فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    مسئولة أممية أمام مجلس الأمن: الكلمات تعجز عن وصف ما يحدث في غزة    مندوب مصر بالأمم المتحدة: العملية العسكرية في رفح الفلسطينية مرفوضة    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات كثيفة شرقي مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    بعد اتهامه بدهس سيدتين.. إخلاء سبيل عباس أبو الحسن بكفالة 10 آلاف جنيه    تفاصيل طقس الأيام المقبلة.. ظاهرة جوية تسيطر على أغلب أنحاء البلاد.. عاجل    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    وزير الصحة: 700 مستشفى قطاع خاص تشارك في منظومة التأمين الصحي الحالي    مفاجأة.. شركات النقل الذكي «أوبر وكريم وديدي وإن درايفر» تعمل بدون ترخيص    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: لا حلول عسكرية في غزة.. يجب وقف الحرب والبدء بحل الدولتين    الصحة: منظومة التأمين الصحي الحالية متعاقدة مع 700 مستشفى قطاع خاص    هل يرحل زيزو عن الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية؟ حسين لبيب يجيب    «بيتهان وهو بيبطل».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على انتقادات الجماهير ل شيكابالا    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    وزير الصحة: العزوف عن مهنة الطب عالميا.. وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    اعرف موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة المنيا    محمود محيي الدين: الأوضاع غاية في التعاسة وزيادة تنافسية البلاد النامية هي الحل    أحمد حلمي يغازل منى زكي برومانسية طريفة.. ماذا فعل؟    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    «بلاش انت».. مدحت شلبي يسخر من موديست بسبب علي معلول    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    خط ملاحى جديد بين ميناء الإسكندرية وإيطاليا.. تفاصيل    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    مصطفى أبوزيد: احتياطات مصر النقدية وصلت إلى أكثر 45 مليار دولار فى 2018    7 مسلسلات وفيلم حصيلة أعمال سمير غانم مع ابنتيه دنيا وايمي    دونجا: سعيد باللقب الأول لي مع الزمالك.. وأتمنى تتويج الأهلي بدوري الأبطال    سائق توك توك ينهي حياة صاحب شركة بسبب حادث تصادم في الهرم    الاحتلال يعتقل الأسيرة المحررة "ياسمين تيسير" من قرية الجلمة شمال جنين    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    وزير الرياضة يهنئ منتخب مصر بتأهله إلي دور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    على باب الوزير    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعدتها مجلة التبيان .. ندوة علمية تناقش " الشوري والتسامح" في هدي الرسول الكريم
نشر في المصريون يوم 23 - 01 - 2011

أكد المشاركون في الندوة الشهرية التي تنظمها مجلة التبيان أن القرآن الكريم جمع بين المستبدين والمستبَد بهم في مخالفة أمر الله.. هؤلاء بالظلم وهؤلاء بالصمت والخنوع، كما أن الشوري من أهم المبادئ الإسلامية التي تجمع ولا تفرق، وتضيف إلي الرأي رأيا آخر أو آراء أخري تؤدي إلي استقرار المجتمع وتقوية أركانه وتسهم إسهامًا بارزًا في القضاء علي الظلم والاستبداد والطغيان. جاء ذلك في الندوة التي حملت عنوان: «من جوانب عظمة الرسول " الشوري والتسامح» حاضر فيها: أ.د. إسماعيل الدفتار أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو مجلس الشوري، وتحدث فيها أ.د. محمد المختار محمد المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وقدم لها أ.د. محمد مختار جمعة الوكيل العلمي للجمعية الشرعية. في تقديمه للندوة أكد أ.د. محمد مختار جمعة أن الإسلام أرسي قواعد العدل والرحمة والتسامح والشوري في أسمي معانيها، وأن الشوري من أهم المبادئ الإسلامية التي تجمع ولا تفرق، وتضيف إلي الرأي رأيا آخر أو آراء أخري تؤدي إلي استقرار المجتمع وتقوية أركانه وتسهم إسهامًا بارزًا في القضاء علي الظلم والاستبداد والطغيان، مشيرًا في الوقت ذاته إلي أن غياب الشوري لا يؤدي إلا إلي مزيد من هذا الظلم، وهذا ما حكاه القرآن علي لسان فرعون حين قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَي} (النازعات : 24) وحين قال: {مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَي وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر: 29). مسئولية المجتمع وفي هذا الصدد يؤكد الدكتور محمد مختار جمعة تحمل المجتمع كله لتبعته في إقرار مبدأ الشوري لأن القرآن الكريم قد جمع بين الطغاة المستكبرين المستبدين وبين المستبد بهم الذين رضوا بالذل والهوان فقال سبحانه:{وَإِذ يتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَل أَنْتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَد حَكَمَ بَينَ الْعِبَادِ} (غافر: 47، 48). هذا خالف منهج الله فظلم وهذا خالف منهج الله فخنع ورضي بالذل والهوان ولم ينكر لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه. وأوضح فضيلته أن الشوري مسئولية الجميع وليست خاصة بالحاكم وحده فعلي الجميع (العلماء والعامة وعلي مستوي القاعدة العريضة) كلٌّ في محيطه، الرجل في بيته وفيما ولي عليه في مدرسة أو مستشفي أو مصنع أو شركة أو مجلس نيابي أو محلي.. ينبغي تطبيق الشوري علي كل المستويات. الشوري في حياة النبي
وفي مستهل حديثه أكد الدكتور محمد المختار المهدي أن جوانب العظمة عند النبي لا تعد ولا تحصي فهو الذي قال عنه رب العزة: {وَإِنَّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4) وقالت عنه كذلك السيدة عائشة رضي الله عنها: «كان خلقه القرآن»، ومن ثم فإن حياة النبي [ وسيرته العطرة فيها الكثير من الدروس والعبر التي تبني عليها الأمم وتقوم عليها أسس الحضارات الراقية. ويشير فضيلته إلي أن (الشوري) مصطلح قرآني تفرد به الإسلام، وهي أيضًا سلوك نبوي محمدي، وسلوك لصحابة الرسول. وتاريخ الإسلام كله كان نموذجًا لتطبيق هذه الشوري التي رفعها الله تعالي في كتابه العزيز إلي مستوي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وجعلها وسيلة من وسائل الحصول علي رضا الله سبحانه وتعالي وذلك في قوله تعالي: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَي بَينَهُم وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ينْفِقُونَ} (الشوري: 38)، ويحث الله تعالي نبيه الكريم علي الأخذ بمبدأ الشوري مع أصحابه فيقول عز وجل: {وَشَاوِرْهُم فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّل عَلَي اللَّهِ} (آل عمران: 159). والشوري مبدأ خطير ينبغي المحافظة عليه لأن فيه سلامة المجتمع كله، وقد حث الله تعالي علي هذا المبدأ حتي بين الزوجين في حال الطلاق أو الفرقة حافظ الإسلام علي حقوق الطفل في مسألة الرضاعة الطبيعية وعند تعذر الأمر علي الرضاعة لظروف ما، أوجب الإسلام التشاور بين الأم المطلقة وبين طليقها في هذا الأمر قال تعالي: {فَإِن أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا} (البقرة: 233). الشوري في الغزوات واستعرض فضيلة الدكتور محمد المهدي شوري النبي [ لأصحابه في أمور الدين والدنيا خاصة المتعلقة بأمور مصيرية مثل الغزوات فيشير إلي أنه في غزوة بدر أولي غزوات النبي [ استشار النبي أصحابه في بدء المعركة ثم قرر النبي [ دخول المعركة بعد أن قال له الصحابة رضوان الله عليهم: «لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد» واستشارهم كذلك في المكان الذي سينزل فيه الجيش، وحين سأله أحد الصحابة وهو «الحباب بن المنذر» عن هذا المكان الذي أشار به النبي [ قائلاً «هل هو منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم عنه أو نتأخر أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟» قال النبي [: بل هو الرأي والحرب والمكيدة» فقال الحباب: «ليس هذا بمنزل» ونزل النبي [ علي رأي الجندي وانتقل بالجيش إلي مكان آخر، ليكون درسًا للمسلمين عبر الأزمنة في معني الشوري التي لا تفرق بين الجندي والقائد فهذا النبي المعصوم الملهم ينزل علي رأي جندي في جيشه حين علم أن مصلحة الجيش ومقتضي الحاجة في ذلك. ثم كانت غزوة أحد التي أمر فيها القرآن الكريم النبي [ أن يشاور أصحابه برغم أنهم تسببوا في هزيمة المسلمين قال تعالي: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّل عَلَي اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران : 159)، فالنبي [ كان يري عدم الخروج لملاقاة العدو ولكن الشباب أشاروا عليه بالخروج، فلما وجد الرسول [ أن الأكثرية من الشباب تريد الخروج نزل علي رأيهم وتنازل عن رأيه ودخل النبي [ ليرتدي ملابس الحرب وحين خشي الشباب أن يكونوا أكرهوا النبي [ علي أمر لم يرده، ردوا الأمر إليه.. فقال النبي [ «ما كان لنبي لبس لَأْمة الحرب أن يخلعها حتي يحكم الله بينه وبين عدوه». وفي غزوة الخندق أشار سلمان الفارسي علي الرسول [ وعلي الصحابة بحفر الخندق وقال لهم: إن المدينة محصنة من الشرق والغرب وبقي الشمال والجنوب، ويهود بني قريظة كانوا في الجنوب وبينهم وبين النبي [ معاهدة حين قدم للمدينة في أن يدافع الجميع عن المدينة من أي خطر خارجي، فلم يبق غير الجزء الشمالي للمدينة فأشار سيدنا سلمان الفارسي بحفر الخندق حتي لا تتمكن الخيول من تخطيه. الرأي للأكثرية
وبعد استعراض تطبيق مبدأ الشوري في حياة النبي [ خاصة في أمور مصيرية مثل الغزوات ذكر فضيلته أن النبي [ كان يقر مبدأ «الرأي للأكثرية» وهذا ما حدث في غزوة أحد، ومن ذلك أيضًا أن اتخاذ القرار لا يمكن العودة فيه حتي لا تحدث بلبلة في المجتمع ومن ثم كان هناك مبدآن أقرهما النبي [ في الشوري الأول: أن الرأي للأغلبية، والثاني: أن تسير الأقلية علي ما اتفقت عليه الأغلبية مع عدم العودة عن القرار الذي اتخذته الأكثرية. من جانب آخر يؤكد أن استشارة النبي [ لأصحابه لم تكن في مبادئ أو أحكام أو ثوابت في دين الله لأنها أمور لا مجال فيها للتشاور ولا للاجتهاد وإنما كانت الشوري في وسيلة تنفيذ هذه الأحكام. الشوري والديمقراطية.
الفرق بين الشوري والديمقراطية
وهنا يشدد فضيلته علي أن الشوري في الإسلام تختلف اختلافًا كبيرًا وجوهريا عن الديمقراطيات الحديثة لأن الديمقراطية معناها: حكم الشعب للشعب، من ثم فهذا الحكم ليس له مرجعية إلا مصلحة الناس وما يتفقون عليه حتي وإن تعارض مع ثوابت وأحكام، فمثلاً إذا قال الناس "إن الزنا حلال" يكون حلالاً أو "حرام" يكون حرامًا!! وتنفذه المجالس النيابية.. وهنا لا مجال للحلال والحرام الذي جاء من عند الله تعالي، هذا في الوقت الذي تجد فيه شوري الإسلام محكومة بأحكام الإسلام القطعية. من جانب آخر يتحدث فضيلته عن سماحة النبي [ وعن عدله وعفوه فيقول: إن العفو والتسامح كانا كالخلقة في النبي [: مستعرضًا بعض المواقف في حياته [ والتي كان منها يوم الفتح العظيم لمكة المكرمة، فعلي الرغم مما فعله أهل مكة مع النبي [ حين اضطهدوه وآذوه وأخرجوه من أحب بلاد الله إلي الله ولاقي معهم شتي ألوان العذاب وبرغم ذلك قال لهم بعد نصر الله تعالي إياه في فتح مكة: «ما تقولون إني فاعل بكم» قالوا له: «أخ كريم وابن أخ كريم»، فتذكر النبي [ في هذه المنحة الإلهية موقف أخيه يوسف عليه السلام فقال لهم: «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين». فمواقف النبي [ كثيرة تبين خلقه العظيم وتسامحه كما يوضح فضيلته، فيتحدث عن موقف النبي [ وهو عائد من رحلة الطائف وقد آذوه وسخرو منه ورفضوا الدخول في دينه والنبي [ حزين يتألم جسديا والدم الشريف يسيل من قدمه ويتألم معنويا لعدم استجابتهم، وفي هذا الوقت العصيب، يأتي سيدنا جبريل عليه السلام عند مكان يسمي «قرن المنازل» ومعه ملك الجبال ليأمره النبي بما شاء، ونادي ملك الجبال علي النبي [ وقال «يا محمد، فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين»، فإذا به [ يقول «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده وحده لا يشرك به شيئًا».
مواقفه مع الأعداء يقول فضيلة الدكتور محمد المهدي متحدثًا عن تسامح النبي [ مع الأعداء: كان النبي [ يقاتل قبيلة غطفان، وكان نائمًا ذات يومٍ تحت شجرة وقد علق سيفه [ علي فرع شجرة، فتسلل أحد جنود غطفان وهو «غورة بن الحارث» وقام علي رأس النبي [ بسيفه وقال «من يمنعك مني؟» فقال له النبي [ «الله» فسقط السيف من يده فأمسكه النبي [ وقال له: «من يمنعك مني؟» فقال له الجندي: «كن خير آخذ»، فقال له النبي [: «تشهد أن لا إله إلا الله»، قال: «لا، ولكن أعاهدك علي ألا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك»، فخلي النبي [ سبيله وذهب هذا الرجل إلي أصحابه يقول لهم: جئتكم من عند خير الناس. ويشير فضيلته إلي أن حلم النبي وسماحته [ كانا خير وسيلة للدعوة إلي الله عز وجل فهذا موقفه [ مع ثمامة بن أثال من بني حنيفة من اليمامة، وكان قد أسره المسلمون وربطوه في سارية المسجد، فذهب إليه النبي [ وقال له «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: «عندي خير يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم علي شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت» فتركه النبي [ يوما وعاد ليقول له نفس الكلام مرة أخري وفي اليوم الثالث سأله النبي [ ماعندك؟ فقال ثمامة: «ما عندي قلته»، فأطلقه النبي [ من أسره، فإذا بثمامة بعد أن أطلق النبي سراحه يذهب ويغتسل من مكان بجانب الكعبة ويذهب للنبي [ ويقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، يا محمد ما كان علي الأرض وجه أبغض إلي من وجهك وقد أصبح وجهك الآن أحب الوجوه إلي، وما كان من دين أبغض إلي من دينك وأصبح دينك أحب إلي» وقد طلب من النبي [ أن يسمح له بالعمرة فسمح له النبي [، وحين سأله أهل مكة هل صبأت؟ فقال: لهم: لا بل أسلمت مع محمد، وقال لهم: «والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتي يأذن فيها رسول الله » حيث كان أهل مكة يستوردون الحنطة «القمح» من اليمامة، فاستخدم ثمامة سلاح المقاطعة ليمنع القمح عن مشركي مكة. وفي هذا الصدد يدعو الدكتور محمد المهدي إلي استشعار هذه المعاني الجليلة في أخلاق النبي وعلي رأسها التسامح والعفو عند المقدرة كما كان النبي [ يفعل مع الأعداء قبل المؤمنين حيث قال له الله تعالي: «واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين {وَاخْفِض جَنَاحَكَ لِمَن اتَّبَعَكَ مِن الْمُؤْمِنِينَ} (الشعراء: 215) فكان من مكارم الأخلاق التي حث عليها النبي [: «أن تعفو عمن ظلمك وأن تحسن إلي من أساء إليك وأن تعطي من حرمك».
الشوري والتسامح وجهان لعملة واحدة
من جانبه وخلال كلمته أشار أ.د. إسماعيل الدفتار إلي أن الشوري هي نوع من أنواع التسامح وهي قوة علي الأعداء وتصديق لخاتم الأنبياء، فالأتباع تكتسب قوتهم ومحبتهم، والأعداء يقدرون ذلك، كما يقول الله تعالي:{ادْفَع بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِي حَمِيمٌ وَمَا يلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت : 34 - 35). ويري الدكتور الدفتار أن الشوري مع أنها مصطلح إسلامي إلا أنها كانت مقررة خلال مراحل التاريخ البشري فقد روي قتادة بن دعامة تلميذ سيدنا أنس بن مالك وهو من علماء التابعين أن بلقيس ملكة سبأ التي لها قصة مع سيدنا سليمان عليه السلام كان لها 313 رجلاً من أهل الشوري يتولي الرجل الواحد منهم أمر مائة في المملكة يستشيرهم وتستشيره الملكة ويقول لها رأي الناس، فالشوري بالصورة البرلمانية كانت موجودة بين الناس عبر التاريخ البشري ولكن لم يكن لها حدود معينة أو ضوابط كما فعل الإسلام وجعل الإطار العام لها محكوماً بكتاب الله وسنة رسوله [. ويقول القرآن الكريم في حق بلقيس ملكة سبأ: {قَالَت يا أَيهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّي تَشْهَدُونِ} (النمل : 32). وفي هذا الصدد يري الدكتور الدفتار أن هناك فوارق بين الشوري وبين أي نظام برلماني في العالم كله في القديم والحديث لأن الشوري تطلب الرأي من الناس علانية وتقدم الدليل والرد علي الدليل فتتسم بالصراحة والوضوح والعلانية بين الناس، وهي تختلف عن الأنظمة الديمقراطية الأخري التي قد تبتعد عن ثوابت الدين. مبدأ الشوري عند النبي ويقول د. الدفتار إن النبي صلي الله عليه وسلم حرص علي أن يوجه المسلمين إلي العمل بالشوري في الأحوال التي ليس فيها نص من كتاب أو سنة أو يحتاج الأمر فيها إلي تفسير وتوضيح، فهناك حديث له عدة روايات يسأل الناس فيه النبي [ ما الذي نصنع إذا عرض لنا أمر ليس فيه شيء من كلام الله ولا من توجيه النبي ؟ فيقول النبي: "استشيروا ذوي الرأي من أهل العبادة والورع"، وفي حديث آخر قال النبي صلي الله عليه وسلم: «المستشار مؤتمن»، فالنبي يوجه أصحابه إلي الاستشارة وطلب المشورة من الصادق الأمين. ويري الدكتور الدفتار أن طلب النبي للاستشارة من أصحابه وأهله هو نوع من التسامح والمودة، ويقول سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه: «ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من النبي ». وإلي جانب استشارة النبي لأصحابه استشار أيضا النساء، فقد استشار [ السيدة أم سلمة في صلح الحديبية، وكانت استشارة في عبادة وفي مصير أمة، وحين أشاع بعض المنافقين الروايات الكاذبة علي السيدة عائشة في حادثة الإفك استشار النبي [ الكبار والشباب واستشار كذلك بريرة جارية السيدة عائشة. الشوري والصحابة
من ناحية أخري يؤكد الدكتور الدفتار أخذ الصحابة بمبدأ الشوري بعد النبي صلي الله عليه وسلم ، وضرب مثلاً بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان له مجلس شوري يضم ستة من الصحابة فكان يستشيرهم فيما ليس فيه نص من كتاب أو سنة، وحين طُعن عمر بن الخطاب وأدرك أنها النهاية قال لهم: اختاروا من أصحاب الشوري وقال لهم أيضا: إذا تعادلت الكفتان فرجحوا الجانب الذي به عبد الرحمن بن عوف، ولم يكتف عمر بن الخطاب بمجلس الشوري بل كان يجمع القراء (أي العلماء) والفقهاء بدين الله تعالي في هذه الفترة الأولي للعهد الإسلامي ويخصهم بالمشورة في أمور الدين والدنيا، وكان كثيرًا ما يسأل الناس في مجلسه ويطلب المشورة منهم لمعرفة رأيهم في أمور الرعية وأحوال المسلمين، فأكد صحابة النبي [ معني الشوري وتطبيقه تأكيداً كبيراً. ويري الدكتور الدفتار أن مواقف النبي العملية هي خير معبِّر عن سماحته فيقول الدكتور: إنه في غزوة أحد حفر المشركون حفرة وغطوها بورق الشجر فكان أن وقع النبي [ في حفرة من هذه الحفر فكسرت رباعيته وشج في وجهه وقطعت شفته ودخلت حلقات "الخوذة" التي كان يرتديها النبي في وجنتيه، وتذكر كتب السيرة كما يروي الدكتور الدفتار أنه عندما أراد الصحابة نزع الحلقتين من وجنتي رسول الله [ لم يستطيعوا نزعهما باليد خشية أن ينتزع العظم معها فتقدم أبو عبيدة بن الجراح وأمسكهما حلقة حلقة بأسنانه حتي كسرت أسنانه وهو ينزعهما عن النبي صلي الله عليه وسلم وكان سيدنا علي بن أبي طالب يأتي بالماء ويصبه والسيدة فاطمة رضي الله عنها تغسل الدم عن وجه الرسول ولكن الدم يسيل بغزارة ولا يتوقف حتي أخذت السيدة فاطمة قطعة من حصير فأحرقتها وحشت الجرح برمادها. في هذا الموقف الأليم والذي تحترق فيه قلوب المسلمين ألماً علي نبيهم [ شاهد أحد الصحابة حالة النبي فأخذته الشفقة وقال له: "يا رسول الله ألا تدعو الله علي المشركين الذين فعلوا بك ذلك" فقال النبي [: "لم أبعث لعنة وإنما بعثت رحمة، فاللهم أهد قومي إنهم لا يعلمون".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.