أستاذ جمال: قرأت مقالكم بالأمس (لعدد السبت) ومع وافر الإحترام فإن حركة المجلس العسكري بطيئة بعض الشيء - وهو بطئ يذكرنا ببطئ الرئيس المخلوع الذي كان أحد أسباب إنهيار مصر كما هو حالها الأن. قد يكون مرد هذا هو عدم إستعداد المجلس للقيام بتحركات غير مدروسة خاصة وهو قد تسلم السلطة بدون إستعداد - لكن هذه الدراسة هي المشكلة إذ أنها تتم بعد الإستئناس بأراء لا نعرف أصحابها وكما يبدو تتم بنفس العقلية التي كانت سائدة في عصر الحكم البائد. الملاحظ أيضاً أن المجلس العسكري يقوم بعملية تصفية لجميع عناصر ما كان يطلق عليه الحرس الجديد - إذ أن أقطاب العصر البائد من أنصار الحرس القديم (سرور - عزمي - صفوت - مفيد (وهو على الوجهين) وغيرهم) لم يمسهم سوء تقريباً وأعطوا الكثير من الفرص والوقت الذي يسمح لهم بأن يقوموا بإخفاء كل ما من شأنه إدانتهم مثل زكريا عزمي الذي تواترت الأخبار عن قيامه بإعدام (فرم) آلاف الوثائق من مكتبه. كما أن إستمرار بعض الوزراء - وقد تغير بعضهم مؤخراً - كان مؤشراً على نفس العقلية والسبب وهو إعطائهم فرصة لملمة أوراققهم. المشكلة الكبرى التي تثير حقاً هو إستمرار القيادات الصحفية للصحف الحكومية (إلى أن تعود ملكيتها للشعب) من رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير ممن لا يزالون يصرفون الملايين - كما أن منطق العزبة لا يزال حاضراً وبقوة من خلال الأسماء العجيبة التي سمح لها أن تكتب بصحيفة كالأهرام مثلا. إن نظرة واحدة على موقعها يجعل المرء يشك أنه في موقع صحيفة عريقة وليس موقعاً مخصصاً لأطفال (الشكل - اللغة - حجم الكتابة و غيرها) كما أن مجرد الذهاب لصفحة الأعمدة يجعلك تشعر أنك في قهوة معاشات أو مخزن للكتاب إذ أن كل رؤساء الأهرام السابقين - عدا أستاذ هيكل - ونحن نعرف من هم - إستقل كل منهم بعمود دون أي وجه حق وكلنا يعرف أنهم كانوا يسبحون بحمد النظام السابق صباح مساء - وقد تحولوا فجأة (سبحان الله) إلى مناصرين للثورة بل وإدع الفقي أنه قد تنبأ بها ومنذ 2004! لا يزال محافظو الحزب الوطني كما هم - ومنهم المحافظ المزمن للقليوبية وهو بالمناسبة لا يجب أن يسمح له بالعودة للقضاء حتى لا يسبب لهم أزمة لفساده الذي لابد سيظهر. كما أن رجال أعمال كبار لا يزالون مطلقي الصراح مع ما نعرف عنهم والكثير الكثير من المسؤولين وأعضاء الصف الثاني بالوزارات ممن كانوا المحرك الرئيس للفساد. أما المشكلة الكبرى فهي بحق جهاز الشرطة بكامله. ما قاله وزير الداخلية هو عين ما يؤمن به - وإذا كان هذا حقه فإن من حقنا أن نتتشكك في نواياه وفي نوايا وزارة أحمد شفيق بالكامل - إذ أن كون الوزير حديثاً في منصبه ولم يتسن له الوقت الكافي ليتعلم السياسة وألاعيب اللعب بالكلام - قد نطق لسانه (ولسان مديرو أمنه - كما في الفيديو المنشور على الإنترنت) بالسياسة الفعلية التي يتبعها أحمد شفيق (وبالمناسبة أنا أعرف كيف حصل على شهادة الدكتوراه خاصته ومن قام له بها) وهي محاولة إحتواء الثورة بكاملها حتى تمر "الأزمة". يبقى اللغز الكبير في موقف المجلس من العائلة الحاكمة السابقة! حتى الأن لم يقدم جمال مبارك وعلاء مبارك للمحاكمة وهو أمر غريب إذا أن كل طفل في مصر يعرف كيف قاما بجمع ملياراتهم. يقف اللغز عصياً على الحل والأمر جد بسيط: من أين لهما بالمليارات؟ هل لديهما مستندات تثبت كيف بنيا إمبراطوريتهما!؟ إنني أرى أن هذه أسهل قضية فساد يمكن أن نبدأ بها - لا أن نتركها دون حل. كما أن الفساد والعته الذي صاحب ميزانية الدولة للصرف على مشروعات "السيدة الفاضلة" ومصروفاتها الشخصية (من زينة وملابس وعلاج وأدوية وعمليات تجميل) كانت كلها محملة على خزتنة الدولة وغيرها الكثير. غير أن الأمر قد يكون سهلاً إذا ما علمنا أن النائب العام ذاته لم يتغير بعد ولم تحرر سلطاته كاملة ليقوم بدوره كنائب للشعب. كنت أظن أن المجلس العسكري متأن بحكمة ليختار مواضع خطواته - غير أن نشر الفيديوها الخاصة برموز الحرس الجديد أثناء ترحيلهم وأثناء محاكماتهم أثار لدي الكثير من الشكوك التي لن تنمحي إلا برؤية مصر جديدة تماماً إذ أنني متأكد أن المجلس العسكري سيظن أنه أتي بالخوارق لمجرد أن الدستور عُدّل لتكون مدة الرئاسة 4 سنوات ولمدتين فقط وهذا أمر رائع لكن نريد فقط أن تحصن المادتين دستورياً لحمايتهما من العبث. السادة أعضاء المجلس العسكري - لا ينكر إنسان أنه لولا وقفتكم الرائعة مع الشعب لكان القتلى بالآلاف حتى يتولى الننوس جمال مبارك رئاسة الدولة وهو موقف نشكره لكم وإن كان لا شكر على واجب. ومع كل الإحترام والتقدير للمجلس: مصر بها أكثر من ثمانين مليون إنسان و من السهل إستبدال المجموعة الصغيرة التي يتم تحريكها كل فترة بنظام لعبة الكراسي؟ Masry in USA