لاشك أن زلزال الثورة قد أزاح الغطاء الثقيل عن كل ألوان الفساد الذي ضرب بجذوره في كل أركان مصر والذي وصفه أحد أقطابه بأنه للركب، واليوم تتوالى البلاغات عن كثير من جوانبه وأساليبه، والبقية آتية لا محالة فلن يفلت أحد من العقاب والمحاسبة مهما بدت مهارة التغليف والتغييب. وما أود أن ألفت الانتباه إليه في حلقات الفساد والإفساد ما يدور في جامعات مصر حول مشروع الجودة وعوائده المادية ، وما يجمع من الطلاب رغم ادعاء المجانية وكيف تستغل هذه الأموال . فرؤساء الجامعات ونوابهم وعمداء الكليات يضعون أنفسهم علي قوائم وليمة الجودة المشابهة لقوائم البركة القديمة ، وبالطبع يتصدرهم وزير التعليم العالي هاني هلال دون أي إضافة أو تخصص أو ضرورة أو حتى حضور فالمسألة هي توزيع غنائم فيصل نصيب المجاهد منهم إلي ما يقرب ربع مليون جنيه سنويا دون وجه حق ، والمشاركون الفعليون يحصلون علي الفتات ، ويشارك الجميع في اختراع برامج لأعضاء هيئة التدريس يدفعون عنها مبالغ طائلة لأنها مفروضة علي مسيرة ترقياتهم . والمأمول من الدكتور أحمد جمال الدين موسى أن يوقف هذا الملف الفاسد الذي لم يحدث ولن يحدث أي جدوى للتعليم، ويوقف هذه الدورات الهزلية . وبقي علي الثوار الذين يريدون إعادة بناء مصر أن يوقفوا فسادا هم صناعه من وقتهم ومن غفلتهم ومن جيوبهم ويتمثل في قدر الإنفاق علي شراء أشرطة الغناء الهابط وحضور حفلات الفنانين المتلونين مع كل عصر ولا يهتمون بمبادئ بقدر اهتمامهم بنزف ما في جيوب الغلابة حتى يعيشون بها في الملاهي والقصور، ويزيد حجم عتوهم وفسادهم واستفزازهم للفقراء من شعب مصر . وكذلك ما ينفق علي دور السينما في أفلام العهر والفجر دون الأعمال الفنية الراقية كعمر المختار والناصر صلاح الدين وملوك الطوائف وغيرها، واختزال الفن في الرقص والعري والتملق ومساندة الفاسدين . وأيضا وقف الإنفاق علي مباريات الكرة التي ارتبط الحضور فيها بالوفاء واعتبار من يداوم علي العمل والإنتاج وعدم التزويغ ومحاولة إرضاء الله لا يتمتع بصفة الوفاء لمصر بعد أن علقوا مستقبل مصر في أرجل لا عبينا وأصبحوا هم وحدهم ممثلوها. هذا هو الفساد الذي نصنعه بأنفسنا دون الالتفات إلي مساعدة الفقراء في شكل جمعيات أهلية تقوم علي ما ننفقه في مجالات الفساد، والبحث عن مشاريع تعين المعوقين والعاطلين والمعوزين التي تقلل من حجم البطالة والجريمة فنكون رقما في بناء بلادنا . إننا قادرون علي استثمار الوقت فنعيد دور المساجد والكنائس في تنظيم فصول محو الأمية سواء أمية القراءة أو أمية الثقافة دون انتظار دور حكومي، فعيب علي أهل مصر التي تصدرت تاريخ البشرية بالنظام والعلم أن تعاني فيها نسبة كبيرة فيها من الأمية . إننا قادرون علي عقد دورات كمبيوتر للعامة من الناس ولأبناء الفقراء بدلا من الإنفاق علي الهزل ودعم الفئات التي لا تسهم في زيادة إنتاج بلادنا. فيمكننا مساعدة الساعين للزواج بالقدر القليل مساهمة في دعم استقرار الشباب ومنع الرزيلة والتحرش . إننا قادرون علي تكوين جمعيات أهلية لمساعدة الناس لقضاء مصالحهم لدي الجهات الحكومية وعرض مظالمهم لجهات الاختصاص ومتابعتها من ذلك القليل الذي ننفقه بإرادتنا في الفساد . إننا قادرون علي أن نقضي أوقات فراغنا أو نستثمر وقت الذين لم يجدوا عملا في جوانب تسهم في البناء فبلادنا تستحق منا الكثير، ولأذكركم بقول زعيم الرومانسية مصطفي كامل " قل لهم بالله عليك أتسألني مصر أن أنقذها وحدي ؟ هل طالبتني بشئ في طاقتي ولم آتيه ؟ لتسأل ما تشاء فأنا ابنها الأمين الذي لا يعصي لها أمرا . فهل نستطيع أن نثور علي أنفسنا ويكون كل واحد في داخله ميدان التحرير ؟ مؤرخ مصري