفال ضد مرض "شلل الأطفال"، وأصدر المجمع رأيه بمطالبة جميع الآباء والأمهات ألا يتبعوا تلك الفتاوى التي تحرم التطعيم ضد هذا المرض الخطير؛ حيث يقول سبحانه: "قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم".
وشدّد وكيل الأزهر على أن الأزهر لا يمكن أن يدّخر جهدًا في خدمة القضايا الإنسانية، خاصة التي تهدف إلى حماية البشرية من الإصابة من الأمراض الخطيرة، وأن الأزهر يتحفظ دائمًا على كل القضايا التي تمسّ عقيدتنا وشريعتنا من قريب أو من بعيد، ويساند بقوة التطعيم ضد شلل الأطفال لموافقته لمقاصد الشريعة الإسلامية بل يراه واجبًا شرعيًا وأدان شومان الأعمال الإجرامية التي تتعرض لها القوافل الطبية من قبل متشددين لا يفقهون شيئا في أمور الدين، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن جلبَ طعامًا إلى مصرٍ مِن أمصارِ المسلمينَ كانَ له أجرُ شهيدٍ"، فكيف بمن يسعون في حماية الناس من الأمراض الفتاكة والأوبئة القاتلة بجلب الأدوية والأمصال إليهم في مختلف الأمصار معرضين أنفسهم للمخاطر والهلكة.