· د. صفوت حجازى تلقى اتصالا من قيادى بالحزب الوطنى أخبره بالهجوم على التحرير ونصحه بالمغادرة لأن من سيقبض عليه سيقتل · كانت الخطة تقتضى أن تهجم الجمال والخيول والحمير فتجعل الثوار يتراجعون ويهربون ويحتل أنصار الحزب الوطنى القادمون خلف الجمال الميدان · تم تسريب الشائعات بأن صفوت حجارى سيعود ب5 آلاف من الثوار وأن الدكتور البلتاجى سيأتى ب20 ألف من شبرا لتحفيز الهمم ورفع الروح المعنوية · أولى الطلقات يوم الجمل من أحد ضباط الجيش مسيحى الديانة يدعى ماجد وأطلق بعض الطلقات على البلطجية الذين اعتلوا بعض العمارات فى شارع طلعت حرب كما أطلق الجيش بعض الطلقات الإنذارية لإبعاد البلطجية وتخويفهم · بعد تلقى الصدمة بدأ الإخوان يطمئنون الثوار بأنهم معهم حتى الشهادة ولن يغادروا الميدان مهما حدث وكان لفتوى الدكتور يوسف القرضاوى ودعائه للثوار أثر كبير فى اشتعال الحماسة · بعد موقعة الجمل بدأ الثوار يهتفون لأول مرة الشعب يريد إعدام السفاح لأن ما حدث زاد من قناعتهم بأن النظام سيسقط لا محالة
تظل معركة الجمل لغزًا محيرًا ومليئة بالمشاهد والأسرار التى لم ترو بعد . فقد كانت بمثابة الدب الذى قتل صاحبه فلم يدر المخططون لها أنهم كانوا على موعد مع أكبر هدية تقدم للثورة المصرية بعد خطاب مبارك العاطفى فى الأول من فبراير 2011 والذى استطاع من خلاله أن يستميل عواطف المصريين ويشق صف الثوار ويتخذ كثيرون قرارهم بفض الاعتصام والعودة لبيوتهم ولو تركت الأمور تسير سيرا طبيعيا فلربما كنا مازلنا حتى اللحظة نرى مبارك فى قصره معززا مكرما ومن قام بالثورة يحاكمون الآن بدلا منه . ولكن الله ساق موقعة الجمل بكل ما فيها من آلام ودموع لتمد الثورة الوليدة حينها بالوقود الكافى لإكمال مسيرتها نحو إسقاط مبارك ونظامه . وفى الذكرى الأولى للثورة المصرية العظيمة كان لابد من محاولة الولوج إلى أسرار ذلك اليوم الملحمى الرائع الذى عرف إعلاميا بموقعة الجمل . الدكتور صفوت حجازى أحد فرسان موقعة الجمل يروى تفاصيلها فى شهادته على الثورة على قناة الجزيرة الذى اعتبر فيها أنه لولا معركة الجمل لكانت الثورة انتهت وانفض الناس وكانوا قد فكروا فى أماكن يهربون إليها خشية من الانتقام من النظام وصباح الأربعاء 2/2/2011 كانت الأعداد قليلة جدًا" أقل من أى يوم عادى حيث كانت الأعداد لا تزيد عن 20 ألفًا فى الصباح الباكر بينما وصلت ل50 ألفًا بعد الظهيرة , ففى حوالى الساعة 12استقبل الدكتور صفوت مكالمة هاتفية من أحد رجال الأعمال المقربين من الحزب الوطنى وأبلغه أن الحزب يجهز لحملة على ميدان التحرير بالجمال والخيول لاحتلاله وطرد المتظاهرين وأن عليه أن يغادر الميدان لأن من سيقبض عليه سوف يتم قتله , وفى تمام الساعة الواحدة استقبل مكالمة ثانية من نفس الشخص وأخبره أن الهجوم سيكون من جهة كوبرى أكتوبر وميدان عبد المنعم رياض , فبدأوا يقوون المتاريس هناك , وكانت الخطة تقتضى أن تهجم الجمال والخيول والحمير فتجعل الثوار يتراجعون ويهربون ويحتل أنصار الحزب الوطنى القادمون خلف الجمال الميدان , أما الهجوم فقد بدأ قبل العصر ودخلت الجمال والأحصنة بالفعل الميدان واقتحمت المتاريس ووصلوا إلى ( صينية ) الميدان ولم يصلوا إلى عمر مكرم وبدأ الشباب يقفز على الجمال والأحصنة ويسقط من عليها وتكبل الجمال والأحصنة وهذا لم يتسغرق أكثر من ربع ساعة , والخطأ الذى حدث أن المشاة القادمين خلف الجمال تأخروا فاستطاع الشباب أن يسيطروا على الجمال ويغلقوا الفجوة التى حدثت واستعدوا لصد المشاة والذى لم يكن أغلبهم من البلطجية ولكنهم عمال فى شركات رجال الأعمال الذين تربطهم علاقات قوية بالنظام وإصرار الشباب جعلهم يتراجعون ولا يقاومون كثيرا" وكانت هذه المرحلة الأولى من المعركة التى انتهت قبل المغرب ولم تسفر عن إصابات تذكر . المرحلة الثانية بدأت بعد المغرب وهى معركة الحجارة والمولوتوف حيث وصلت عربات نقل فوق كوبرى أكتوبر محملة بحجارة من الرخام وهى أخطر بكثير من الحجارة العادية وبدأ البلطجية يلقون هذه الحجارة والمولوتوف على الشباب مما أدى إلى سقوط ثلاثة شهداء , فقامت النساء بقلع البلاط بالميدان وتحطيمه بينما قامت مجموعة أخرى من الرجال والنساء بنقل هذه الحجارة للشباب عن طريق حمل الحجارة فى ملابسهم فى حين قام فريق ثالث من الشباب بجمع الحجارة التى تلقى عليهم ليتم استخدامها فى الرد على البلطجية واخترع الشباب بعض الأشياء لحماية رءوسهم مثل ارتداء الخوذ والحلل والزجاجات البلاستيكية , وبدأ الشباب يرهق ويفتقد الحماسة , فاختفى الدكتور صفوت وتم تسريب شائعات بأن صفوت حجارى سيعود ب5 آلاف من الثوار وأن الدكتور البلتاجى سيأتى ب20 ألف من شبرا لتحفيز الهمم ورفع الروح المعنوية , وقاد صفوت حجازى مجموعة من الشباب المتواجد بالقصر العينى ومسجد عمر مكرم وأتى بهم إلى عبدالمنعم رياض بالهتاف والتكبير ونفس الأمر حدث مع الدكتور البلتاجى وهو ما أشعل همة وولع الشباب حيث ظنوا أن المدد جاء وإستطاعوا أن يحتلوا كوبرى أكتوبر وإنتهت هذه المرحلة فى حوالى الساعة 12 ليلا" . المرحلة الثالثة بدأت بعد الساعة الثانية عشر والتى استخدم فيها الرصاص الحى , وكانت أولى الطلقات فى هذا اليوم من أحد ضباط الجيش مسيحى الديانة يدعى ماجد عندما أطلق بعض الطلقات على البلطجية الذين اعتلوا بعض العمارات فى شارع طلعت الحرب كما أطلق الجيش بعض الطلقات الإنذارية لإبعاد البلطجية وتخويفهم , ولكن بعد الساعة 12 بدأ القناصة يعتلون فندق هيلتون رمسيس وعمارة ماسبيرو , وكانت أعداد البلطجية قد تزايدت بشكل كبير على كوبرى أكتوبر وقاموا بالاعتداء بشكل وحشى على الشباب بالسيوف مما دفعهم للتراجع إلى المتاريس وفى الساعة الثانية مساء بدأ إطلاق النار بشكل كبير من القناصة على الشباب خاصة فى المتراس الثانى لأن الأول كان يغطيه كوبرى أكتوبر ومع سقوط القتلى والمصابين بدأ الشباب يتركون المتراس الثانى متوجهين للثنالث وأصيب بعض الشباب عند الثالث فإحتموا خلف الدبابات وسقط فى هذا اليوم 15 شهيد مصاب بالرصاص الحى فى هذه المرحلة وحوالى 2000 مصاب فى هذا اليوم . إبتداء من يوم الخميس 3/ 2 بدأ الناس تقبل من كل مكان وجاءوا متحفزين لصد هذا الهجوم العنيف على الشباب العزل ولديهم شعور بالذنب لعدم تواجدهم يوم الأربعاء ووصل عدد الناس المتواجدة فى التحرير حوالى نصف مليون وإستمرت المناوشات والإشتباكات حتى فجر يوم الجمعة .
أما د/ أسامة يس إستشارى طب الأطفال والمنسق العام للإخوان المسلمين بميدان التحرير أيام الثورة فقد سجل شهادته - فى ذات الإطار - على الثورة واعتبر فيها أن بدء معركة الجمل تزامن مع دخول أنصار الحزب الوطنى الميدان والتجمع عند منافذ الميدان لإلهاء المتظاهرين عن التأمين وإضعاف المنافذ وبعدها بدأ هجوم الألوف بالجمال والخيول حاملين صور حسنى وكانت أعدادهم فى أقل تقدير بين ال5 إلى 7 اّلاف وأعمارهم ما بين ال18 إلى 35 سنة وكان بعضهم متعاطى للمواد المخدرة حتى لا يشعر باّلام كما كانوا مدربين على حرب الشوارع بينما فريق اّخر منهم كان من الموظفين فى شركات رجال إعمال الحزب الوطني وبدأوا هجومهم ككتلة بشرية واحدة مما أصاب الميدان بحالة كبيرة من الإرتباك وإخترقت المنافذ بسهول نتيجة الصدمة ودخلوا حتى وصلوا لتمثال عمر مكرم , حيث كانت أعداد المتواجدين بالميدان قليلة , ومن جهة قصر النيل كانت هناك معركة طاحنة فى نفس الوقت وكان يتواجد فيها حوالى 1000 شخص من شباب الإخوان أصيب نصفهم بإصابات بالغة جراء المعارك القوية هناك ,
مفاجأة الهجوم أصابت قيادة الإخوان الميدانية المكونة من قيادات الإخوان من المحافظات بالإضافة للقاهرة بالإرتباك الشديد , وكان من الصعب أن يستطيع أحد الدخول للميدان من خارجه طوال يوم معركة الجمل فلم يأتى أى مدد من الخارج ومن حاول الدخول إعتدى عليه البلطجية وأصابوه بالعديد من الطعنات فى جسده .
وبعد تلقى الصدمة بدأ الإخوان يطمئنوا الثوار بالميكروفونات بأنهم معهم حتى الشهادة ولن يغادروا الميدان مهما حدث وكان لفتوى الدكتور يوسف القرضاوى ودعاءه للثوار أثر كبير فى إشتعال الحماسة , وبدأ الشباب ينقض على الجمال والأحصنة من الجنب وليس من الأمام ويسقطوا من عليها ويسيطروا عليها وبالإضافة لضرب الأحصنة بالعصى على أقدامها مما ساهم فى سقوطها . ثم بدأت معركة العمارات تشتعل بعد المغرب حيث إستطاع البلطجية أن يصعدوا أسطح ثلاث عمارات وألقوا الملوتوف والرخام المكسر والخشب المحروق على المتظاهرين مما أوقع العديد من الإصابات فى صفوفهم , فقام الشباب الثائر على إثرها بتكوين متاريس من السيارات المحروقة والسيارات المعطوبة والصاج وخلافه , كما سمح موظفو شركة المقاولون العرب للثوار بإستخدام كل إمكانيات مشروع المقاولون العرب بميدان التحرير فأخذ الثوار منهم الحديد والشواكيش والصاج لتكوين الحواجز , وكون إخوان الفيوم أربعة صفوف كدروع بشرية لمنع أى تقدم للبلطجية لميدان التحرير . ثم دخل الشباب أول عمارة يحتلها البلطجية واستطاعوا أن يقبضوا عليهم وأبرحوهم ضربا" واكتشفوا أنهم من الحزب الوطنى وجهاز أمن دولة كما أن فيهم بلطجية مأجورين حصلوا على أموال بدء" من 50 جنيها إلى 400 جنيه , وقام الثوار من فوق سطح العمارة الأولى بإلقاء قنابل الملوتوف على البلطجية المحتلين للعمارة الثانية مما دفعهم للقفز على الثالثة , وحاصرهم الثوار من الأسفل واستطاعوا أن يدخلوا ويقبضوا على 9 بلطجية فى العمارة الثالثة وحرروا العمارات الثلاثة وكونوا متاريس عند تمثال عبدالمنعم رياض ورفضوا الرجوع عنها مهما كلفهم الأمر .
وفى شهادته يوضح ياسين أن الوضع استقر من جانب قصر النيل مع دخول المساء بينما اشتعلت جبهة عبد المنعم رياض أكثر حيث اشتدت حدة الاشتباكات بين الثوار والبلطجية على كوبرى أكتوبر وكان للبلطجية قائد يحركهم بالليزر ويوجههم لتكثيف إلقاء الملوتوف على أماكن معينة , وعندما تمكن الثوار من السيطرة على كوبرى أكتوبر بدأ القناصة فى إطلاق الرصاص الحى على الثوار من فوق هيلتون رمسيس وقد شاهد الثوار ليزر القناصة يحاول أن يرصدهم وأصيب العديد من الثوار بالرصاص الحى وهو ما أدى إلى إصابة بعض الأطباء بالانهيار مما شاهدته أعينهم , واستمر إطلاق النيران حتى فجر الخميس , ومع طلوع النهار بدأ الناس يقبلوا من كل مكان لأنهم لم يكونوا قادرين على القدوم ليلا" لحظر التجول وتضاعفت الأعداد بشكل كبير فى ميدان التحرير وبدأ الثوار يهتفون لأول مرة الشعب يريد إعدام السفاح لأن ما حدث زاد من قناعتهم بأن النظام سيسقط لا محالة .